النظام يبرر تعميم رفض الاستقالات ومصادر حقوقية تعلّق: يعطل القانون ويخالف الدستور
برر مدير التنمية الإدارية التابعة لنظام الأسد "سامر الخطيب"، إصدار قرار عدم قبول طلبات الاستقالة للعاملين في وزارة التربية إلا بشروط إدارية محددة منها أن يكون العامل في الوزارة لديه خدمة لا تقل عن 30 عام.
وأرجع "الخطيب"، التعميم الصادر بخصوص شروط الاستقالة جاء نتيجة النقص في الكوادر لدى الوزارة، وزيادة عدد طلبات الاستقالة مؤخراً، مدعيا أن التعميم مؤقت ويمكن التعديل على بنوده حال تغيّرت مسبباته المتمثلة بسد النقص الحاصل.
وأضاف أن الاستقالة أمر جوازي، وهي حق للعامل وكذلك قبولها أو رفضها يعود للإدارة، وبأن لا يؤدّي قبولها لإلحاق الضرر بها، لذا اضطررنا لوضع ضوابط، ومن ضمنها أن تتجاوز خدمة مقدّم الطلب 30 عاماً لدى الوزارة.
ولفت إلى أن هناك حالات أخرى وضعت لقبول الاستقالة، كأن يكون مجاز إجازة خاصة لسنتين متتاليتين، لم شمل، أو أسباب صحية تمنع العامل من القيام بوظيفته مرفقة بالثبوتيات وتعرض على مديرية الصحة المدرسية.
وتحدث مدير التنمية الإدارية في وزارة التربية التابعة لنظام الأسد عن وجود احتياج لمعظم الاختصاصات، لكن قد يكون هناك فائض في اختصاص ما في بعض المحافظات، وذكر أن أبرز الاختصاصات التي تُعاني نقص هي الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، العلوم، واللغات.
وبرر تعميم آخر للتربية ينص على التشديد على دوام العاملين، والتقيّد بالدوام الرسمي خاصةً أعمال التصحيح والمراقبة، واعتبار المتغيّب لمدة 15 يوماً متصلة أو 30 يوماً منفصلة بحكم المستقيل من وظيفته، وزعم "الخطيب" أن ليس هناك تناقض بين القرارين.
ونوه إلى أن الاستقالة تتم عند قبول الطرفين، أما اعتبار العامل بحكم المستقيل أمر مختلف، ويأتي نتيجة تقاعسه عن أداء مهامه أو التغيّب، وهذا جرم، وقد تتم ملاحقته قضائياً على ذلك بموجب القوانين، فيما قال عاملين في دوائر النظام الحكومية نحن من نصرف على الوظيفة لا هي.
وبات يختار الكثير من الموظفين ترك العمل وتقديم الاستقالة سيما وأن الأسعار باتت مرتبطة بالدولار وكل بائع أو تاجر يسعْر على هواه وسط تجاهل تموين النظام، فيما يبقى الراتب ثابت لا يتأثر بشيء حتى بصيحات الموظفين التي تعلو وتستغيث كل يوم مطالبةً بزيادة للأجور، دون استجابة.
واعتبر المحامي "عارف الشعال"، أن قرار التربية الذي يمنع رفع طلبات الاستقالة لفئة معينة من الموظفين فيه تعطيل "للفقرة ب" من المادة 133 من قانون نظام العاملين الأساسي في الدولة التي تقول "يجب البت في طلب الاستقالة إما بالقبول أو الرفض خلال ستين يوما من تاريخ تقديمه".
كما قال المحامي "رغيد ناعوس"، في تصريح لوسائل إعلام تابعة لنظام الأسد إن القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم (50) لعام 2004 لم يضع أي شروط أمام العامل لتقديم طلب الاستقالة، وإنما أكد على ضرورة وجود مبررات لها، مشيرا إلى أن الوزارة خالفت القانون والدستور السوري.
واستغرب “ناعوس” صدور هذا التعميم عن مدير التنمية الإدارية في وزارة التربية، مبيناً أن مدير دائرة ضمن الوزارة لا يحق له إصدار هكذا تعميم بشكل مطلق، وتوقع أن يتم التراجع عن هذا التعميم قريباً لأنه أحدث ضجة كبيرة، مؤكداً أن أي شخص مطلع في القانون يعلم جيداً أن هذا التعميم مخالف.
وأشار أن أعداد الموظفين المستقيلين والمتقدمين بطلبات استقالة ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وتدني أجور العاملين، ما دفع بعض الوزارات لفرض شروط أكثر صرامة على الراغبين بالاستقالة.
وكان قال الخبير الاقتصادي المقرب من نظام الأسد "عمار يوسف"، إن موجة استقالات الموظفين في القطاع العام هي رد فعل طبيعي، طالما أن الرواتب ما تزال بمستوى متدني، وذكر أن ما يحصل هو إفراغ للكوادر الإدارية في المؤسسات الحكومية، وتهديد ينذر بتوقّف العمل، واتجاه الخبرات العلمية والإدارية نحو القطاع الخاص والهجرة إلى خارج سوريا.