"منظمات المجتمع المدني" تعقد مؤتمراً دولياً في لاهاي حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وهذا بيانها
أصدرت منظمات المجتمع المدني السوري، بياناً مشتركاً حول مشاركتها في المؤتمر الذي عقد في مدينة لاهاي، يوم الخميس 23 تشرين الثاني، بمشاركة مجموعات الضحايا و الناجين والخبراء الدوليين وممثلي الدول، لمناقشة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا قبيل انعقاد مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأوضحت المنظمات أنها خلال العقد المنصرم، ومنذ التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من قبل الجمهورية العربية السورية ممثلةً بالنظام السوري، شهدت سوريا انتهاكات جسيمة لهذه الاتفاقية تمثلت و حسب تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في استخدام متكرر للغازات السامة بما يزيد عن 184 استهداف منذ أيلول 2013، كما ترافقت هذه الاستهدافات مع تطوير الترسانة الكيميائية السورية، مما يمثل خرقًا صارخًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2118 وانتهاك واضحاً وجوهرياً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية..
وأوضحت أنه في ظل استمرار هذه الهجمات، تحملت مؤسسات المجتمع المدني السوريّة، عاتق وعبء الاستجابة في واقع مأساوي يتسم بنقص الخبرات والمعدات اللازمة وآثار الحرب على البنى التحتية ذات الصلة، بالإضافة الى منهجية الحصار التي فرضها النظام السوري على العديد من المناطق مثل الغوطتين الشرقية والغربية ومدينة حلب، وهو ما أثر بشكل كبير ومباشر على فاعلية الاستجابة لمثل هذه الهجمات.
رغم كل ذلك، وعلى مدار العشر سنوات الماضية تعاونت منظمات المجتمع المدني السوري ومجموعات الناجين والضحايا مع فرق التحقيق الدولية المتعددة التي حققت في هذه الاستهدافات، وقالت إنها نقدر بشكل كبير جهود فرق التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مدار السنوات العشر الماضية، رغم العقبات التي واجهتها.
وفي ذات الوقت، أدانت المنظمات استراتيجية النظام السوري في التعامل مع الهجمات الكيماويّة، تمثلت هذه الاستراتيجية باستمرار استخدام الغازات السامة، وتطوير الترسانة الكيميائية وعرقلة عمل فرق التحقيق الدوليّة عبر محاولات تضليل المحققين ومنع وصولهم إلى المواقع المستهدفة، بالإضافة إلى ترهيب الشهود وتدمير الأدلة وطمس الحقائق.
وتزامن كل ذلك مع استمرار روسيا بتوفير الحماية للنظام السوري وتسخير جهودها الدبلوماسية وقدراتها الإعلامية لعرقلة أي مسار اتجاه العدالة بما فيه تقويض مصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والطعن المسبق بنتائج التقارير الصادرة عن فرقها المختلفة.
وقالت المنظمات: "واجهنا كشهود وناجين وناجيات وذوي ضحايا ومستجيبين تحديّات جمة تمثلت في حملات تضليل وتشويه للحقائق من قبل النظام السوري وحليفه روسيا، بهدف تقويض الحقيقة ومنع الشهود والناجين من الإدلاء بشهاداتهم، عبر عدة حملات دعائية بالتوازي مع حملات أمنية استهدفت الشهود وذوي الضحايا بشكل مباشر عبر منهجية الإخفاء القسري والتهديد بسلب الحياة ومن هذه الممارسات ما ذُكر بشكل واضح في التقرير الثالث لفريق التحقيق و تحديد الهوية IIT التابع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية بخصوص حادثة دوما و الصادر في كانون الثاني 2023".
وأكدت المنظمات، إصرارها في الاستمرار ببذل كل الجهود الممكنة لدعم هذه التحقيقات ونطالب بتوسيع تفويضها وآلياتها لتشمل التحقيق في كافة الهجمات الكيماويّة، ورحبت بالجهود المبذولة من خلال الأجهزة القضائية لعدد من البلدان الأوروبيّة التي تتناول قضايا استخدام السلاح الكيماوي من خلال الاختصاص القضائي العالمي.
وطالب بيان المنظمات، الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية والدعم للشهود والناجين وذوي الضحايا إضافة لمنظمات المجتمع المدني السوري التي تلعب دورا مهما في الاستجابة والتوثيق لهذه الهجمات.
وأكدت على أن الضمان الوحيد لوقف هذه الانتهاكات وعدم تكرارها حول العالم هو اتخاذ خطوات مشتركة وجمعية لمحاسبة جميع الأطراف التي ساهمت بشكل أو بأخر بخرق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والقرارات الدولية ذات الصلة.
وطالبت الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات شاملة ومشتركة وجديّة، بحسب المادة 12 من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، بما يتوافق مع القانون الدولي، بغية الوصول إلى آلية مساءلة قضائيّة دولية تحقق العدالة للضحايا وذويهم وتحاسب جميع الأطراف المنخرطة باستخدام السلاح الكيماويّ ضد المدنيين وترسخ مبدأ عدم الإفلات من العقاب
وشددت أنه، على الدول الأطراف إعطاء الأولوية للتصدي لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا ضمن الأنشطة المتعلقة بالأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية: إن عدم إحراز تقدم وعدم الامتثال لإعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من السلطات السورية يستدعي المزيد من التدقيق والمساءلة.
ولفتت إلى أن استمرار الإفلات من العقاب بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وعدم امتثال الحكومة السورية لتصريحها الأولي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشكل تهديدا لاستقرار أي سلام مستقبلي للسوريين وسط تجميد النزاع في سوريا ويقوض المعايير الدولية التي تحظر استخدامها. إن عدم إحراز تقدم في معالجة القضايا العالقة في التصريح الأولي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية والإخفاء المستمر للحقيقة يستدعي المزيد من التدقيق والمواصلة في التدقيق، وليس العكس.
وبينت أنه على الدول الأطراف تقديم المزيد من الدعم للمجتمع المدني السوري في أنشطته في مجال التوثيق وأنشطته القائمة على المساءلة وقدرته على الاستجابة الأولية، بطريقة مستدامة وطويلة الأمد.
وأشارت إلى أنه بعد مرور عشر سنوات على أول هجوم كيميائي في سوريا، بذلت الهيئات التابعة للأمم المتحدة والمنشأة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جهودا مهمة للتحقيق في انتهاكات اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. اعتمدت هذه النتائج بشكل كبير على جهود منظمات المجتمع المدني السوري، التي لعبت دورا أساسيا في توثيق الهجمات الكيميائية المتعددة، وجمع الأدلة والتعاون على نطاق واسع مع عمليات التحقيق القائمة. على مدى العقد الماضي، استثمرت منظمات المجتمع المدني الإنسانية والطبية السورية أيضا في الاستعداد التنظيمي للاستجابة إلى الهجمات الكيميائية، على الرغم من الظروف الصعبة للغاية.
وأضافت أنه على الدول الأطراف إبطال رواية السلطات السورية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا على أنها غير شرعية، وأن تتخذ الإجراءات المناسبة لضمان عدم استمرار هذه الرواية على حساب الناجين والضحايا.
وأوضحت أنه على الرغم من وجود مجموعة من الأدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية، فقد نجحت حملات التضليل والإنكار المستمرة في تشويه الحقائق، وتعريض حياة الناس للخطر، والتسبب في معاناة جديدة ومضاعفة للضحايا، ترقى إلى شكل من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو القاسية. وينبغي للدول الأطراف أن ترفض إعطاء المزيد من المساحة والاهتمام لهذه المحاولات التحريفية وأن تتخذ إجراءات لإدانة الإنكار والمعلومات المضللة نظرا لتأثيرها على الضحايا والناجين. والأهم من ذلك، عليها دعم الجهود الجارية والمستقبلية الرامية إلى الاعتراف والإقرار بتجارب الضحايا والناجين وحقيقتهم.
وطالبت الدول الأطراف ضمان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2118 لعام 2013، وبينت انه بسبب غضبه العميق من استخدام الأسلحة الكيميائية في دمشق في آب 2013، أيد مجلس الأمن الدولي التدمير السريع لبرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، داعيا إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة.
وقالت إنه بدلا من أن يؤدي القرار إلى إنهاء استخدام الأسلحة الكيميائية، أصبح القرار واحدا فقط من العديد من القرارات التي تدين استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. بعد عقد من أول استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا، حان الوقت للدول الأطراف الجادة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، والعديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعتمدها المجتمع الدولي والتي تدعو إلى المساءلة عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
ووفقا للمادة 12 (3) من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، على الدول الأطراف اتخاذ تدابير جماعية ردا على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا من خلال مؤتمر الدول الأطراف، وبينت أنه من خلال استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ارتكبت الحكومة السورية أنشطة محظورة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
ويؤدي استمرار الإفلات من العقاب إلى إلحاق أضرار جسيمة بموضوع وغرض الاتفاقية التي تهدف في الأصل إلى فرض الحظر المطلق على استخدام الأسلحة الكيميائية والمساءلة عن الأفعال أو الإغفالات التي تؤدي إلى انتهاكات للاتفاقية. ولتجنب حدوث أي ضرر آخر لا يمكن جبره لغرض الاتفاقية، ينبغي للدول الأطراف إنفاذ المادة 12 (3) واتخاذ تدابير جماعية، وفقا لالتزامات الدول بموجب القانون الدولي.
ووفق البيان، يجب على الدول الأطراف تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية التي أصدرتها فرنسا بحق بشار الأسد وماهر الأسد والجنرالين العسكريين غسان عباس وبسام الحسن بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة.
وقالت إنه في 15 تشرين الثاني، أصدر قضاة التحقيق الجنائي في فرنسا مذكرات توقيف بحق الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد واثنين آخرين من كبار المسؤولين بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، في آب 2013. تشير مذكرات التوقيف إلى المؤهلات القانونية للتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وينبغي للدول الأطراف إنفاذ مذكرات التوقيف وفقا للالتزام بالمحاكمة أو التسليم وفقا للقانون الدولي العرفي فيما يتعلق بالجرائم المزعومة ضد الإنسانية.
وفي ضوء قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة التي تدعو إلى المساءلة، وفي إطار الحقوق والالتزامات المتأصلة في الصكوك الدولية، يجب على الدول اتخاذ خطوات فعالة بشكل جماعي لضمان الملاحقة الدولية لجميع الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وخارجها.
ولفتت إلى تكريس المجتمع المدني السوري جهودا حثيثة لاحتجاز جميع الجناة الأفراد لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى العدالة للضحايا والناجين أكبر من قدرة الآليات القائمة. وهناك حاجة إلى أداة دولية لمساءلة جميع الأفراد على النحو الذي أكدته النتائج التي توصلت إليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ويدعو المجتمع المدني السوري إلى بذل جهود جماعية متعددة الأطراف تجد فيها الدول، الملتزمة بجدية لحماية قاعدة الحظر المطلق لاستخدام الأسلحة الكيميائية، سبلا لمقاضاة استخدام الأسلحة الكيميائية على المستوى الدولي.