"قسد" تمنع الاحتفالات في ذكرى التحرير وتزعم الاستعداد لشراكة وطنية
أصدرت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية بياناً بمناسبة الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد في سوريا، وجّهت فيه خطاباً إلى عموم السوريين في شمال وشرق البلاد وفي مختلف المناطق، مؤكدة أن سقوط النظام مثّل لحظة فارقة في تاريخ السوريين، وفتح الباب لإعادة بناء الوطن على أسس جديدة قوامها العدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان.
وقالت القيادة في بيانها إن مرحلة جديدة بدأت منذ 8 كانون الأول 2024، بعد إسقاط منظومة القمع التي حكمت سوريا لعقود، مؤكدة أن سقوط النظام شكّل فرصة تاريخية للسوريين لإعادة بناء وطنهم وإطلاق مسار سياسي واجتماعي واقتصادي جديد، يقوم على الحقوق المتساوية والمواطنة الحقيقية وسيادة القانون ونبذ العنف والاستبداد.
واعتبر البيان أن مناطق شمال وشرق سوريا كانت الساحة الأولى التي كسرت قبضة النظام الأمنية والعسكرية منذ انتفاضة 12 آذار 2004، واستمرت في مقاومة الاستبداد، إلى أن أصبحت نموذجاً في الإدارة المدنية منذ عام 2012، حين أدارت مؤسساتها الذاتية شؤون المجتمع، وقدمت نفسها بوصفها نموذجاً بديلاً لمركزية النظام واحتكاره للسلطة.
وقالت "قسد" إن القوى العسكرية والسياسية والاجتماعية في شمال وشرق سوريا لعبت دوراً محورياً في مواجهة الإرهاب وفي حماية المناطق المحررة، لاسيما خلال معاركها ضد تنظيم الدولة "داعش"، مما جعلها شريكاً أساسياً في التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد وصولاً إلى لحظة التحرير.
وفي سياق الحديث عن الوضع الراهن، شدّد البيان على أن سقوط النظام لا يعني انتهاء التحديات، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب مسؤولية جماعية من جميع الأطراف السورية. وقالت القيادة إن كثيرين من السوريين باتوا اليوم يفتحون أبوابهم وقلوبهم أملاً بمرحلة جديدة من التفاهم الوطني، وإن اللحظة الراهنة تفرض وحدة الصف وتعزيز الثقة بين المكونات، والتعاطي مع التغيرات بوعي ومسؤولية.
وأضافت القيادة العامة أن الفرص ما تزال قائمة لوضع سوريا على مسار ديمقراطي حقيقي يشارك فيه الجميع دون إقصاء، وأن ذلك لن يتحقق إلا عبر حل سياسي شامل يضمن عودة جميع السوريين إلى مناطقهم بكرامة، ويضمن حقوقهم الوطنية بعيداً عن الانتقام والتخوين.
وجددت قوات سوريا الديمقراطية تأكيدها الالتزام باتفاق 10 آذار، معتبرةً أنه الإطار الأنسب لتحقيق شراكة حقيقية بين مكوّنات سوريا، وبناء نظام لامركزي ديمقراطي يحفظ وحدة البلاد ويعزز المشاركة العادلة في صنع القرار. وأكدت أن المرحلة الانتقالية يجب أن تشمل إصلاحات سياسية حقيقية، وتفعيل الحوار الوطني بين مختلف القوى السورية.
كما أوضحت القيادة أن على جميع القوى السورية، بما في ذلك الجيش وقوات الأمن، أن تتبنى مشروعاً وطنياً جامعاً يهدف إلى حماية وحدة البلاد واستقرارها، مشددة على رفض أي محاولات لزج السوريين في صراعات جانبية أو فتن داخلية.
وفي ختام البيان، قالت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية إن "سوريا الجديدة تبدأ اليوم"، داعيةً إلى بناء مستقبل مشترك يقوم على الشراكة والعدالة والمساءلة والمساواة، وعلى التأسيس لاقتصاد وطني متين، وإعادة بناء ما دمره النظام، وتمكين السوريين من إدارة شؤونهم بعيداً عن الاستبداد والعنف والتهميش.
عبدي: ذكرى سقوط النظام لحظة مهمة لبناء مستقبل جامع… والإدارة الذاتية تمنع احتفالات عيد التحرير
وكان قال قائد "قوات سوريا الديمقراطية – قسد"، مظلوم عبدي، إن الذكرى الأولى لسقوط النظام المخلوع تمثل محطة بالغة الأهمية تذكّر السوريين بإرادتهم في بناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافاً لكل المكوّنات، رغم أنّ الإدارة الذاتية في مناطق سيطرته منعت إقامة أي احتفالات بعيد التحرير في شمال شرقي سوريا.
وأضاف عبدي، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس" اليوم الأحد، أن المرحلة الحالية تتطلب تحمّل مسؤولية وطنية مشتركة، والدخول في حوار جامع يضع مصلحة السوريين فوق أي اعتبارات سياسية أو فصائلية. وأكد التزامه باتفاق العاشر من آذار.
واعتبر أنه الإطار الذي يمكن البناء عليه للوصول إلى سوريا لا مركزية وديمقراطية، تحافظ على حقوق جميع المكوّنات وتعزز وحدة البلاد. وختم بالقول إن مستقبل سوريا يحتاج تعاوناً واسعاً بين جميع الأطراف للحفاظ على الاستقرار وبناء دولة تلبّي تطلعات شعبها بعد عام على التحوّل التاريخي.
وتأتي تصريحات عبدي قبل أسابيع من انتهاء المهلة المخصصة لتنفيذ بنود اتفاق 10 آذار الذي وقّعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وينصّ على دمج "قسد" في مؤسسات الدولة السورية. وكان عبدي قد وصف العام المقبل في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" بأنه سيكون "مصيرياً" بالنسبة لسوريا.
وفي السياق نفسه، كانت أصدرت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا قراراً يحظر إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية خلال يومي السابع والثامن من الشهر الجاري، مبررة ذلك بالظروف الأمنية الراهنة وازدياد نشاط "خلايا إرهابية" تقول إنها تستغل ذكرى سقوط النظام السابق لتنفيذ عمليات تهدف إلى إثارة الفتنة. وأكدت الإدارة أن الهدف من القرار هو حماية سلامة المواطنين والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي.
كما تضمّن القرار منع إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية تحت طائلة المساءلة القانونية، وذلك استناداً إلى التعميم رقم 19 الصادر عن الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، في إطار ما تصفه الإدارة بإجراءات تهدف إلى تثبيت الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويُذكر أن هذه الإجراءات تأتي امتداداً لقيود أمنية مشابهة فرضتها الإدارة الذاتية في مناسبات سابقة، خصوصاً تجاه المدنيين المؤيدين للثورة السورية، في سياق مواجهة ما تعتبره تهديدات محتملة خلال الاحتفالات العامة. كما تشير الوقائع إلى أن عناصر "قسد" سبق أن استخدموا الرصاص الحي ضد متظاهرين في مدينتي الرقة ودير الزور، ما أدى إلى وقوع ضحايا بين المحتجين الذين طالبوا بانسحاب "قسد" ودخول قوات إدارة العمليات العسكرية.