ضعف الخدمات الصحية يضاعف معاناة النساء الحوامل العائدات إلى قراهن في ريفي إدلب وحماة
ضعف الخدمات الصحية يضاعف معاناة النساء الحوامل العائدات إلى قراهن في ريفي إدلب وحماة
● أخبار سورية ٥ أكتوبر ٢٠٢٥

ضعف الخدمات الصحية يضاعف معاناة النساء الحوامل العائدات إلى قراهن في ريفي إدلب وحماة

تواجه النساء الحوامل العائدات إلى قراهن في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي واقعًا صعبًا بعد سنوات من النزوح، إذ اصطدمن بضعف الخدمات الطبية المقدمة لهن، ما فاقم معاناتهن الصحية والنفسية، وتركهن أمام تحديات قاسية في مرحلة حساسة تتطلب عناية ومتابعة دقيقة.

رحلة العودة تصطدم بغياب المرافق الصحية
قبل عودتهن إلى قراهن، كانت النساء يعتمدن على المراكز الصحية والمشافي المنتشرة في مدن وبلدات الشمال السوري، حيث أمضين سنوات النزوح بسبب الحرب في سوريا. لكن بعد العودة إلى الديار، وجدن أنفسهن أمام واقع طبي هش، إذ إن معظم المراكز الصحية في المناطق المحررة من نظام الأسد البائد ما تزال خارج الخدمة أو تفتقر إلى التجهيزات الأساسية، مما جعل الوصول إلى الرعاية الصحية تحدياً يومياً للحوامل.

صعوبة الوصول تزيد المخاطر
أصبحت المسافة الطويلة بين القرى وأقرب مركز صحي عقبة كبيرة أمام النساء، خصوصاً في حالات الطوارئ. فغياب سيارات الإسعاف وضعف وسائل النقل في المناطق الريفية يضاعف من المخاطر التي قد تواجه المرأة الحامل عند تعرضها لأي مضاعفات مفاجئة، ما يجعل الكثيرات يعشن في قلق دائم خشية فقدان الجنين أو تعرّض حياتهن للخطر.

شهادة من الميدان: ندم بعد العودة
تقول مروى المحمد، العائدة إلى قريتها الشيخ مصطفى في ريف إدلب الجنوبي، إنها بدأت تشعر بالندم بعد عودتها، بعدما اكتشفت أن أقرب مركز صحي يتطلب قطع مسافة طويلة للوصول إليه. وتضيف: “زوجي يعمل في البناء وغالباً يكون خارج المنزل، أشعر بالخوف من أن يحدث معي طارئ صحي ولا أجد من يساعدني… أكثر ما يقلقني هو مصير طفلي القادم في ظل هذا الواقع الصعب”.

مستشفيات مدمّرة ومراكز متوقفة عن العمل
قبل تصاعد الحرب في سوريا، كانت مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي تضم عدداً من المشافي والمراكز الصحية التي تقدّم خدمات مجانية للأمهات والأطفال. إلا أن القصف المتكرر من قوات نظام الأسد البائد دمّر معظمها، لتخرج عن الخدمة بشكل شبه كامل. ومع غياب الدعم الكافي لإعادة تأهيلها، حُرم السكان من حقهم في الرعاية الطبية الأساسية، لا سيما النساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى متابعة دائمة خلال أشهر الحمل.

تكاليف إضافية وتراجع في مستوى الرعاية
تشير العديد من النساء إلى أن المراكز الصحية العاملة حالياً إما بعيدة جداً أو تفتقر إلى الاختصاصيين والمعدات اللازمة، ما يجبرهن على السفر لمسافات طويلة ودفع تكاليف نقل مرتفعة للوصول إلى رعاية محدودة. كما أن بعض المراكز تفتقر إلى التحاليل المخبرية أو أجهزة التصوير، مما يجبر النساء على الاكتفاء بزيارات أولية دون فحوصات كافية تضمن سلامتهن وسلامة أجنّتهن.

حرمان من المتابعة الطبية والدعم النفسي
تؤكد مصادر طبية أن ضعف الخدمات المتوفرة حالياً حرم الكثير من الحوامل من المتابعة الدورية الضرورية، مما يعرّضهن لخطر ارتفاع ضغط الدم، وسوء التغذية، ومضاعفات الحمل غير المكتشفة. كما أن غياب الدعم النفسي والاجتماعي يزيد من حدة التوتر والقلق لدى النساء العائدات اللواتي فقدن الإحساس بالأمان لسنوات طويلة.

الحمل مرحلة حساسة تحتاج إلى رعاية متكاملة
تشدد الطبيبات النسائيات على أن فترة الحمل تتطلب اهتماماً خاصاً من حيث التغذية، والراحة، والاستقرار النفسي، إضافة إلى مراجعة المراكز الصحية بانتظام لإجراء الفحوصات اللازمة. وتحذر الطبيبات من تجاهل الأعراض أو التأخر في طلب المساعدة الطبية، مؤكّدات أن “كل تأخير في التشخيص أو العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الأم والجنين معاً”.

واقع صحي هشّ في انتظار المعالجة
يبقى ضعف الخدمات الصحية أحد أبرز التحديات في المناطق المحررة، حيث تتقاطع الحاجة الإنسانية مع محدودية الإمكانات اللوجستية. وتطالب منظمات المجتمع المدني بزيادة الدعم لقطاع الصحة الإنجابية، وتأهيل المراكز المتضررة، وتوفير كوادر نسائية متخصصة لتلبية احتياجات النساء الحوامل، حتى لا تتحول رحلة العودة إلى القرى إلى تجربة قاسية تضع الأم وجنينها في دائرة الخطر.

مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ