شتاء قاسٍ في المخيمات: بردٌ بلا تدفئة ومعاناة تتجدد كل عام
تمتلئ مخيمات شمال غرب سوريا بمشاهد المعاناة، ولا سيما في فصل الشتاء، حين يتحول البرد القارس إلى عبء يومي يهدد صحة العائلات، وتبرز آثار ذلك على الأطفال الذين يرتجفون من شدة الصقيع، فيما تواجه أسر عديدة أمراضاً مرتبطة بانعدام الدفء نتيجة افتقار خيام كثيرة إلى وسائل التدفئة.
وفي مواقع عديدة، تؤدي الخيام المهترئة والقديمة إلى تسرب مياه الأمطار إلى الداخل مع كل هطول، في مشهد يختزل آثار تراجع الدعم الإنساني وتدهور الأوضاع المعيشية للأسر.
تعجز آلاف العائلات عن العودة إلى قراها وبلداتها ومدنها بعد التحرير، بسبب الدمار الواسع الذي لحق بمنازلها نتيجة القصف الممنهج على مدى سنوات. وإلى جانب ذلك، تواجه هذه الأسر أوضاعاً مادية متدهورة تحول دون قدرتها على إعادة البناء، ما يجعل الخيمة الخيار الوحيد المتاح رغم ما يرافقه من تحديات.
يروي علاء محمد، نازح من ريف إدلب الجنوبي، ويقيم مع عائلته في غرفة مُسقوفة بعازل داخل أحد مخيمات قاح شمالي إدلب، أنه لا يستطيع تأمين مواد التدفئة لهذا الشتاء إلا بكميات قليلة ومتقطّعة. ويقول إن أبناءه يعانون من البرد، ولا يمكنه تشغيل المدفأة كلما احتاجوا إليها، مضيفاً أنه يعمل على عربة متجوّلة لبيع المأكولات للأطفال، غير أن الدخل الذي يحقّقه محدود ولا يكاد يغطّي المتطلبات الأساسية من الطعام والشراب.
في تصريح خاص لشبكة شام الإخبارية، يقول عبد السلام محمد اليوسف، ناشط إنساني في مجال الإغاثة والإيواء، إن الأوضاع في المخيمات قاسية، ولا سيما مع دخول فصل الشتاء بقوة. ويوضح أن البرد يؤثر على الأهالي بشكل كبير، إذ إن الخيام لا توفّر الحماية الكافية من انخفاض درجات الحرارة، وحتى بعض الكتل الإسمنتية لا تكون أفضل حالًا، لأنها غالباً ما تكون دون نوافذ أو أبواب.
ويضيف اليوسف أن من أبرز احتياجات الأهالي في المخيمات تأمين مواد التدفئة الملائمة، نظراً لارتفاع أسعارها مقارنة بظروفهم المعيشية، إضافة إلى الحاجة إلى الملابس الشتوية التي شهدت كذلك ارتفاعاً كبيراً في الأسعار. كما يلفت إلى أن تأمين الخبز يشكّل تحدياً إضافياً، ولا سيما في المخيمات البعيدة، حيث تصبح عملية توفيره أكثر صعوبة في ظل هذه الظروف.
ويؤكد أن من بين الحلول الممكنة استبدال الخيام القديمة بأخرى أكثر متانة، أو نقل العائلات إلى كتل إسمنتية مناسبة تضمن لها حدّاً أفضل من الحماية. كما يشدد على ضرورة تأمين احتياجات الشتاء الأساسية للعائلات، من ملابس شتوية وسلال طوارئ واسفنجات وأغطية وغيرها من المستلزمات التي تساعدهم على تجاوز الظروف القاسية خلال فصل الشتاء.
ختاماً، تعكس مشاهد المخيمات في شمال غربي سوريا واقعاً يومياً تعيشه آلاف العائلات التي حال دمار منازلها دون العودة. وخلال فصل الشتاء تحديداً، تتفاقم المعاناة مع خيام لا تتحمل البرد والأمطار ونقصٍ متواصل في وسائل التدفئة، لتبقى هذه الظروف جزءاً من حياةٍ مؤقتة امتدت لسنوات.