"نوح زعيتر".. "بارون المخدرات" بين لبنان وسوريا في قبضة مخابرات الجيش اللبناني
أفادت مواقع إعلام لبنانية، عن قيام مخابرات الجيش اللبناني، بإلقاء القبض على "نوح زعيتر"، عقب عملية أمنية دقيقة نفذتها في جرود بلدة الكنيسة في منطقة البقاع اللبنانية، والمعروف بأنه أحد أكبر زعامات الاتجار بالمخدرات في لبنان وسوريا، والذي كانت تربطه علاقات كبيرة مع شخصيات بارزة في نظام بشار الأسد وميليشيا حزب الله.
يمثّل نوح زعيتر واحداً من أبرز وأخطر الأسماء المرتبطة بتجارة وتهريب المخدرات في لبنان وسوريا خلال العقدين الأخيرين، حيث صنع لنفسه شبكة نفوذ واسعة داخل البقاع اللبناني، امتدت لاحقاً إلى الأراضي السورية مستفيدة من الفوضى الأمنية التي رافقت الحرب في سوريا.
شخصية مثيرة للجدل
وُلد نوح زعيتر عام 1977 في تعلبايا في قضاء زحلة، وسط بيئة ريفية عُرفت تاريخياً بزراعة الحشيش، ورغم خلفيته التعليمية المحدودة، إلا أنه اشتهر مبكراً بين أبناء المنطقة بقدرته على بناء علاقات متشابكة مع شخصيات محلية ومجموعات مسلحة، واستغل سنوات الحرب السورية ليصبح أحد “بارونات المخدرات” في الشرق الأوسط.
تورد مصادر إعلامية أنه درس لفترة قصيرة في الجامعة الأميركية ببيروت، وأقام لفترة لاجئاً في سويسرا مطلع التسعينيات قبل أن يعود إلى لبنان ويستأنف نشاطه في البقاع. ومع مرور الوقت، شكّل شبكة مسلحة مرتبطة بشكل غير مباشر بجهات محلية نافذة، واتُهم بإدارة مصانع لإنتاج الكبتاغون والحشيش والمواد المخدرة الأخرى.
نشاط عابر للحدود
تضع تقارير حقوقية وأمنية زعيتر في صلب عمليات التهريب بين لبنان وسوريا، حيث ازدهر نشاطه على نحو غير مسبوق بعد عام 2011، وكان له علاقاته مع جهات نافذة في لبنان وسوريا ساعدته في توسيع شبكتهرفي المناطق الحدودية.
كما ورد اسمه في عدد من تقارير إعلامية تربط بينه وبين تهريب شحنات كبيرة من المخدرات إلى دول الخليج، وأوروبا، وشمال أفريقيا، فيما أكدت مصادر أمنية أن مزرعته في البقاع شكّلت نقطة انطلاق لنشاط واسع يتميز بالتنظيم والتسليح.
ملاحقات وعقوبات دولية
أدرجت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نوح زعيتر على لوائح العقوبات المتعلقة بتجارة المخدرات وتبييض الأموال، حيث تعتبره واشنطن أحد أبرز المنتجين والموزعين للكبتاغون في المنطقة. كما صدرت بحقه أحكام لبنانية غيابية بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.
وتشير وثائق قضائية لبنانية إلى تورطه في عشرات الجرائم المتعلقة بالاتجار بالمخدرات، وتشكيل عصابة مسلحة، وفتح النار على قوى الأمن، إضافة إلى مخالفات خطيرة أخرى تندرج ضمن الجريمة المنظمة.
حضور إعلامي استفزازي
ورغم خطورة الاتهامات بحقه، حافظ زعيتر على حضور إعلامي مثير للجدل، حيث ظهر مراراً في لقاءات مسجّلة أو مقاطع مصوّرة داخل مزارعه، متحدياً السلطات وواصفاً نفسه بأنه "حامي البقاع". وتحوّل مع الوقت إلى شخصية شعبية لدى بعض الفئات، بينما يُنظر إليه من قبل جهات واسعة كرمز لغياب الدولة وضعف سيادة القانون.
وسبق أن كرر "نوح زعيتر"، تاجر المخدرات اللبناني المقرب من ميليشيات "حزب الله" الإرهابي، زيارته المعلنة إلى سوريا في عهد نظام بشار الأسد البائد، وظهر في عدة مناطق منها في دمشق وحمص وحلب واللاذقية بضيافة ميليشيات مقربة من إيران.
وفي يناير 2021، كشفت مشاهد بثها "نوح زعيتر" عن لقاء جمعه مع "وسيم الأسد" خلال زيارته لسوريا التي بدأت من "بلودان" بريف دمشق وانتهت في "القرداحة" بالساحل السوري، خلال زيارته التي تتكرر إلى سوريا.
وظهر وقتذاك في التسجيلات من زيارة "زعيتر"، حفلات نظمها مطربين في بلودان السورية، فيما ظهر مع "وسيم"، في صالة ضمن مكتبه في القرداحة وظهر إلى جانبهم شخص يبدو أنه مصاب بمرض نقص النمو حيث طلب منه أبن عم رأس النظام الإرهابي الأول "بشار" بأن يشتم "المسلحين"، وفق تعبيره.
وسبق أن جرت زيارات متبادلة بين الطرفين خلال السنوات الماضية كان أبرزها مابين عامي 2017 و2018 برغم مذكرات توقيف من القضاء اللبناني، بحق تاجر المخدرات "نوح زعيتر".
ويعرف عن "نوح زعيتر" الولاء المطلق لنظام الأسد حيث شارك في معارك احتلال مدينة القصير وسط البلاد في مطلع الثورة السورية وذلك ضمن صفوف ميليشيات حزب الله اللبناني التي تعتمد على تجارة المخدرات بشكل كبير وفقاً لتقارير حقوقية.
يُعد نوح زعيتر نموذجاً صارخاً لبارونات الجريمة المنظمة الذين ازدهر نفوذهم مع ضعف الدولة واتساع الفوضى الإقليمية، وهو اليوم واحد من أكثر المطلوبين خطورة في لبنان. وبينما تستمر الملاحقات الأمنية ضده، يبقى نشاطه جزءاً من منظومة تهريب معقدة تتجاوز الحدود، وتُعد من أكبر التحديات الأمنية لكل من لبنان وسوريا والمنطقة ككل.