قلعة حلب تنهض من جديد… حفل افتتاح يكرّس رمزية المدينة وتاريخها العريق
قلعة حلب تنهض من جديد… حفل افتتاح يكرّس رمزية المدينة وتاريخها العريق
● أخبار سورية ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٥

قلعة حلب تنهض من جديد… حفل افتتاح يكرّس رمزية المدينة وتاريخها العريق

في مشهدٍ يفيض بالرمزية الوطنية ويعكس المكانة التاريخية لحلب، شهدت قلعة حلب –أحد أقدم وأهم القلاع في العالم– حضوراً رسمياً وشعبياً واسعاً على مدرج النصر استعداداً لحفل افتتاحها بعد أعمال ترميم كبرى، برعاية وزارة السياحة وبالتعاون مع وزارة الثقافة ومحافظة حلب، الحفل يُعد تتويجاً لأشهر من العمل المكثف لإعادة الحياة إلى القلعة التي عانت أضراراً جسيمة خلال سنوات الحرب والزلازل الأخيرة.

رسائل ثقافية ووطنية في كلمات المسؤولين
خلال الفعاليات، أكد وزير الثقافة أن “ثقافتنا الأصيلة عصيّة على الطمس رغم كل ما ألمّ بها خلال حقبة الحديد والنار والديكتاتورية”، فيما أشاد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح بتضحيات “أبطال حلب الشجعان الذين مهدوا بدمائهم طريق هذا اليوم التاريخي”، مضيفاً أن حلب “حاضرة من حواضر التاريخ ويليق بها الفرح اليوم وكل يوم”.
كما نُقلت تحيات الرئيس أحمد الشرع إلى أهالي المدينة ووعد بزيارة قريبة للقلعة، في إشارة إلى أهميتها الرمزية في وجدان السوريين.

 قلعة حلب… صرح حضاري في قلب الشهباء
تقع القلعة في وسط المدينة القديمة على تلة مرتفعة تهيمن على أحيائها المحيطة، وتُعد من أكبر القلاع الإسلامية وأقدمها. بُنيت على مدى قرون طويلة، إلا أن شكلها الحالي يعود إلى العصر الأيوبي في عهد الملك الظاهر غازي.


 تضم القلعة بوابة ضخمة مزخرفة وخندقاً دفاعياً وجسراً حجرياً، وفي داخلها مساجد وقاعات استقبال وأبراج مراقبة وخزانات مياه، ما يجعلها نموذجاً فريداً لفن العمارة الدفاعية في الشرق الأوسط.

تاريخ يمتد لآلاف السنين
تشير المصادر التاريخية إلى أن تلة القلعة استُخدمت كموقع محصّن منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت مركزاً لعبادة الإله الحثي هَدَد، ثم توالت عليها الإمبراطوريات الآشورية والفارسية واليونانية والرومانية والبيزنطية. 


وفي العصور الإسلامية تحولت إلى قلعة كبرى عززت مكانتها العسكرية والسياسية، ونجت من غزوات المغول والتتار وتيمورلنك، وأعيد ترميمها في عهود المماليك والعثمانيين، فغدت مرآةً لتاريخ المدينة وتقلّباتها.

من الحرب والزلزال إلى النهوض
تضررت القلعة بشكل كبير خلال الحرب، فتهدمت أجزاء من بوابتها وأسوارها ومدرجاتها الداخلية، وزادت الزلازل الأخيرة من حجم التصدعات. لكن وزارة السياحة ووزارة الثقافة بالتعاون مع محافظة حلب ومنظمات دولية –منها شبكة الآغا خان للثقافة– عملت على مشاريع ترميم متعددة المراحل شملت إعادة بناء الجدران وترميم البرج الجنوبي والمآذن التاريخية وإحياء مدرج النصر لاستقبال الفعاليات الثقافية والفنية.

 منصة للثقافة والفنون ورسالة للصمود
يؤكد القائمون على المشروع أن إعادة افتتاح القلعة بعد ترميمها خطوة رمزية لإعادة الحياة إلى قلب حلب القديمة واستعادة ثقة سكانها وزوارها. فالقلعة تمثل أحد أعمدة الهوية السورية وأيقونة التراث العالمي المسجل على قائمة اليونسكو. ومن المتوقع أن يسهم افتتاحها في تعزيز السياحة الثقافية وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي، فضلاً عن ترسيخ رسائل الصمود وإعادة البناء.

مدرج النصر الذي يشهد حفل الافتتاح تحوّل إلى ساحة تجمع السوريين من مختلف المناطق، حيث ستقام عروض موسيقية وفنية ومسرحيات تاريخية تحاكي أمجاد القلعة وأدوارها في حماية المدينة على مر العصور. وأعلنت وزارة السياحة أن القلعة ستصبح مقراً دائماً للأنشطة الثقافية والبرامج التعليمية الموجهة للطلاب والزوار.

أيقونة وطنية تتجدد
افتتاح قلعة حلب بهذا الزخم الرسمي والشعبي لا يمثل مجرد إعادة افتتاح صرح أثري، بل تجديداً لذاكرة وطنية ناطقة وتأكيداً على أن المدينة التي شهدت الغزاة والزلزال والحرب ما تزال تنهض من جديد، وتحافظ على مكانتها كأحد أعمدة الحضارة السورية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ