إدارات محلية شكلية ومهمشة.. كيف أصبحت "كوادر قنديل" صاحبة القرار في "منبج"؟!
أكدت مصادر متطابقة من مدينة منبج بريف محافظة حلب الشرقي، الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إحكام قبضة الكوادر التابعة للميليشيات الانفصالية على المدينة بواسطة إدارات تستحوذ عليها ما يسمى بـ"كوادر قنديل"، نسبة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني وقيادته المنحدرين في جبال "قنديل" شمالي العراق.
وذكرت المصادر في حديثها لشبكة شام الإخبارية، أن الإدارات العربية المعينة شكلياً في منبج لا تعدو كونها واجهات ودمى متحركة، وفي الواقع فإن مصير آلاف المدنيين في المدينة يخضع لقرارات ونفوذ كوادر وأذرع "حزب العمال الكردستاني" التي تعتبر صاحبة القرار والمشرفة على الإدارات المحلية بشكل كامل.
ولفتت إلى أن الكوادر المسيطرة على القرار في "الإدارة المدنية والعسكرية"، اتبعت أساليب متعددة حتى وصل الحال إلى ما هو عليه، كما تعمدت تهميش الإدارات والكوار العربية، وإبقاء القرار محصورا بيد الكوادر المقربة من العمال الكردستاني من المكونات الأخرى لا سيّما الكردية منها.
وذكرت أن "الكادر" هو أحد أعضاء "حزب العمال الكردستاني"، المصنف إرهابيا، يتم اختباره من غير العرب وقد يكون تركياً أو إيرانياً أو سورياً، شريطة أن يكون قد خضع لدورات وتدريبات في معقل الحزب بجبال قنديل شمالي العراق.
وتتبع قيادات الحزب على سياسة قائمة على إدارة القرار عبر حلقات ضيقة جداً من شأنها منع الأهالي في منبج من السيطرة على أي شيء وجعل المسؤولين العرب في حال تسلموا مناصب كـ"محمد خير الشيخو"، رئيس المجلس التنفيذي وهو من العرب عبارة عن واجهة لا تستطيع اتخاذ القرارات فالإدارة المدنية في منبج تدار في الأصل من قبل شخصين هما "شيار ومزكين".
وفي حديثه لـ"شام" قال "أبو جمعة" (اسم مستعار) وهو إداري سابق في إحدى لجان الإدارة المدنية في منبج رفض الكشف عن اسمه خوفا من الملاحقة، إن الكوادر في منبج قسموا الإدارة إلى عدة لجان مثل لجنة الصحة والتعليم والثقافة والرياضة والاقتصاد والداخلية والدفاع وذلك من أجل سهولة السيطرة عليها ولكل لجنة كادر خاص بها يصدر القرارات وقراراته نافذة على الرغم من وجود إدارات عربية مسؤولة عن القرار في اللجنة.
وأضاف أنه على سبيل المثال فإن لجنة الصحة المسؤولة عنها كادر تدعى جيان أمام لجنة الداخلية فالكادر المسؤول عنها يدعى ريناس أما لجنة الاقتصاد المسؤول عنها يدعى دمهات والتربية كادر تدعى نوجين وهناك كادر مسؤول عن جميع الكوادر يدعى غريب وهو كردي تركي بحسب "أبو جمعة".
ونوه إلى أن القسم العسكري المسؤول الأول والأخير عن المجلس العسكري التابع لمنبج يدعى هيمن كما تم تقسيم المجلس الى عدة أفواج والوية كل فوج المسؤول عنه يكون كردي والقيادات التي تتبع له من العرب باستثناء أن نائب قائد مجلس منبج العسكري عربي ولكنه لا يملك اي قرار فهو يعتبر كواجهة فقط.
وتابع أن حزب العمال الكردستاني ابتكر ما يسمى بـ" المنسقية" مهمتها الاجتماع لتمرير القرارات التي تخص منبج وقد تم إشراك بعض العرب فيها وهي عبارة عن لجنة مؤلفة من عدة أشخاص وتجتمع هذه المنسقية عندما يكون هناك قرار يخص دير الزور، فيطلبون اجتماعاً ويطرحون ما يريدون ويمررونه بكل أريحية مهما كان هذا القرار مؤثرا في منبج سلبا أو إيجابا.
واعتبر أن كل العرب الموجودين ضمن الإدارة المدنية والعسكرية لايملكون اي قرار ولا يستطيعون القيام بأي شيء إلا بعد موافقة الكوادر حتى أن شيوخ العشائر اغلبهم اصبح محسوبا على الادارة والكوادر وبهذا يضمن الحزب السيطرة الكلية على المدينة دون أن يجد من يعترض عليه.
وفي كل مرة يكون هناك اعتراض على أي قرار يقوم الكوادر بالايعاز لشيوخ العشائر لاحتواء الموقف وإطفاء أي شرارة قد تندلع ضد الحزب في المدينة والمقابل هي بعض الميزات للشيوخ ومنها حصولهم على كميات المحروقات التي يطلبونها ومهمات عسكرية لسياراتهم ناهيك عن الأموال التي يتلقونها عند نجاحهم في إخماد أي ثورة ضد الحزب في منبج.
وأكدت مصادر مطلعة أن الكوادر العربية دائما مجبرين على حضور الاجتماعات التي يعقدها كوادر الحزب رفقة الاداريين العرب واصدارهم القرارات كتلك المعنية بالتجنيد الإجباري مثلا فكنا في بداية الامر معارضين للقرار ولكن لم نستطع الوقوف في وجه تطبيقه وتم العمل به رغما عنا.
هذا واتبعت "قسد" منذ سيطرتها على مدينة منبج في صيف العام 2016 سياسة إرهاق وحرب غير مباشرة لسكان المنطقة من المكون العربي، بهدف تركيعهم واخضاعهم لسطوتها عبر كوادر العمال الكردستاني، ويعيش آلاف المدنيين في مدينة منبج بريف حلب الشرقي، في ظل واقع معيشي واقتصادي صعب، مع استمرار مليشيا قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، السيطرة على كل مفاصل الحياة بشكل كامل.
وتجدر الإشارة الى أن مدينة منبج تعاني من فساد كبير في الإدارة المدنية والعسكرية وانتشار كبير لعمليات التهريب والفلتان الأمني في ظل سيطرة كوادر قنديل على القرار في المدينة وغض الطرف عن الانتهاكات مهما كانت وذلك في سبيل بقاء الأهالي في حالة تخوف دائم وانشغالهم عن مطالبهم الأساسية للحياة وعدم تفكيرهم في طرد كوادر قنديل من المدينة.