السيدة كارلا كوينتانا مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني
السيدة كارلا كوينتانا مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني
● أخبار سورية ٧ أكتوبر ٢٠٢٥

كوينتانا: البحث عن المفقودين في سوريا “مسعى جماعي” تقوده العائلات وبدعم دولي

أكدت رئيسة المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا، السيدة كارلا كوينتانا، أن جهود الكشف عن مصير مئات الآلاف من المفقودين في البلاد تمثل “مسعى جماعياً” لا يمكن لأي جهة إنجازه بمفردها، مشددة على أن المؤسسة تعمل من أجل جميع المفقودين، بغض النظر عن هوية الجهة التي تسببت في اختفائهم أو وقت حدوثه.

وفي مقابلة مع “أخبار الأمم المتحدة” خلال زيارتها لسوريا، أوضحت كوينتانا أن إنشاء المؤسسة جاء نتيجة نضال طويل خاضته العائلات السورية، مدفوعة برغبتها في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، مشيرة إلى أن النساء السوريات لعبن دوراً بارزاً في هذا المسار، وأثبتن قوة وصلابة في مواصلة البحث رغم التحديات.

تحقيقات متعددة وتعاون مع السلطات

أشارت كوينتانا إلى أن المؤسسة، التي تأسست منذ عامين بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، باشرت فتح مسارات تحقيق متعددة، تشمل حالات الاختفاء القسري على يد النظام السابق، واختفاء الأطفال خلال تلك الفترة، إضافة إلى الحالات المرتبطة بتنظيم داعش، وكذلك المهاجرين المفقودين.

وأكدت أن فتح هذه المسارات الأولية لا يعني إهمال أنواع أخرى من حالات الاختفاء، بل تم التركيز عليها نظراً لتوفر معلومات دقيقة وشهادات من ناجين وعائلات قدمت تفاصيل مهمة.

دعم دولي ومشاركة البيانات

وشددت كوينتانا على أهمية التعاون الدولي، معتبرة أن وجود تفويض من الجمعية العامة يعكس جدية المجتمع الدولي، لكنها أكدت أن القيادة يجب أن تكون سورية، بدعم من خبرات دولية.

وتابعت: “من أكبر التحديات التي نواجهها هي المعلومات. نحن بحاجة إلى بيانات، وثقة العائلات، والوصول إلى الوثائق الرسمية. ومن دون مشاركة الجميع للمعلومات، لن نتمكن من ربط النقاط والوصول إلى الحقيقة”.

وأوضحت أن المؤسسة تعمل وفق منهجيات علمية، مستفيدة من تجارب بلدان مثل المكسيك وكولومبيا وغواتيمالا، لكنها أكدت أن الحالة السورية فريدة وتتطلب حلولاً خاصة بالسياق المحلي.

تعاون مع لبنان وتقدم في الملفات

وفيما يتعلق بالملف اللبناني، كشفت كوينتانا عن تواصل مباشر مع السلطات اللبنانية، ووزارة العدل، واللجنة الوطنية للبحث عن المفقودين، في محاولة لمعالجة قضايا اللبنانيين الذين فُقدوا في سوريا، وكذلك السوريين الذين فُقدوا أثناء عبورهم إلى لبنان.

وأشارت إلى أن المؤسسة ناقشت بشكل مباشر مع السلطات السورية، والهيئة الوطنية للمفقودين، ملفات متعددة شملت مناطق كاللاذقية وطرطوس والسويداء، وعرضت تقديم الدعم الفني والمهني في هذه القضايا.

افتراض الحياة.. ومتابعة ملفات الأطفال

أوضحت كوينتانا أن المؤسسة تفترض أن المفقودين أحياء ما لم يتوفر ما يثبت العكس، مشيرة إلى أن هناك حالات مؤكدة لأشخاص عادوا أحياء بعد سقوط النظام. وأضافت أن المؤسسة تعمل حالياً على تتبع ملفات الأطفال المفقودين الذين يُرجّح أنهم ما زالوا على قيد الحياة بعد أن بلغوا مرحلة الشباب.

كما نوهت بوجود وحدة للطب الشرعي ضمن المؤسسة، تعنى بحالات يُحتمل أن أصحابها قد فارقوا الحياة، في إطار معالجة مصير مئات الآلاف من المفقودين.

تواصل يومي مع العائلات ومجلس استشاري جديد

كشفت كوينتانا عن اعتماد المؤسسة آليات تواصل منتظمة مع العائلات ومنظمات المجتمع المدني، داخل سوريا وخارجها، تشمل اجتماعات دورية ومجالس تشاورية. وأكدت أن المؤسسة تعقد لقاءات مع الناجين وأهالي المفقودين لإطلاعهم على التقدم المحرز وخطط العمل المقبلة.

وأعلنت عن تشكيل مجلس استشاري مكون من 11 عضواً، يضم ممثلين عن العائلات وخبراء وممثلين عن المجتمع المدني، مشددة على أن المؤسسة “أُنشئت من أجلهم وبأيديهم، وتعمل يومياً بناءً على احتياجاتهم وتطلعاتهم”.

قوة النساء وأمل لا يموت

في ختام حديثها، سلطت كوينتانا الضوء على قصص ملهمة لنساء سوريات التقت بهن، خصوصاً في داريا، حيث تحدثت عن سيدة فقدت زوجها عندما كانت طفلتها في شهرها الثالث. وتحدثت الابنة، التي أصبحت معلمة، عن كفاح والدتها، في لحظة وصفتها كوينتانا بأنها تمثل “جوهر العمل في قضية المفقودين”.

وختمت قائلة: “نحن هنا لنرافق هؤلاء النساء، ونضع بين أيديهن ما نملك من خبرة ومهارة، ونمضي معاً في هذا الطريق الشاق من أجل الحقيقة والعدالة”.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ