من الاتكالية إلى الاعتماد على الذات: خطوات لتعزيز استقلالية الأطفال
يعاني بعض الأطفال من الاتكالية، حيث يعتمدون بشكل مفرط على الآخرين لإنجاز أبسط المهام اليومية، من الواجبات المدرسية إلى أمور حياتهم الأخرى. هذا النمط يعيق نمو استقلاليتهم ويضعف قدرتهم على مواجهة التحديات، كما يؤثر سلباً على مهاراتهم الاجتماعية والأكاديمية، ويظهر أحياناً في صعوبة تحمل المسؤولية وضعف الثقة بالنفس.
غالباً ما يُظهر الطفل الاتكالي اعتماداً كبيراً على أهله في تفاصيل حياته اليومية، فيطلب المساعدة في ارتداء الملابس وترتيب أغراضه، بل وحتى في إنجاز المهام البسيطة. كما يتردد في اتخاذ القرارات المرتبطة بأنشطته اليومية، ويميل إلى تأجيل واجباته إلى أن يتكفّل الآخرون بها. ولا يستطيع التعامل مع المشكلات اليومية وحده، حتى تلك التي تتعلق بخلافات بسيطة مع الأصدقاء، ويُظهر ضعف المبادرة سواء داخل المنزل أو في مختلف الأنشطة التي يمارسها.
كيف تتشكل الاتكالية؟
ويعود سبب اكتساب الأطفال لسلوك الاتكالية إلى عدة عوامل، منها الدلال المفرط من الأهل واعتيادهم على القيام بكل شيء نيابة عن أطفالهم. كما قد ينشأ الطفل في بيئة أسرية تعاقب بشدة على الأخطاء، مما يجعله يتهرب من المسؤولية ويعتمد على الآخرين لأداء واجباته لتجنب الخطأ والعقاب. ويلعب ضعف الثقة بالنفس دوراً في اعتماده على الآخرين بدل أن يجرب الأمور بنفسه.
النتائج الخفية للاتكالية
وبحسب الدراسات النفسية، فإن سلوك الاتكالية لدى الأطفال يؤدي إلى العديد من الآثار السلبية، منها ضعف استقلالية الطفل، إذ لا يتعلم الاعتماد على نفسه في إنجاز المهام اليومية أو اتخاذ القرارات. كما يؤثر ذلك على ثقته بنفسه، فيشعر بعدم القدرة على مواجهة المشكلات بمفرده.
ويعاني الطفل أيضاً من تأخر في تطوير مهارات حل المشكلات، لأنه لم يكتسب الخبرة الكافية لمواجهة المواقف الصعبة أو حل النزاعات. وقد يتأثر أداؤه الأكاديمي، خاصة إذا اعتمد على الآخرين في إنجاز الواجبات المدرسية، ما يقلل من قدرته على التعلم الذاتي. كما يزيد هذا السلوك من الأعباء على الأهل، الذين يضطرون لتحمل مهام إضافية فوق مسؤولياتهم الأساسية.
خطوات عملية لتعليم الطفل الاستقلالية
وتقترح أريج الإبراهيم، وهي مدرسة في إحدى الروضات في بلدة دير حسان بريف إدلب الشمالي، تعزيز استقلالية الطفل بشكل تدريجي من خلال إعطائه مهام بسيطة يمكنه القيام بها بنفسه، ثم زيادة صعوبة المهام مع مرور الوقت. كما تنصح بتجنب التدخل المفرط في شؤون الطفل، والسماح له بمحاولة حل مشكلاته بنفسه قبل تقديم المساعدة، مع تقديم التوجيه فقط عند الضرورة وليس الحل الكامل.
وتشدد على تعليم الطفل كيفية التفكير في الخيارات المتاحة قبل اتخاذ القرارات، وتمجيد جهوده عند محاولته القيام بالمهام بنفسه حتى لو أخطأ، مع التركيز على المحاولة وليس الكمال. كما تشير إلى أهمية مساعدة الطفل على تنظيم وقته ومهامه اليومية، بما يعزز قدرته على أداء واجباته بشكل مستقل دون انتظار الأوامر، ويقلل من الاعتماد على الآخرين ويقوّي ثقته بنفسه.
طريق الاستقلالية يبدأ بخطوات صغيرة
خلاصة القول، سلوك الاتكالية يعيق استقلالية الطفل وتطور مهاراته، لكنه يمكن تجاوزه من خلال تشجيعه على الاعتماد على نفسه تدريجياً، وتزويده بفرص لتجربة حل المشكلات واتخاذ القرارات. هذا يعزز ثقته بنفسه، ويساعده على مواجهة التحديات اليومية بشكل مستقل، ويقلل من اعتماده على الآخرين.