الروائي السوري "خالد خليفة
الروائي السوري "خالد خليفة
● أخبار سورية ١ أكتوبر ٢٠٢٣

عاش "الموت" في كتاباته وحاربه النظام .. سوريون وعرب ينعون الروائي "خالد خليفة" 

نعى نشطاء وكتّاب سوريون وعرب، وفاة الروائي السوري "خالد خليفة" الذي رحل مساء أمس السبت، بعد أن ألقى الموت بثقله على حياة السوريّين طيلة العقد الماضي، ولازم الكتابة الروائية السورية أيضاً، ويعدّ "خليفة" أحد الكتّاب الذين قرأوا الموت السوري، وقد حاول باشتغالاته السردية بين أزمنة مختلفة، التمعُّن في الواقع الاجتماعي والتاريخي لسورية ككلّ، وخصوصاً لمدينته حلب.

الراحل من ريف حلب، مواليد عام 1964، وتدرَّج في تعليمه حتى حصل على إجازة في الحقوق من جامعتها عام 1988. لكنّه أخذ مساراً مهنياً مختلفاً وانشغل في عالمِ الأدب مع إصدار روايته الأولى "حارس الخديعة" عام 1993. 

وقال موقع "العربي الجديد" إن الخطوة الأكثر جدّية، والتي أضاءت مسيرة الراحل، وباتت محطّة يتذكّرها متابعوه وقرّاؤه، كانت مع المسلسلات التلفزيونية. ففي عقد التسعينيات بدأت تظهر ملامح أُولى لطفرة صناعة الدراما السورية، إذ صارت الكتابة تفتح لصاحبها نوافذ على جمهور عريض من خلال الشاشة الصغيرة، وفي هذا السياق وقّع عمله التلفزيوني الأوّل "سيرة آل الجلالي" (2000)، من إخراج هيثم حقّي. 

وإن كان قد اعتمد في مسلسله هذا على عَرْض المجتمع الحلبي وتراث المدينة السورية من خلال عائلة آل الجلالي، فإنه حاول مع مسلسله الثاني "قوس قزح" (2001) أن يُكمل مشواره مع ابن مدينته هيثم حقّي، ولكن في إطار الدراما الاجتماعية المعاصرة هذه المرّة. وفي تلك الفترة، أيضاً، نشرَ روايته الثانية "دفاتر القرباط" (2000).

في عام 2006 نشر روايته "مديح الكراهية"، التي تناول فيها أحداثاً من التاريخ السياسي السوري بين عقدَي السبعينيات والثمانينيات، تُعدّ محظورة بعُرف النظام وسرعان مع منعت بعد أشهر من تداولها. 

بعد الثورة السورية عام 2011، استمرّ خليفة بقراءة التحوّلات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها سورية في ظلّ هيمنة حزب البعث، حيث عرض للقمع الذي تعرّض له المجتمع السوري، كما في عمله "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" (2013)، ثم انتقل إلى الكتابة عن الموت الذي فرضته الحرب، وبات واقعاً يومياً من حياة السوريين، كما في روايته "الموت عمل شاق" (2016). قبل أن يعود بروايته الأخيرة "لم يُصلِّ عليهم أحد" (2019) إلى مدينته حلب قبل مئة عام، ليروي قصة لم تخرج بعيداً عن حضور الموت الثقيل في عوالمه، وإن اختار لها زمناً ماضياً، وإطاراً تاريخياً.

تابع خالد خليفة الكتابة للتلفزيون خلال العقدين الأوّلين من الألفية الجديدة، فقدّم "ظلّ امرأة" (2007)، و"العرّاب" (2016)، وتُرجمت أعماله الروائية إلى عدد من اللغات، وفازت روايته "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" بـ"جائزة نجيب محفوظ للرواية" التي تمنحها "الجامعة الأميركية" في القاهرة عام 2013.


ونعت رابطة الكتاب السوريين "بكل أسى الروائي والشاعر والسيناريست خالد خليفة، الذي رحل في دمشق التي عاش فيها ولم يغادرها، إثر نوبة قلبية، تاركاً خلفه الصدمة والحزن لدى كل من عرفه وقرأه في سوريا وفي عموم الوطن العربي والعالم"

وقالت إن "الراحل من أبرز وجوه الروائيين السوريين الذي قدموا للقراء أعمالاً جماهيرية تلتزم قضايا المجتمع وتحاول أساليب مختلفة في السرد، فكان من خلال ذلك أنموذجاً للكاتب الذي حمل روح التجدد والشباب".

وأوضحت أن "خالد خليفة" لم يتردد "لحظة في الوقوف مع مواطنيه في العام 2011، حين نزلوا الشوارع ثائرين يطالبون بحريتهم المغتصبة منذ عقود، وتعرض نتيجة لمواقفه الصريحة للاعتداء الجسدي المباشر ومضايقات متكررة على مدى أعوام طويلة من قبل أجهزة الاستخبارات السورية، وتم تقييد حركته لفترة، قبل أن يسمح له بالمغادرة بموجب موافقة أمنية لا تجدد تلقائياً، الأمر الذي وضعه تحت طائلة حرمانه من حقه في السفر والعودة"


ونال الروائي والكاتب والشاعر السوري، جوائز عربية وعالمية وأفاد صديقه الصحافي يعرب العيسى الذي رافقه خلال الأيام الأخيرة "لقد توفي داخل منزله وحيداً في دمشق (..) اتصلنا به كثيراً ولم يرد، وحضرنا إلى منزله فوجدناه ميتاً على الأريكة"، وقال الأطباء في مستشفى العباسيين في دمشق، إن تشخيص الوفاة هو أزمة قلبية.

وعُرف خليفة، في أوساط الثقافة السورية بعد مسلسلات سورية عدة كتبها مطلع التسعينيات ولاقت رواجاً واسعاً، وذاع صيته بعد تأليف روايته "مديح الكراهية" التي ترجمت إلى ست لغات، وجذبت اهتماماً ووصلت للقائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الأولى عام 2008.

وحازت رواية "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" عام 2013 على جائزة نجيب محفوظ للرواية، أحد أبرز الأوسمة الأدبية العربية، ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، ومن رواياته المعروفة، "لم يصلّ عليهم أحد" عام 2019، و"الموت عمل شاق" عام 2016، و"دفاتر القرباط" عام 2000، و"حارس الخديعة" عام 1993، ومن أشهر المسلسلات التي كتبها "قوس قزح" و"سيرة آل الجلالي" الذي نقل تفاصيل مدينة حلب الاجتماعية والثقافية، ومسلسل "العراب" وغيرها.


ونعى فنانون ومثقفون وصحافيون سوريون وعرب وأجانب، خليفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب ناشطين سياسيين داخل وخارج سوريا، وعُرف خليفة بموقفه المناهض للسلطات وانتقاده لسياساتها في مقالاته ومقابلاته الإعلامية.

ونعاه الكاتب الصحفي المصري سيد محمود بحرقة، قائلاً بأنه خسر "قطعة من قلبه" برحيل خليفة، أما الكاتبة والشاعرة المغربية سكينة حبيب الله فقالت إن "الرواية اليوم، لا العربية فقط، بل منذ أول يوم كتبت فيه، حزينة جداً جداً، وكتب الروائي خليل صويلح "يا لفجيعتنا، سنتحمل موته الشاق وحدنا".

 

المصدر: العربي الجديد - شبكة شام

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ