مجلة أمريكية: منطقة الشرق الأوسط أصبحت "غارقة بـ الكـ ـبتاغون" القادم من سوريا
قالت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، في تقرير لها، إن منطقة الشرق الأوسط أصبحت "غارقة في مخدر الكبتاغون" المكون من "الأمفيتامينات والكافيين"، خلال العقد الماضي، لافتة إلى أن سوريا المصدر الرئيسي لإنتاج "الكبتاغون" في العالم، "حيث يُشكل هذا المخدر مصدرا مهما للدخل بالنسبة لنظام بشار الأسد.
وقالت المجلة التي تحذر من استمرار تنامي تجارة المخدرات في المنطقة بما يخدم الجماعات الإرهابية، إن "انتشار الكبتاغون ازداد بشكل كبير، خاصةً في السعودية والإمارات، ليُصبح المخدر المفضل للعمال لدرء الجوع والنوم، نظرا لسعره الرخيص وتوفره بكثرة مقارنة بالمشروبات الكحولية".
ولفتت إلى أن سوريا تعد المصدر الرئيسي لإنتاج "الكبتاغون" في العالم، "حيث يُشكل هذا المخدر مصدرا مهما للدخل بالنسبة لنظام بشار الأسد، إذ يتم تهريبه إلى دول الخليج عن طريق الميليشيات المرتبطة بإيران، والتجار في لبنان وتركيا"، وفق تقريرها.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن "بشار الأسد، يسعى لتخفيف العقوبات المفروضة على نظامه على خلفية الحرب الأهلية الدائرة، منذ عام 2011، من أجل التعاون في محاربة تجارة الكبتاغون، "المخدر الذي يصنع في سوريا ويثير قلق العالم العربي".
واعتبرت "فورين أفيرز"، أن "تجارة الكبتاغون تغذي العنف في الشرق الأوسط، وتعتبر مصدر تمويل لجماعات إرهابية"، مشيرة إلى أن المخدر بدأ في الانتشار في العقد الأول من القرن الحالي من قبل التجار اللبنانيين والأتراك، قبل أن ينتقل الإنتاج إلى سوريا في عام 2014.
ووفق "فورين أفيرز" فإن "الكبتاغون" الذي تم تطويره في ستينيات القرن الماضي كدواء لعلاج الاكتئاب والخدار (نوبات النعاس المفاجئة)، قبل أن يحظر بحلول الثمانينيات، بسبب الإدمان والآثار الجانبية الخطيرة، انتعشت صناعته في سوريا بين مجموعة كبيرة من الكيميائيين العاطلين عن العمل، حيث عززت الحرب الأهلية من الفوضى.
وأصبح "الكبتاغون" مصدرا رئيسيا لدخل نظام الأسد من العملات الأجنبية، إذ يقدر معهد "نيو لاينز" في واشنطن، أن "ما يصل إلى 5.7 مليار دولار حصل عليها نظام الأسد من بيع الكبتاغون في عام 2021، وهو مصدر دخل كبير لبلد يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي فيه حوالي 20 مليار دولار".
ووفق المجلة، فقد سعت أيضا الميليشيات الموالية لإيران في لبنان والعراق إلى تجارة "الكبتاغون" لجني الأموال، إذ يقوم حزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق في العراق، والتي تصنفها الولايات المتحدة كمجموعات إرهابية، "بتهريب المخدر دون أي معوقات تقريبا، نظرا لنفوذهم على الحكومات في بيروت وبغداد".
وحاول الأردن إلى جانب السعودية والإمارات، قمع تجارة "الكبتاغون" خلال السنوات الماضية، حسب المجلة، حيث قتل الأردن العشرات من التجار وشنّ غارات جوية داخل سوريا لاستهداف تجار المخدرات ومستودعاتهم، فيما منعت السعودية والإمارات ملايين الحبوب سنويا من دخول البلاد.
وفي سبتمبر الماضي، قالت الإمارات إنها صادرت ما قيمته أكثر من مليار دولار من الكبتاغون في عملية ضبط واحدة. كما هددت السعودية بتقليص التجارة مع الأردن إذا لم يتمكن الأردن من الحد من تدفق المخدرات من سوريا، لكن وفق المجلة الأميركية، لم تكن تلك الخطوات كفيلة بإبطاء التجارة، وحاولت الدول العربية التفاوض مع نظام الأسد لوقف انتشار "الكبتاغون".
وتقول المجلة، إنه "لا يوجد دليل على أن سوريا خفضت إنتاجها"، مشيرة إلى أن صانعي المخدرات والمهربين الذين لهم علاقة بالحكومة "يواصلون العمل دون عقوبات"، واعتبرت أن الدول العربية "تحتاج إلى استراتيجيات جديدة" لمكافحة مخدر "الكبتاغون"، إذ بوسعهم "التخلي عن سياساتهم العقابية غير الفعّالة في التعامل مع متعاطي المخدرات، وتوجيه المستخدمين نحو العلاج".
إلى جانب ذلك، ستحتاج الدول العربية أيضا إلى اعتماد "أساليب أفضل في مجال إنفاذ القانون، إذ تحتاج الشرطة إلى معلومات استخباراتية شاملة للقبض على كبار اللاعبين في شبكات تهريب المخدرات"، وفق "فورين أفيرز"، مما تشير إلى أن وكالات إنفاذ القانون في الشرق الأوسط "تواجه صعوبة في التواصل مع بعضها البعض بسبب انعدام الثقة".
وأضافت: "من الصعب، تبادل المعلومات مع السلطات في سوريا لأن تجار المخدرات في البلاد لديهم علاقات قوية مع الحكومة السورية. كما تسيطر الجماعات الموالية لإيران على أجزاء من أجهزة المخابرات وإنفاذ القانون العراقية واللبنانية".
وكانت أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة فرض قيود جديدة على تأشيرات الدخول لمسؤولين حكوميين سوريين حاليين وسابقين وأفراد آخرين، وأكدت المجلة أن الولايات المتحدة "يمكنها أن تساعد وكالات إنفاذ القانون في الشرق الأوسط على أن تصبح أكثر فعالية، خصوصا أنها مهتمة بوقف انتشار المخدر".
وفي عام 2023، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على اثنين من أبناء عمومة الأسد، سامر كمال الأسد ووسيم بادي الأسد، بسبب الاتجار بـ"الكبتاغون"، وفي ديسمبر 2022، وقّع الرئيس الأميركي، جو بايدن، قانون مكافحة تهريب المخدرات "كابتاغون" التابع للأسد، والذي يتطلب من الولايات المتحدة تطوير استراتيجية لتعطيل شبكات تهريب المخدر، وبناء شراكات لإنفاذ القانون في الشرق الأوسط.
وتشير "فورين أفيرز" إلى "ضرورة توحيد حكومات المنطقة لجهودها بسرعة"، محذرة من خطر يتمثل في استبدال "الكبتاغون" بمخدرات أكثر تدميرا، هو "الميثامفيتامين"، الذي يسهل تهريبه ويدر أرباح أكثر.
وأضافت أنه "لن يكون من الصعب على الشرق الأوسط أن يصبح مرتعا للميثامفيتامين، ومن الممكن أن تصبح سوريا منتجا رئيسيا لهذا المخدر، حيث تمتلك البلاد بالفعل كيميائيين وشبكات تهريب راسخة"، محذرة من خطر العصابات المكسيكية التي تتخذ من الخليج مركزا لتهريب "الميثامفيتامين" من أوروبا إلى أستراليا ونيوزيلندا، مما يؤدي إلى منفذ آخر جاهز لإغراق المنطقة بالمخدرات.
وتزايدت مضبوطات "الميثامفيتامين" بالفعل في منطقة الشرق الأوسط والبلدان المحيطة بها، وفق "فورين أفيرز"، حيث ضبطت تركيا 78 طنا من في عام 2022، بزيادة مضاعفة عن الكمية المضبوطة قبل عام. فيما ضبط الأردن 45 طنا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، وهي أكثر 20 مرة مما تم ضبطه خلال الفترة نفسها من 2021.
وحسب "فورين أفيرز"، ينبغي أيضا إغلاق المواقع الإلكترونية التي تروج للمخدرات الاصطناعية، مشيرة إلى أن دون ذلك "فمشاكل المخدرات في الشرق الأوسط ستتفاقم، مع انجذاب المتعاطين نحو مادة أكثر فتكا وأكثر إدماناً من الكبتاغون"، وفق موقع "الحرة".