(صندوق الجـ ـولاني الأسود)... تجميد "تحـ ـرير الشـ ـام" لـ "القحـ ـطاني" إثبات عمالة أم إقصاء لمصلحة مشروع
(صندوق الجـ ـولاني الأسود)... تجميد "تحـ ـرير الشـ ـام" لـ "القحـ ـطاني" إثبات عمالة أم إقصاء لمصلحة مشروع
● أخبار سورية ١٧ أغسطس ٢٠٢٣

(صندوق الجـ ـولاني الأسود)... تجميد "تحـ ـرير الشـ ـام" لـ "القحـ ـطاني" إثبات عمالة أم إقصاء لمصلحة مشروع

ينتاب الغموض، مصير القيادي البارز في "هيئة تحرير الشام، العراقي "أبو ماريا القحطاني"، الذي يعتبر الرجل الثاني بعد "الجولاني" وصاحب النفوذ والسطوة الكبيرة في الهيئة، بعد تضارب المعلومات عن مصيره، حيث تفيد بعض المعلومات لاعتقاله من قبل الهيئة لثبوت عمالته للتحالف، في حين تتحدث معلومات أخرى عن إبعاده عن الواجهة بسبب مرض عضال يعاني منه، ولدواع ترتبط بمشروع الهيئة.

ومع التسريبات التي تناقلتها وسائل إعلام، حول اعتقاله، جاء بيان "هيئة تحرير الشام" اليوم الخميس 17/ آب/ 2023، حول تلك التسريبات، لتؤكد الهيئة استدعاء واستجواب القيادي المذكور وتجميد مهامه، ما أثار جملة من التساؤلات عن هدف الهيئة من وراء هذا الإعلان، في وقت لم يسبق أن كشفت الهيئة عما يدور في أروقة القيادة العليا، لاسيما أن الأجراء هذا جاء بعد كشف خلية كبيرة للتحالف ضمن الهيئة، أدت لاعتقال رؤوس كبيرة في الهيئة، مع ترجيحات بتورط "القحطاني".

وجاء في بيان الهيئة أن بعض وسائل الإعلام "تناقلت أخبارًا مضخمة" حول القيادي "أبو مارية القحطاني"، متحدثة عن ورد اسم "أبو مارية القحطاني" في بعض التحقيقات التي أجريت مؤخرا، وأن القيادة العامة وجهت لتشكيل لجنة خاصة لمتابعة القضية، وبادرت اللجنة باستدعائه ومساءلته بكل شفافية ووضوح".

وأوضح بيان الهيئة أنه "تبين للجنة المكلفة أنه قد أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل، وعليه أوصت اللجنة بتجميد مهامه وصلاحياته"، اعتبر البعض أن هذا إقرار بتورط "القحطاني" بخلية التعامل مع التحالف.

و"أبو ماريا القحطاني" هو  "ميسر علي موسى عبد الله الجبوري"، هو إسلامي متشدد من العراق، من مؤسسي "جبهة النصرة" إلى جانب "أبو محمد الجولاني" بعد قدومهما من العراق إلى سوريا، وهو من مواليد مدينة الموصل بمحافظة نينوى العراقية، حيث كان من قيادات تنظيم داعش في العراق وشغل منصب رئيس الشرطة الدينية.

وانقسمت الآراء إلى موقفين عبر عنها متابعون للحركات الجهادية ولاسيما "هيئة تحرير الشام"، يقول الرأي الأول، إن لـ "الجولاني" تاريخ طويل في إقصاء وإنهاء جميع خصومه من الفصائل، ثم في تحييد القيادات التي تعارض توجهه ضمن مشروعه، والقيادات التي تشكل خطراً على استمراره في قيادته، ورأى هؤلاء أن "القحطاني" يعتبر "صندوق الجولاني الأسود" الذي يحفظ أسراره وكل مايرتبط به منذ تأسيس "جبهة النصرة" وحتى اليوم.

وشكك أصحاب الرأي السابق، في حقيقة بيان الهيئة، وأن يكون تجميد "القحطاني" بسبب تلك التواصلات التي تحدثوا عنها، كون "القحطاني" يملك نفوذ وتيار قوي ضمن الهيئة، واعتبروا أن الأمر منوط في إبعاد "القحطاني" لخشية "الجولاني" على نفوذه بعد حديث عن مطامع "القحطاني" في قيادة الهيئة، مستغلاً ما أشيع عن تورط القحطاني في الخلايا التي تم الكشف عنها لصالح التحالف.

رغم ذلك، اعتبر أصحاب الرأي الأول أنه ليس من السهل أبداً اتخاذ هذا الإجراء بحق "القحطاني" وقبوله بالأمر دون تحريك التيارات الموالية له من قطاع المنطقة الشرقية والمهاجرين والعشائر، وبالتالي الدخول في صراع داخلي ضمن الهيئة، وهذا لم يحصل أبداً، ماجعل أصحاب هذا الرأي يشككون في صحة البيان الصادر عن الهيئة.

أما الرأي الثاني، فيرى أن استغناء "الجولاني" عن قيادي كبير كـ "القحطاني" لايمكن أن يكون بالسهولة التي تم الأمر فيها وفق بيان الهيئة، معتبرين أن المرحلة التي تسعى إليها الهيئة لتعويم نفسها دولياً تتطلب إبعاد الكثير من الشخصيات عن واجهة المشهد، مع بقاء نفوذها وتأثيرها ضمن المشروع، منهم "القحطاني" بيت سر "الجولاني".

ورأي أصحاب هذا الرأي، أن الأسلوب المتبع من قبل الهيئة وإصدار بيان رسمي بهذا الشكل، دون النظر للمضمون، يؤكد أن هناك مايدبر ضمن الهيئة، لمرحلة جديدة في سياق التفاهمات التي تجريها مع الدول الغربية للخروج من التصنيف، اقتضت إبعاد "القحطاني" عن الواجهة، بسبب نفوذه وكونه  من جنسية غير سورية، غير مقبولة دولياً للاستمرار بنفوذه ضمن قيادة الهيئة.

وسبق أن قال "أبو ماريا القحطاني" في تصريحات له، بعد اللقاء الذي جمع "أبو محمد الجولاني"، متزعم "هيئة تحرير الشام"، والصحفي الأمريكي، "مارتن سميث"، إن الهيئة تجاوزت مرحلة الفصائلية وشبح التصنيف الذي يحاول البعض إبعادها عن حاضنتها فهو في أدراج الرياح، واعتبر أن "هيئة. تحرير. الشام"، هي واقع مفروض على العالم ولافتاً إلى أن من أسماهم "اصحاب النفوس المريضة" لا يقرون بذلك.

وأكد أن "العالم لا يسمع إلا من أهل الأقدام الثقيلة وبالنسبة لأصحاب التسول والتسكع السياسي فوضعهم مزري ونسأل الله يخفف مصابهم كونهم سنوات يستجدون الولايات المتحدة لقتال الهيئة ولكن أقدار الله غالبة وحالت بينهم وبين ما يشتهون"، وفق ماقال.

هذا ويحظى "القحطاني" بوجه إعلامي بارز إذ تلقى تغريداته وكلماته المكتوبة اهتماماً ملحوظاً وسط أنصار وعناصر "هيئة تحرير الشام"، الذي يعد من قادتها كما شغل منصب قائد مجلس الشورى في تنظيم "جبهة النصرة"، سابقاً، وتنقل بين دير الزور ودرعا لينتهي المطاف في إدلب شمال غرب البلاد.

و"أبو ماريا القحطاني" أحد الشخصيات العسكرية والأمنية النافذة في "هيئة تحرير الشام" ومقرب من أميرها "أبو محمد الجولاني" وعدة شخصيات أخرى منها "مظهر الويس"، ولعب دوراً بارزاً في قيادة قطاع البادية، قبل انتقاله للجناح الأمني وتسلم ملفات السجون ويعتبر اليد الطولى للجولاني في كثير من المهام.

وفي تقرير سابق لـ "شام"، كشفت مصادر داخل "هيئة تحرير الشام"، عن مساعي مستمرة، لطرد جميع الشخصيات القيادية المتورطة بدماء السوريين وحملات البغي والممارسات المختلفة ضمن تشكيلات الهيئة، في سياق المساعي لتعويم صورتها بالشكل الجديد، لتمكين التقارب من الغرب والخروج من التصنيف بالإرهاب.

وقالت المصادر، إن عدد لابأس به من الشخصيات الملوثة أيديها بالدماء، تم إقصاؤها وإبعادها عن مواضع القرار، وتصدير شخصيات وأوجه جديدة، في حين تحدثت المصادر عن خلافات عميقة ضمن بنية الهيئة القيادية، أفضت ايضاَ لإقصاء وإبعاد شخصيات أخرى لرفضها التوجه الجديد لـ "الجولاني" وسياسة التحول الجذري التي يتبعها.

ولم يكن إقصاء "المحيسنى وأبو اليقظان والتلي وأبو شعيب المصري والفرغلي....إلخ" وعشرات الشخصيات القيادية الأخرى من مواقعهم هو الوحيد، حيث تم إبعاد الكثير من الشخصيات من مواقعها، وأخرى تم إقصاؤها بشكل كامل من صفوف الهيئة، لما يشكل وجودها من خطر على المشروع الجديد لـ "الجولاني"، القائم على تغيير كامل في بنية وسياسة الهيئة للوصول للقبول الدولي به.

وفي كانون الأول من عام 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وضع عدد من الدول والكيانات ضمن تصنيف دول ذات "قلق خاص" أو "اهتمام خاص"، ومن بينها "هيئة تحرير الشام" والتي تتخذ من ادلب السورية مقرا لها.

وأصدر وزارة الخارجية الأمريكية بيانا ضمت فيه عدد من الدول والكيانات بما يخص الاضطهاد الديني، وأدرجت "هيئة تحرير الشام" في سوريا ضمن كيانات ذات "قلق خاص" بموجب قانون فرانك ر. وولف الدولي للحرية الدينية لعام 2016.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية، قد أعادت نشر تعميمها الخاص بمتابعة أي معلومات عن القائد العام لهيئة تحرير الشام، "أبو محمد الجولاني" عبر برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، وهي المرة الثانية التي تنشر الخبر، إذ كانت المرة الأولى في شهر أيار من عام 2017.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ