
وداع البيوت وحنين لا يموت… قصص النزوح والمعاناة بين غزة وسوريا
في مشهد مؤثر من غزة، ظهرت سيدة وهي تودّع منزلها وتقبّله قبل أن تغادره برفقة عائلتها، مشهد هزّ مشاعر المتابعين لأنه يلخّص مأساة إنسانية يعيشها سكان المدينة يومياً؛ مأساة ترك البيت الذي نشأ فيه الإنسان ومغادرته قسراً بسبب ظروف الحرب، هذه التجربة المؤلمة لا يفهمها إلا من ذاق مرارتها بنفسه، وأجبر على الرحيل تحت وقع النزاعات والدمار.
ألم النزوح المشترك
ليست هذه اللحظة حكراً على غزة وحدها؛ فهي تعكس واقعاً عاشه ملايين المدنيين في دول عربية شهدت حروباً ونزاعات، وفي مقدمتها سوريا، حيث أُجبر الأهالي على ترك قراهم ومدنهم تحت القصف وبطش نظام الأسد البائد، آلاف العائلات السورية تناثرت في المخيمات والمدن شمال البلاد وفي دول عربية وأوروبية، تنتظر بفارغ الصبر لحظة العودة إلى بيوتها وأماكن نشأتها.
على مدى السنوات الماضية، ظل هؤلاء السوريون يبحثون بين الصور والفيديوهات على مواقع التواصل عن بيوتهم المدمرة أو المفقودة، علّهم يجدون لقطة أو مشهداً يربطهم بذكرياتهم وحنينهم إلى المكان الذي تربّوا فيه.
من المعاناة إلى الأمل
استمرت هذه المعاناة لأكثر من عقد حتى بدأت القرى والمدن تعود إلى أصحابها تدريجياً بعد سقوط نظام الأسد الذي أحكم قبضته على البلاد لعقود، لتثبت هذه التجربة أن الحق يصمد في النهاية وأن الظلم لا يدوم، وتمنح العائلات فرصة لاستعادة جزء من حياتها وذكرياتها.
تضامن السوريين مع أهالي غزة
اليوم، كلما انتشرت مقاطع من فلسطين عن النزوح أو الدمار أو موت الأطفال، يتفاعل السوريون معها بحرارة، وتعكس تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي عمق شعورهم وتضامنهم الصادق لأنهم عاشوا تجربة مشابهة خلال سنوات الثورة السورية ضد نظام آل الأسد.
ومع عودة السوريين تدريجياً إلى أراضيهم بعد انتصار الثورة، يتمنون لأهالي غزة أن يعودوا إلى بيوتهم وأن تتوقف الحرب في بلادهم، وأن يستعيد كل غائب بيته وينتصر على عدوه، لتبقى فلسطين حرّة عربية كما يتمنّون.
هذا التلاقي في المعاناة بين غزة وسوريا يعيد رسم صورة جديدة للتضامن الشعبي العربي ويؤكد أن مشهد وداع البيوت ليس نهاية الحكاية، بل قد يكون بداية طريق نحو العودة والانتصار والحرية.