تعقيدات تزيد الفجوة بين وفدي "النظام والمعارضة" باجتماعات الدستورية وهذا أبرز ماتم بحثه
كشفت الأوراق والمداخلات التي قُدّمت في الجولة السابعة من اجتماعات "اللجنة الدستورية" في جنيف، أن الورقة التي قدّمها النظام برئاسة أحمد الكزبري عن "رموز الدولة" فجّرت خلافاً مع وفد "هيئة التفاوض"، برئاسة هادي البحرة، وشخصيات تمثل المجتمع المدني.
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط"، إنها حصلت على نصّ الأوراق المذكورة، حيث تنتهي اليوم الجمعة الجولة السابعة من الدستورية، بتقديم المشاركين مقترحات وتعليقات خطية إلى مكتب المبعوث الأممي غير بيدرسن الذي يسهل المناقشات بين "الكزبري والبحرة" لإجراء إصلاحات دستورية بموجب القرار 2254.
وتطلب الاتفاق تقديم مقترحات خطية في اليوم الأخير من أعمال الجولة، وهي جولة مكوكية من بيدرسن إلى دمشق وموسكو وعواصم أخرى، لأن وفد النظام رفض ذلك في جولات سابقة.
وبموجب اتفاقات سابقة رعاها بيدرسن، كان على كل وفد أن يقدم ورقة خطية عن مبدأ دستوري إلى رئاسة الجلسة، لتتم مناقشته بين المشاركين من وفود الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. وباعتبار أن الجولة السابقة تضمنت بدء وفد النظتم تقديم مقترحه الأول، فإن الجولة السابعة بدأت بمقترح هيئة التفاوض عن "أساسيات الحكم".
ونصّ الاقتراح، الذي قدّمه البحرة، على أن "نظام الحكم في الدولة جمهوري يقوم على سيادة القانون، واحترام الكرامة الإنسانية وإرادة الشعب، والالتزام الكامل ببناء مجتمع حر وعادل ومتضامن، وأن السيادة للشعب يمارسها عبر وسائل الاقتراع المقررة في الدستور، بما يسمح له بالتعبير الحر والديمقراطي عن إرادته في اختيار من يمارس السلطة نيابة عنه، على المستويين الوطني والمحلي، في إطار التعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة".
واعتبرت الورقة الأحزاب السياسية "تعبيراً عن التعددية السياسية. ويتم إنشاء الأحزاب وتمارس نشاطها بحرية في إطار القوانين الناظمة لعملها بما لا يتعارض مع أحكام الدستور"، وبعد قراءة المقترح، تركزت مداخلات وفد النظام على توضيح المصطلحات و"التركيز على الحرية كمبدأ"، كما اعتبر أحدهم أن "النص يوحي باحتكار الأحزاب للعمل السياسي وعدم إيجاد مساحة للأفراد والمستقلين وعدم إطلاق الحرية بدون ضوابط قانونية لممارستها".
أما فيما يتعلق بـ "هوية الدولة"، فقد ترأس الكزبري جلستي اليوم الثاني (الثلاثاء)؛ حيث قدم ممثلو المجتمع المدني القادمون من دمشق مقترحاً حول "هوية الدولة"، جاء فيه التمسك باسم "الجمهورية العربية السورية" وأن "العروبة هوية ثقافة حضارية يحكمها الانتماء التاريخي والجغرافي والمصالح والآلام المشتركة للشعب العربي، وأن الجمهورية العربية السورية جزء من الوطن العربي، والشعب السوري جزء من الأمة العربية".
كما يتضمن أن العروبة "وعاء حضاري جامع وحاضن لجميع الثقافات بتنوعها وغناها، تتفاعل في إطارها مكونة حضارة هذا الوطن التي أسهمت في إغناء الحضارة الإنسانية، وسوريا دولة ديمقراطية، ويكفل القانون التعددية السياسية والحزبية التي تقود الحياة السياسية وأن اللغة الرسمية هي العربية".
وخلال المناقشات، حذّر بعض المشاركين من ضرورة "ألا تطغى العروبة على هويات من هم ليسوا عرباً، وأن الاعتراف بدور للعروبة في النص لا يجب أن يكون على حساب هويات وثقافات ولغات مكونات أخرى"، وقال أحد المشاركين: "نقاط الخلاف الأساسية بالنقاش هي بين العروبة كهوية مكون ثقافي محدد، مقابل المكونات الأخرى، أو الهوية كمشروع حضاري جامع".
وفيما يتعلق بـ "رموز الدولة" ففي اليوم الثالث، قدّم وفد الحكومة برئاسة الكزبري، في جلسة برئاسة البحرة، مقترحه حول "رموز الدولة"، ونص: "تمثل رموز الجمهورية العربية السورية قيماً وطنية عليا وحضارية راسخة، وتعبر عن تاريخها وتراثها ووحدتها، وهي كل غير قابل للتعديل".
ومنها حدد المقترح أولاً: علم الجمهورية العربية السورية الذي يتألف من 3 ألوان؛ الأحمر والأبيض والأسود، وفيه نجمتان، كل منهما ذات 5 شعب لونها أخضر، ويكون العلم مستطيل الشكل، عرضه ثلثا طوله، يتكون من 3 مستطيلات متساوية الأبعاد بطول العلم، أعلاها باللون الأحمر، وأوسطها باللون الأبيض، وأدناها باللون الأسود، وتتوسط النجمتان المستطيل الأبيض.
ثانياً - "حماة الديار عليكم سلام"، هو النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية، وثالثاً: أن "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجمهورية العربية السورية، ورابعاً أن الليرة السورية هي عملة الجمهورية العربية السورية ووحدة قياس نقدها.
وفي البند الخامس، أن شعار الجمهورية العربية السورية هو ترس عربي نقش عليه العلم الوطني للجمهورية العربية السورية بألوانه، ويحتضن الترس عقاب يمسك بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي "الجمهورية العربية السورية" وفي أسفل الترس سنبلتا قمح، ويكون العقاب والشريط وسنبلتا القمح باللون الذهبي، وتكون الكتابة وخطوط الأجنحة باللون الفاتح البني.
وفي المناقشات، أثير جدل موسع حول عبارة "غير قابل للتعديل" في بداية الورقة الرسمية، كما جرى نقاش "أي مواد في الدستور محصنة أم لا"، وقال معارضون إن "هذه الرموز اليوم موضع خلاف، وإن إدراجها في الدستور سيكون مرفوضاً أيضاً من أجزاء كبيرة من الشعب".
وقدمت مقترحات معاكسة حول معاني وتسلسل الأعلام والرموز السورية، مع اقتراح "تأجيل إدراج الرموز إلى القوانين بعد إقرار الدستور واختيار أول برلمان سوري منتخب بشكل شفاف وعادل".
واستمرت النقاشات مساء اليوم الثالث (الأربعاء)، حول "رموز الدولة"؛ حيث قدمت مداخلات عن تاريخ الرموز الوطنية في الدساتير السورية وفي الثقافة السورية، فيما قال أعضاء من وفد النظام إن "المساس بالرموز في هذه المرحلة لا يهدد فقط شعور المواطنين بالأمان، بل يصبّ في صالح المؤامرة القائمة على وحدة البلاد، التي تستهدف الرموز لاستهداف الوطن".
في المقابل، قال معارضون إن "الرموز استخدمت أحياناً كثيرة لتشرعن العنف ضد الشعب، وإن عملية كتابة الدستور يجب أن تراعي حساسيات كل الأطراف وحاجتها إلى التطمينات الأساسية لكي يصار إلى عملية إعادة توحيد البلاد شعباً وأرضاً، وإلا فإن الدولة مهددة بالتقسيم"، وفق "الشرق الأوسط".
وفيما يتعلق بـ "السلطات العامة"، فقد عرض الكزبري والبحرة صباح أمس (الخميس)، للمشاركين منهجية العمل لليوم الأخير (الجمعة)؛ حيث يمكن لجميع الأعضاء الأفراد تقديم مقترحات تعديلية للمبادئ إلى مكتب المبعوث الخاص، ثم قدّم وفد "الهيئة" مقترحه حول "عمل السلطات العامة".
وينص المقترح على أن "تُنظم السلطات العامة في الدولة على أساس الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتمارس المؤسسات والهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية سلطاتها ضمن الحدود التي يقرها الدستور، وتخضع في تنظيمها وأداء مهامها لأحكام القوانين والتشريعات، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور. كما تلتزم باحترام وإنفاذ الحقوق والحريات الأساسية، المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل الدولة السورية".
واعتبر مشاركون "فصل السلطات مفهوماً فلسفياً مجرداً" وأنه في "القانون الدستوري العملي تداخلات كبيرة بين السلطات"، وقُدّمت مداخلات حول ضرورة التمييز بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبينهما وبين السلطة القضائية، والتوازن بين السلطات"، وقال أحد المشاركين: "احتدم النقاش في بعض الأوقات، لكنه بقي مهذباً، وفي بعض الأحيان تم تبادل أفكار عملية".