تقرير لصحيفة أمريكية يكشف دور الدولة العميقة لايران في سوريا
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا للكاتب "جوناثان سباير" يتحدث عن الدولة العميقة الأيرانية التي تتحكم بالنظام في سوريا، حيث يبدو أنها تتسارع ببطئ، في الوقت الذي يحاول الأسد إظهار نفسه أنه الرئيس الحقيقي للبلاد، إلا أن العكس هو الصحيح.
وقال سباير في تقريره أن إطلاق النار الاسبوع الماضي بين الميليشيات الإيرانية والقوات الأمريكية الموجودة في سوريا قد ألقى الضوء على عملية يكتنفها الغموض عادة، حيث باتت بمثابة تذكير بأنه بعيدًا عن اهتمام العالم، يستمر التعزيز البطيء للقوة الإيرانية في سوريا.
وسباير هو مدير الأبحاث في منتدى الشرق الأوسط ومدير مركز الشرق الأوسط للإبلاغ والتحليل. ومؤلف كتاب «أيام الخريف: "رحلة مراسل حربي في سوريا والعراق".
وأشار سباير في تقريره أن غارات ال23 مارس بطائرة إيرانية بدون طيار، التي تبنتها ميليشيا مرتبطة بطهران يدعى "لواء الغالبون"، على حقل العمر النفطي (الذي توجد به منشأة أمريكية)، لم يكن هجومًا عشوائيًا، فقد كانت هذه أحدث خطوة في عملية تصعيد أصبحت أكثر وضوحًا في الأسابيع الأخيرة.
شدد سابير على أن سوريا باتت تحظى باهتمام العالم هذه الأيام، فإنها عادة ما تكون في تقارير تفصل العودة البطيئة لنظام الأسد إلى الشرعية الدولية، حيث أعادت مصر وتونس والإمارات العربية المتحدة العلاقات، ويبدو أن المملكة العربية السعودية مستعدة لفعل الشيء نفسه. ومع ذلك، فإن محاولات نظام الأسد لإبراز صورة الحياة الطبيعية بعد الحرب يكذبها الوضع على الأرض.
ونوه التقرير أنه بعد 11 عامًا من الحرب، يسيطر بشار الأسد على حوالي 60٪ فقط من البلاد، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يهيمن عليها الأكراد على المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات، والتي تشكل حوالي 30٪ من سوريا، بينما يسيطر الأتراك وحلفائهم من الجيش الوطني السوري والقوات الجهادية السنية الأخرى، على 10٪ المتبقية من الأراضي، في أقصى شمال غرب سوريا.
ووقعت الاشتباكات الأسبوع الماضي بين القوات الأمريكية والايرانية على طول خط الصدع المتوتر بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام التي تمتد إلى حد كبير على طول مسار النهر.
وذكر سباير أنه حتى عندما يطير الأسد إلى العواصم العربية ويقدم نفسه على أنه حاكم البلاد، في حين يخترق هيكل إيراني قوي نظام الأسد ويعمل خارج سلطته.
وعبر سباير أن هذا الهيكل الإيراني يحتفظ بقواعده وأسلحته ومناطق سيطرته التي لا تستطيع قوات الأسد الدخول إليها دون موافقته، من بينها المعبر الحدودي بين القائم بالعراق والبوكمال بسوريا، كما تعد قاعدة الإمام علي القريبة من المعبر أكبر المرافق العديدة الخاضعة لايران، حتى أن الطرق من البوكمال إلى الميادين ثم غربًا نحو الحدود مع إسرائيل ولبنان، يسيطر عليه هذا الهيكل الأيراني أيضا .
وأشار أن هيكل القوة الايراني المستقل هذا هو الذي هاجم المنشأة الأمريكية في حقل العمر النفطي الأسبوع الماضي.
وأكد أن إسرائيل تسعى لتعطيل هذا الهيكل، حيث أخبره مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، يعقوب عميدرور، أن إسرائيل دمرت ما يصل إلى 80٪ من قدرة إيران العسكرية والأسلحة في سوريا، لكن على الرغم من نجاحات إسرائيل، يستمر المشروع الإيراني في ترسيخ نفسه.
وتعتمد الطريقة الايرانية حسب سباير، وهي المتبعة في العراق ولبنان على إدخال نوع من الدولة العميقة، التي تسيطر عليها طهران، داخل الهياكل الرسمية للدولة المستهدفة، فيصبح من الصعب تحديد السيطرة الايرانية من السيطرة الرسمية للدولة.
وذكر سباير أنه يمكن العثور على مثال على مدى انتشار هذه العملية في هويات بعض الرجال الذين قتلوا في الضربة الأمريكية الانتقامية، حيث أشار لدراسة قام بها الباحث العراقي البريطاني أيمن جواد التميمي، أن السير الذاتية لاثنين من الرجال الذين قتلوا في الضربة الأمريكية وهم "رضوان عاصي وإياد خساكي"كانا قد انضما إلى الميليشيات المرتبطة بإيران كجزء من خدمة الاحتياط العسكري الإلزامية كما يقتضي القانون السوري.
وتساءل سباير هل كان هؤلاء الرجال يخدمون النظام السوري أم المشروع الإيراني في سوريا وقت وفاتهم؟، ومن هنا يكشف استحالة معرفة جواب هذا السؤال الطبيعة الأساسية لمشروع إيران، وهو إنشاء هيكل يعمل في عمق الدولة السورية ولكن دائمًا تحت سيطرة إيران.
وشدد سباير في تقريره ،أن الضربة الأمريكية كشفت وكسرت في لحظة غطاء المشروع الايراني، واشار أن إيران تفضل في الغالب العمل في صمت، إذ أنها طريقتها لتفريغ الدول العربية وإدخال دولة عميقة تسيطر عليها، وهي أداتها المركزية في محاولة طهران للهيمنة الإقليمية.
وأنهى سباير مقالته في الصحيفة الأمريكية المرموقة، أن القرار غير المعتاد بضرب الوجود الأمريكي في حقل العمر النفطي يبدو أنه يعكس الثقة المتزايدة لإيران، وربما اختتمت أمريكا ضربتها الانتقامية هذه الجولة، لكن الجولة التالية قد تكون قريبة.