حلاوة الجبنة... حين تتحول الحلوى إلى ساحة تنافس تاريخي
حلاوة الجبنة... حين تتحول الحلوى إلى ساحة تنافس تاريخي
● أخبار سورية ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥

حلاوة الجبنة... حين تتحول الحلوى إلى ساحة تنافس تاريخي

سقط النظام البائد، وانتصرت الثورة السورية بعد أربعة عشر عاماً من التضحيات، وأُلغِي قانون قيصر، وحُلّت ملفات كانت تبدو مستحيلة، تغيّرت ملامح البلد، وتبدّلت الأحوال، وحتى الأزمات الكبرى وُضعت على طريق الحل.

لكن، وعلى الرغم من كل ذلك، بقي خلاف واحد عصيّاً على التسوية: الصراع الأزلي بين الحماصنة والحموية حول ملكية وأصل حلاوة الجبن، خلاف يهدأ أحياناً بدافع المجاملة، ثم ما يلبث أن يشتعل من جديد في مناسبة وطنية أو جلسة أصدقاء، أو حتى أمام صينية حلاوة بريئة لا ذنب لها سوى أنها وُضعت في المكان الخطأ.

يصرّ الحمصيون على أن حلاوة الجبنة تعود أصلاً إلى حمص، مستندين إلى شواهد تاريخية لا يمكن إنكارها… أو على الأقل لا يمكن لأحد يريد الضحك أن ينكرها! يقولون إن الحلوى كانت تُحضَّر وتُباع هناك منذ عقود، قبل أن تنتشر إلى باقي المدن السورية وكأنها اكتشاف عظيم للعالم كله.

وفي الذاكرة الشعبية الحمصية، حلاوة الجبنة حاضرة في كل مناسبة: من الزيارات العائلية إلى الاحتفالات، وحتى على الطاولة اليومية، لتذكّر الجميع بأن “الجبنة الحمصية هي الأصل”. كما يؤكد الحمصيون أن معظم الحرفيين المشهورين في صناعة الحلوى، حتى الذين فتحوا محالهم في مدن أخرى، هم حمصيون الأصل، حاملين معهم سر الحلاوة المثالي.

لكن، بالطبع، لم يمر ادعاء الحمصيين دون ردّ: الحمويون رفضوا الرواية بكل قوة، مؤكدين أن حلاوة الجبنة اشتهرت في حماة منذ عقود طويلة، وكانت تُحضَّر وتُباع في المعاصر والمنازل كأنها روتين يومي لا غنى عنه.

ويشيرون بفخر إلى أن العديد من صانعي الحلوى المشهورين في سوريا ينحدرون من حماة، وعملوا فيها لسنوات طويلة، كأنهم حراس سريّون للجبنة. كما شددوا على أن حلاوة الجبنة ليست مجرد طعم، بل جزء من هويتهم الثقافية والغذائية، وأن ذكرها في الذاكرة الشعبية مرتبط مباشرة بالمدينة.

وفي ظل هذه النقاشات المستمرة، حاولت شخصيات رسمية وحكومية بارزة، من مدن وبلدان مختلفة، التدخل لتهدئة الوضع ووضع حد للخلاف… لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل! فالحماصنة متمسكون بموقفهم، والحمويون مصرّون على ملكيتهم لحلاوة الجبنة، ليبقى الصراع بين الحماصنة والحموية أبدياً ومستحيلاً حله.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ