
سوريا تواجه أسوأ أزمة قمح منذ عقود وسط جفاف غير مسبوق ونقص في الواردات
قالت وكالة "رويترز" إن سوريا تقف على أعتاب أزمة غذائية حادة بعد أن تسبب أسوأ جفاف منذ 36 عاماً في تراجع إنتاج القمح بنسبة تقارب 40 بالمئة، الأمر الذي يضاعف الضغوط على الحكومة في ظل شح السيولة وصعوبة تأمين واردات كبيرة من الحبوب.
وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن نحو ثلاثة ملايين سوري قد يواجهون مستويات خطيرة من الجوع، مشيراً إلى أن أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 25.6 مليون نسمة، يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي.
وفي تقرير سابق، قدّرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) العجز المتوقع في القمح لهذا العام بـ 2.73 مليون طن، وهي كمية تكفي لإطعام نحو 16 مليون شخص لمدة عام.
ويشكل القمح العمود الفقري للأمن الغذائي في سوريا لارتباطه ببرنامج الخبز المدعوم، غير أن الحكومة لم تنجح حتى الآن في عقد صفقات استيراد كبرى، واكتفت بشحنات محدودة لا تتجاوز 200 ألف طن عبر عقود مباشرة مع مستوردين محليين. وقال مصدر حكومي إن المشتريات من الفلاحين هذا الموسم لم تتجاوز 373.5 ألف طن، أي نصف كمية العام الماضي، فيما تحتاج البلاد إلى استيراد 2.55 مليون طن لسد الفجوة.
ونقلت الوكالة عن ممثل "فاو" في سوريا، طوني العتل، قوله إن "نصف السكان مهددون بالمعاناة من آثار الجفاف، خاصة مع تراجع توفر الخبز الذي يعد الغذاء الأهم في هذه المرحلة"، وأضاف أن البلاد لم تحصل سوى على مساعدات طارئة محدودة، منها 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الطحين من أوكرانيا.
تأثير الأزمة ظهر بوضوح في شهادات المزارعين. ففي حمص قال نزيه الطرشة إن "هذا أسوأ عام منذ أن بدأت الزراعة"، موضحاً أنه باع ثمانية أطنان فقط من أصل 25 طناً كان يوردها سنوياً. أما عباس عثمان، مزارع من القامشلي، فأكد أنه لم يحصد "حبة قمح واحدة" رغم زراعة 100 دونم.
وأظهرت بيانات "فاو" أن 40 بالمئة فقط من الأراضي الزراعية زُرعت هذا الموسم، وقد أتلف الجفاف معظمها، لا سيما في مناطق الإنتاج الرئيسية مثل الحسكة وحلب وحمص.
وكانت سوريا قبل الحرب تنتج نحو أربعة ملايين طن من القمح سنوياً وتصدّر مليون طن، أما اليوم فهي تسعى لتأمين الاستهلاك المحلي وسط تحديات مالية معقدة. وبرغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي رفع العقوبات المفروضة على سوريا، فإن تعقيدات التحويلات البنكية وتجميد الأصول يعرقلان تعامل الشركات مع دمشق.
كما أشارت مصادر مطلعة إلى أن روسيا، التي كانت مورداً أساسياً للقمح في عهد المخلوع بشار الأسد، أوقفت إمداداتها منذ ديسمبر الماضي بسبب تأخر المدفوعات وغياب الضمانات المالية من الحكومة الجديدة.