صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
● أخبار سورية ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣

"المرّقعون السوريون" .. تلميع فاضح للواقع يثير السخرية والجدل في إدلب

أثارت إحدى الجهات الإعلاميّة الرديفة لـ "هيئة تحرير الشام" وحكومتها "الإنقاذ السورية"، الكثير من الجدل والسخرية منذ تأسيسها قبل سنوات حتى اليوم، من المحتوى الذي تقدمه عبر معرفاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يقول ناشطون إنه يمثل حالة انفصال عن الواقع ليقدم صورة مغايرة لما هو عليه الوضع في المنطقة.

وتتقمص هذه الوسيلة دور وسائل إعلام السلطة، حيث كرست معظم برامجها المُنتجة وعموم المحتوى المقدم من قِبلها، وحتى المنشورات الشخصية الصادرة عن العاملين لديها، في دعم وترويج الرواية الرسمية لسلطات الأمر الواقع في إدلب شمال غربي سوريا.

وتحولت منصة "المبدعون السوريون"، الإعلامية التي تم تشكيلها للعمل كأبواق للسلطة صاحبة النفوذ في محافظة إدلب، تم إعدادها مسبقا لهذا الغرض، إلى مادة للسخرية بين متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، واقترن ذكرها كمثال للإعلام المنحاز للحاكم.

وفي رصد لحالة السخرية الواسعة والمتصاعدة من هذه الوسيلة التي تُعد من أدوات الترويج لحكومة الإنقاذ وذراعها العسكري، كتب أحد الأشخاص عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، منشورا طلب فيه الحصول على عدسة "المرقعون السوريون"، حتى يتم إظهار إدلب مثل فرنسا.

وفتح المنشور المجال أمام العشرات من المواطنين، للتعبير عن رأيهم بهذه المنصة التي تثير الجدل والسخرية، وتضمنت انتقادات لاذعة لجهة تعامل المنصة مع القضايا العامة، كما أعرب عدد من المتابعين بتهكم عن رغبتهم في العيش ضمن محافظة إدلب التي يعيش فيها كادر منصة "المرقعون السوريون"، نظراً إلى أنها مدينة افتراضية تختلف كليا عن الواقع.

وفي غضون ذلك، اعتبرت عدة تعليقات أخرى أنه عند مشاهدة محتوى المنصة الإعلامية الدعائية المشار إليها، يشعرون بأنهم يعيشون في مناطق تختلف بشكل جذري ومنفصلة عن الواقع وشبه عدد من المتابعين هذه المنصة بأنها تجاري وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد.

وجاء ذلك في إشارة إلى حجم التضليل وتزييف الوقائع المفضوح، وسط انخفاض مستوى المهنية لدى هذه الوسيلة والذي ظهر في عدة مواقف آخرها ردود فعل عدد من العاملين عليها على استخدام المنصة مقطعا مصورا بعد إزالة الشعار الأصلي ووضع شعارها.

وعملت "المبدعون السوريون"، على الترويج للسلطات والمناطق التي تديرها، وينتقد ناشطون سوريون عملية التجميل هذه، والعمل المستمر على تمييع القضايا وتبني الرواية الرسمية وإظهار محافظة إدلب كدولة متطورة وسط تجاهل فاضح لواقع الأحوال المعيشية والاقتصادية وتردي الخدمات الأساسية.

واستحدثت المنصة، صفحة جديدة تحت مُسمى "المبدعون للدعاية والإعلان"، لتضاف إلى صفحات منبثقة عنها يتلخص عملها في الدعاية والإعلان تسليط الضوء على بعض المنجزات الوهمية مثل الدوارات والمرافق والحدائق وأعمدة الإنارة والمراكز التجارية.

وتتهم المنصة بالعمل على تجاهل قضايا مهمة وحساسة لا سيما التي تتعلق بالنزوح واستمرار القصف وتردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار في ظل عدم وجود رؤية حكومية تساعد السكان في التعامل مع هذه الأزمات.

وحسب مؤشرات الحدود الاقتصادية للسكان المدنيين في الشمال السوري خلال شهر آب 2023 الماضي، الصادرة عن فريق "منسقو استجابة سوريا"، بناء على سعر الصرف، وكمية الاحتياجات وارتفاع الأسعار بلغ حد الفقر المعترف به، ارتفع إلى قيمة 6,473 ليرة تركية.

في حين ارتفع حد الفقر المدقع، إلى قيمة 4,669 ليرة تركية، مع زيادة حد الفقر إلى مستويات جديدة بنسبة 1.12 % مما يرفع نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر إلى 90.93 % وزيادة حد الجوع إلى مستوى جديد بزيادة بنسبة 0.37 % مما يرفع نسبة العائلات التي وصلت إلى حد الجوع 40.67 بالمئة.

يُضاف إلى ذلك تزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية حيث وصلت إلى 88.65 % بشكل وسطي، مع ارتفاع نسبة التضخم بمقدار 1.29 % على أساس شهري، و 74.18 % على أساس سنوي، وعجز واضح في القدرة الشرائية لدى المدنيين.

وفي آب/ أغسطس 2022 الماضي، بثت منصة "المبدعون السوريون"، الذراع الرقمي للإعلام المقرب من "هيئة تحرير الشام"، تسجيلاً مصوراً ضمن حلقة من برنامج تحت مسمى "مشوار"، يتناول في مضمون فكرته الترويج الإعلامي للمعيشة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وفي بداية التسجيل يظهر مقدم البرنامج متجهاً إلى مكتب صرافة في المحافظة ليقوم بتصريف مبلغ 10 دولار أمريكي للعملة التركية، ويتجه إلى الأسواق داعياً المتابعين لمتابعة ماذا يمكن أن يشتري بهذا المبلغ الذي وصل 174 ليرة عقب تحويله لليرة التركية، وقتذاك.

واستهل مقدم الحلقة حديثه عن الأزمات الاقتصادية العالمية التي كانت دافعاً للنزول إلى أسواق محافظة إدلب، واكتشاف قيمة مشتريات مبلغ 10 دولار، وجال على مقاهي ومطاعم ومحال تجارية خاصة بالملابس، وسط تجاهل تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار.

ويرى متابعون بأن التسجيل المشار إليه يهدف بشكل رئيسي للترويج الزائف للحياة الرغيدة في محافظة إدلب، وبشكل خاص تلميع صورة سلطات الأمر الواقع على الرغم أنها فشلت في إدارة موارد الشمال السوري ولا تزال قائمة على الجباية والاحتكار فحسب.

يُضاف إلى ذلك ترويج إعلامي معلن عبر معرفات المنصة قد يكون مدفوع الأجر، وذلك مع الدعاية والإعلان للمطاعم والمكاتب والمحال التي التي ظهرت في التسجيل، بدءاً من مكتب الحوالات، وصولا مقهى ومطعم شاورما وآخر للفلافل، وليس انتهاءا بمحلات الملابس.

ويأتي تصدير هذه البروباغندا الدعائية في ظل تردي الواقع الاقتصادي للسكان حيث تبلغ يومية العامل 30 ليرة تركية حينها، وسط انفصال عن الواقع من قبل إعلام "تحرير الشام"، ويظهر ذلك جلياً رغم تنويه مقدم البرنامج "أحمد سويد"، بأن هذه التجربة لشخص واحد لافتا إلى أن دخل الفئة الأكبر من السكان لا يصل إلى 10 دولار أمريكي.

هذا وانتقد ناشطون الانتقائية الواضحة في التسجيل الترويجي حيث شمل القهوة والبوظة والحلاقة متجاهلاً المواد الغذائية والسلع الأساسية مثل الخبز والأدوية والسكر والرز والمحروقات، ما يؤكد أن الهدف الأساسي منه التسويق للحياة الرغيدة بإدلب عن طريق الكذب والتضليل، حيث ظهر اختلاف واضح بين التسجيل والواقع من حيث تسعيرة الملابس.

وتعرف "المبدعون السوريون"، نفسها بأنها منصة هادفة يقوم عليها فريق من الشباب السوري المبدع في الداخل السوري عبر برامج متنوعة ضمن أساليب مبتكرة"، وسبق أن أثار عدد من مقدمي برامج المنصة الكثير من الجدل، ضمن عدة مواقف منها الترويج الرواية الرسمية لهيئة تحرير الشام، كونهم في غالبيتهم من كوادر الهيئة الإعلامية المجهولين سابقاً لعموم النشطاء والعاملين الإعلاميين في المنطقة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ