
عائدون بلا منازل… والكرفانات تتحول إلى بيوت دائمة في ريف إدلب
بعد سنوات النزوح القاسية، عاد كثير من الأهالي إلى قراهم المدمّرة في ريف إدلب على أمل استعادة حياتهم السابقة، لكن الواقع كان أكثر صعوبة مما توقعوا. البيوت مهدّمة بالكامل، البنية التحتية غائبة، وتكاليف البناء تجاوزت قدرات معظم العائدين. أمام هذا المشهد القاسي، وجدت العائلات نفسها مضطرة للجوء إلى الكرفانات كمأوى مؤقت يقيها حرّ الصيف وبرد الشتاء.
الكرفان… بيت بديل يفرضه الواقع
الكرفانات التي استخدمت خلال سنوات النزوح تحولت اليوم إلى حلّ عملي يرافق أصحابها في رحلة العودة. كثيرون نقلوا تلك المنازل المسبقة الصنع من المخيمات إلى أراضيهم المدمرة، باعتبارها الخيار الوحيد المتاح في ظل غياب مشاريع إعادة الإعمار وارتفاع أسعار مواد البناء.
يقول أحد العائدين من ريف إدلب الجنوبي: "بيتي أصبح ركاماً، ولا أملك ما أبني به واحداً جديداً. اشتريت كرفانة صغيرة لأعيش فيها مع عائلتي حتى تتحسن أحوالي". شهادات مماثلة تتكرر بين الأهالي الذين وجدوا في الكرفان ملاذاً يحفظ بعض الكرامة بعد سنوات الخيام.
سوق الكرفانات المستعملة ينتعش
مع تزايد الطلب على هذا النوع من المأوى، نشأ سوق حيوي للكرفانات المستعملة في ريف إدلب. بعضها يُباع بأسعار أقلّ بكثير من الجديدة، ما يتيح للعائلات الفقيرة امتلاكها. وبحسب تجار محليين، يمكن شراء كرفان مستعمل بمساحة متوسطة بنحو 800 دولار، بينما تصل أسعار الكرفانات الجديدة إلى أكثر من 3500 دولار، وهو مبلغ لا يستطيع أغلب العائدين تحمله.
مأوى أفضل من الخيام لكنه ليس بديلاً عن الإعمار
يؤكد الأهالي أن الكرفانات توفر حماية نسبية مقارنة بالخيام، لكنها تظل حلاً مؤقتاً لا يلبي كل الاحتياجات. العمر الافتراضي للكرفان قد يصل إلى عشر سنوات وفق الاستخدام والعناية، وهو ما يمنح العائلات وقتاً إضافياً لكنها ما تزال تعيش على أمل مشاريع إعادة إعمار تعيد لها منازلها الحقيقية.
أمل مؤجّل
آلاف الأسر في ريف إدلب الجنوبي تنتظر بفارغ الصبر إطلاق مشاريع حقيقية لإعادة الإعمار وترميم المنازل والمدارس والبنية التحتية، وحتى ذلك الحين، تبقى الكرفانات رمزاً للمرحلة الانتقالية بين النزوح والعودة، وبيتاً مؤقتاً يحفظ بقاء العائلات على أرضها ويعكس قدرتها على التكيف والصمود في وجه الظروف القاسية.