
بين التبريرات والانتقادات .. تصريحات مثيرة تكشف مدى تدهور الوضع المعيشي في مناطق النظام
قالت وزيرة الاقتصاد السابقة "لمياء عاصي"، إن عند رفع سعر البنزين، تبرر الحكومة ويعزو أحد مسؤوليها ذلك إلى ارتفاع تكلفة استيراد ليتر البنزين، وعندما تسعر القمح تأخذ التكلفة بعين الاعتبار ولكن ما لم تلاحظه حكومة النظام أن هناك الكلف غير المباشرة التي يدفعها الاقتصاد مثل نقل السلع والطلاب والموظفين، وذكرت أن "الخاسر الأساسي هو البلد".
وفي ذات السياق سخِرت الممثلة "تولاي هارون"، من اسم وزارة التجارة وحماية المستهلك معتبرة أن عملها لا يشبه اسمها، وأعربت عن غضبها من القرارات التي أنهكت المواطنين، متسائلة عن كيفية العيش في هذا البلد، وتأسفت على الحال الذي وصل إليه المواطن هذه الأيام، وتوقعت "إصدار ضريبة على التنفس".
ونقلت صحيفة تابعة لنظام الأسد عن مصدر مسؤول في وزارة التجارة الداخلية قوله قرار رفع البنزين يتيح توفير المادة التي تشهد اختناقاً وأكد أن القرار برفع سعر مادة البنزين سيكون له انعكاس طفيف على الأسعار، فيما قال عضو في مجلس التصفيق "كنا نعول أن يكون دور الحكومة أبوياً وأكثر رأفة بالمواطن"، وفق تعبيره.
من جانبه ذكر الإداري في غرفة تجارة دمشق "محمد الحلاق"، أن تأثير ارتفاع البنزين طال حتى نفقات الأسرة، وزيادة العبء، وقدر الحاجة بحدود 5 أسابيع تقريباً من أجل أن يتضح منعكس ارتفاع البنزين على أسعار المواد، مجددا التبريرات والذرائع التي ينقلها إعلام النظام حول تدهور الأوضاع المعيشية.
وصرح نائب رئيس جمعية تموين النظام بدمشق "ماهر الأزعط"، بأن مديرية الأسعار بوزارة التجارة الداخلية عندما تسعر أي مادة تضع نسبة محددة من تسعيرها لأجور النقل لكن ومن خلال دراسة قمنا بها اتضح لدينا أن رفع البنزين بنسبة 130 بالمئة من المفترض أن يؤدي إلى رفع الأسعار بنسبة تتراوح بين 5 و6 بالمئة من سعر الطن الواحد لأي مادة.
وقدر أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25 و30 بالمئة، وحسب "الأزعط"، فإن إن بعض التجار يرفضون البيع حالياً لأنهم سمعوا بأن سعر المازوت سيرتفع، مع العلم أن وزير التجارة أكد أنه ليس هناك أي ارتفاع قريب لسعر المازوت.
فيما أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، "ياسر أكريم"، إنه من غير المنطقي أن نقارن ارتفاع أسعار الطاقة مع دول الجوار، إذ لا يوجد مبرر لرفع أسعار البنزين، مطالباً أن يكون راتب المواطن السوري يقارب رواتب الدول الأخرى في ظل هذا الغلاء.
في حين أشار الإعلامي الداعم للأسد "سامي عيسى"، إلى حالة الاستغراب والحيرة، إلى جانب كثير من حالات الاستهجان والتذمر من قبل المستهلكين، لاسيما لجهة فلتان الأسعار، وحالة الهستيريا برعاية ومباركة من تموين النظام، وقال نظيره الإعلامي "علي عبود"،
من السهل جدا ان نهاجم قرار رفع المحروقات ونعدّد انعكاساتها الكارثية على ملايين الأسر السورية، "ولكن هل سأل أحد ما مالحل؟".
وفي سياق تصاعد حالة الاحتكار كتب الصحفي الداعم للأسد "حسن النابلسي"، مخاطبا وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، بقوله 'لا يوجد متة و سكر بالأسواق، وإذا كنتم تعرفون من يبيعها أرشدنا إليه وإلا كف عن التصريحات غير الواقعية" حيث تجاوز سعر كيلو المتة 20 ألفا في حين يباع كيلوغرام السكر ما بين 5500-6000 ليرة سورية.
بالمقابل نفى مدير حماية المستهلك لدى نظام الأسد "حسام نصرالله"، وجود نقص في الكميات الموزعة من مادتي السكر والمتة في المحال والأسواق، لافتاً إلى أن تسعيرة السكر وفق لائحة الأسعار 4400، مناقضا التسعيرة الرسمية كما زعم مدير التجارة الداخلية بطرطوس "بشار شدود" بأن المتة ليست مقطوعة ومتوفرة بالأسواق، عبر شركة كبور.
ووعد رئيس دائرة الإعلام والعلاقات العامة في التجارة الداخلية "صفوان درغام"، بانخفاض قريب في أسعار السكر مع استمرار وصول توريدات المادة، مبيناً أن السعر الحالي للكيلو الواحد هو 3900 ليرة سورية، ونفى "درغام" وجود حالات بيع لكيلو السكر بسعر 6000 ليرة سورية مؤكداً أنها "مجرد إشاعات"، حسب زعمه.
وقدر رئيس نقابة عمال النقل البري "خالد حلبية"، أن رفع سعر ليتر البنزين انعكس سلبياً على عمل "التكاسي"، لافتاً إلى توقف بين 85% و90% منها عن العمل، وسط تسجيل أرقام غير مسبوقة لأجور النقل والمواصلات في مناطق سيطرة النظام.
وأشارت مصادر موالية إلى عودة انتشار الطنابر إلى شوارع دمشق كوسيلة نقل للبعض أو لنقل البضائع في ظل ارتفاع سعر الوقود بشكل غير مسبوق إضافة إلى أزمة المواصلات، وقدر الخبير التنموي "أكرم عفيف"، بأن التكلفة العلفية للحصان أو الحمار كبيرة فهو يحتاج يومياً بحدود 15 ألف ليرة سورية بين العلف والتبن، فهو يعد مكلفاً للمواطن عدا أنه غير متواجد بكثرة لدينا.
وكشف موقع موالي لنظام الأسد أن لديه معلومات تشير إلى أن أسعار البنزين سوف تخضع للسعر العالمي وسوف يكون هناك نشرات دورية بسعره، غالباً كل شهر، لافتاً إلى أن هذا القرار كان أحد الخيارات المطروحة لتطبيقه قبيل رفع البنزين الأخير، لكن تم اللجوء إلى خيار التقسيط في رفع الأسعار، من أجل التخفيف من آثاره السلبية على اقتصاد المواطن الذي يتعرض لأقسى موجة غلاء هذه الأيام.
وبعد قرارات رسمية تنص على مضاعفة الأسعار وتخفيض المخصصات أوضح موقع مقرب من نظام الأسد بأن عن الارتفاع الكبير والمستمر للأسعار، أدى إلى تخلي الكثير من المواطنين عن المواد الغذائية الأساسية، مشيراً إلى أن عظام الذبائح باتت بديلاً عن اللحم بالنسبة لعدد كبير من السوريين في مناطق سيطرة النظام.
ووصل سعر كيلوغرام هبرة الغنم مع 25% دهن في الأسواق السورية إلى 45 ألف ليرة، في حين سعرت وزارة التجارة الداخلية بحكومة النظام الكيلوغرام بـ 33 ألف ليرة، بينما ارتفع كيلوغرام الهبرة الخالية من الدهن إلى 50 ألف ليرة سورية.
وحلّق سعر الفروج الحي في وسط سوريا بشكل كبير وسجل ارتفاعاً غير مسبوق فتجاوز سعر الكيلو الغرام الواحد منه 9500 ليرة سورية، حيث بات سعر الفروج بوزن 2.5 كغ يزيد على 25 ألف ليرة سورية بعد ذبحه وتنظيفه، وفق تقديرات موقع مقرب من نظام الأسد.
وزعم مدير السورية للتجارة "زياد هزاع"، بأن وزارة التجارة قامت بتأمين تشكيلة غذائية من المواد الجيدة جداً والمعروفة على المستوى المحلي بأسعار أقل، وأشاد بتوفير المياه حيث كشف عن خطة مثيرة للسوريين تتمثل بالاحتفاظ منذ الشتاء بكميات كبيرة تتجاوز 300 ألف جعبة من القياسات المختلفة لذا عندما دخلنا أوج الصيف تم تغطية حاجة المواطنين، وطالب معلقون اتباع هذه الخطة على المحروقات.
ونقل موقع مقرب من نظام الأسد عن "محمد الرشيد" بوصفه خبير اقتصادي قوله إن الدعم الحكومي المقدم اليوم للمواطن بالغير المجدي الذي لا يكفي ولا يستحق الذكر أصلاً في ظل تضخم هائل، حيث إن ما يقدم من دعم مقنن ومباشر ويحصل عليه الشخص شهرياً هو بالكاد يكفي لعائلة مؤلفة من 5 أفراد فقط
وتوقع أن التجارة الداخلية بتأخيرها تسليم المواد للمواطن طيلة 4 أشهر الماضية، مقبلة على إلغاء الدعم بشكل تدريجي، ومن الممكن استبعاد شرائح كثيرة في قادمات الأيام، ليبقى الدعم محصوراً بفئة قليلة هي الأكثر هشاشة ضمن بيانات ودراسات تجريها الحكومة اليوم.
وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة ارتفعت أسعار قوالب الثلج في دمشق عما كانت عليه في العام السابق وباتت تشكل عبئاً إضافياً وتختلف أسعار قوالب الثلج من منطقة لأخرى ومن بائع لآخر، حيث يتراوح سعر الكيس صغير الحجم بين 2000 و 3500 ليرة والقالب كبير الحجم بين 4500 و 6000 ليرة سورية.
بدوره زعم مجلس الوزراء لدى نظام الأسد مناقشة واقع توافر المواد الأساسية بكميات كافية في الأسواق وأهمية انتظام التوريدات الخاصة بالمواد الأساسية بشكل يلبي احتياجات السوق المحلية وتعزيز المخازين، وشدد على الجهات المعنية ضبط الأسعار واتخاذ أقصى العقوبات القانونية بحق المحتكرين والمخالفين.
وكانت تصاعدت حدة الانتقادات الصادرة عن شخصيات موالية لنظام الأسد بسبب قرار رفع سعر البنزين، بنسبة 130%، ومن بين هذه الشخصيات أعضاء في "مجلس التصفيق"، إضافة لعدة شخصيات إعلامية واقتصادية، فيما برر معاون وزير النفط في حكومة النظام بأن القرار جاء بسبب ارتفاع المشتقات النفطية عالمياً، وغيرها من المبررات والذرائع.
هذا ويأتي ذلك في ظل تناقض تبريرات النظام حول قرار رفع سعر البنزين، حيث قال وزير التموين "عمرو سالم"، إن رفع السعر ليس له علاقة بتوافر المادة، وزعم أن ارتفاع سعر النفط عالميا أدى إلى رفع سعر البنزين رغم أن هناك استقرار وانخفاض نسبي على الصعيد العالمي مؤخرا، وعلى عكس "سالم" قالت وزارة التجارة الداخلية إن سبب رفع السعر ضمان لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها.
ويذكر أن نظام الأسد قرر رفع سعر البنزين، حيث قررت وزارة التموين رفع سعر ليتر البنزين بنحو 130% فيما توقع الخبير الاقتصادي المقرب من نظام الأسد "عامر شهدا"، بأن ارتفاع الأسعار بأكثر من 40% نتيجة هذا القرار، في حين ينوي نظام الأسد رفع تعرفة النقل الداخلي بعد قرار رفع البنزين، وسط عشوائية وفوضى القرارات التي تزيد تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار المتصاعد.