
جدل في فرع إدلب لاتحاد الفنانين التشكيليين: مطالب بتكريم النخب الثورية
أثار قرار اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا – فرع إدلب موجة من الغضب والاستياء بين السوريين، لا سيما الفنانين والمتابعين للأعمال التشكيلية التي رافقت الثورة طوال السنوات الأربع عشرة الماضية. ويعتبر الكثيرون أن القرار يهمّش النخب الثورية التي قدّمت تضحيات مستمرة وأنتجت أعمالاً فنية جسدت الواقع وانعكاسات الثورة ونقلت صورها إلى العالم.
تم الإعلان عن الأسماء المنضمة إلى فرع إدلب، حيث تولى أنيس حمدون رئاسة الاتحاد، بينما تولت هبة علوش منصب أمين السر، وخالد عبدالكريم المنصب المالي، وعهد الأحمد إدارة المعارض، فيما كُلّفت أماني العلي بمسؤولية التدريب والتأهيل، ولندا حمندوش بإدارة الشؤون المهنية.
لكن بعد الإعلان عن هذه الأسماء، عبّر عدد من المتابعين عن استيائهم لغياب فناني الثورة المعروفين بتاريخهم النضالي، ومن أبرزهم الفنان عزيز الأسمر والرسامة سلام حامض، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأسماء الثورية التي لم يُذكر لها أثر في التشكيل الأخير للاتحاد، وفق ما رصدته عدة منشورات على منصات التواصل الاجتماعي.
أكدت الرسامة سلام حامض في تصريح خاص لشبكة شام أن الاعتراض لم يكن بدافع الطمع بالمناصب، بل كان مرتبطاً بـ آلية تشكيل الاتحاد، حيث لم تُوضح المعايير التي اعتمدت لاختيار الأسماء المعلنة.
وأشارت حامض إلى أسماء فنية لها تاريخ ثوري تستحق التواجد ضمن الاتحاد، من بينها ختام جاني، وعمار سفلو، والفنان عزيز الأسمر المعروف عالمياً، موضحة أن اعتراضهم كان سينحسر لو كانت الآلية عادلة ومنصفة.
وأضافت: "المعروف أن اختيار الأشخاص يتم وفق تاريخهم الفني والثوري، من خلال ترشيح أسماء وإجراء انتخابات، وعلى هذا الأساس يُتم الاختيار"، كما شددت على حرصها على مؤسسات سوريا الجديدة، مؤكدة أنها يجب أن تبقى على مسارها الصحيح.
ويشار إلى أن الفن ساهم في تقديم صورة مشرقة ذات طابع إنساني للثورة السورية التي انطلقت في آذار/مارس 2011، حيث نجح الفنانون في نقل الطابع السلمي للثورة وأهدافها النبيلة إلى مئات الآلاف خارج حدود سوريا. وباعتبار الفن لغةً عالمية لا تحتاج إلى شرح أو ترجمة، فقد أدى دورًا مهمًا في إيصال رسالة الثورة إلى العالم.
خلال سنوات الثورة، ظهر عدد من الفنانين السوريين الذين وقفوا إلى جانب مطالب الشعب، وعبّروا بريشتهم عن واقع المأساة والمقاومة. وأسهموا في تسليط الضوء على قضايا جوهرية، كملف المعتقلين، ضحايا القصف، التهجير القسري، الاغتراب، وقصص النزوح، وغيرها من المعاناة التي عانى منها السوريون طيلة الحرب.
وقد لعبت هذه الرسومات دوراً مهماً في التوثيق البصري، وتحولت إلى شهادات فنية تحفظ الذاكرة الجمعية بعيدًا عن التشويه أو الإهمال، كما منحت صوتاً للمقهورين: المعتقلين، الأمهات، الأطفال، واللاجئين.
كما ساهم الفن في كسر الصمت العالمي، إذ خرجت اللوحات من سوريا إلى معارض دولية ومنصات إلكترونية، وأثّرت في الرأي العام، ورفعت المعنويات في أحلك الأوقات، من خلال رسائل الصمود والتفاؤل وحتى السخرية. كذلك حافظت العديد من الأعمال الفنية على عناصر من الهوية الثقافية السورية، من خلال توثيق المدن، الأزياء، والعادات، ما ساعد على حماية الذاكرة الثقافية من الضياع رغم الحرب والشتات
واليوم، بعد سقوط نظام الأسد، يأمل أهالي سوريا أن يُقدَّر الجهد الكبير الذي بذله هؤلاء الفنانون في إيصال صوتهم للعالم ونقل معاناتهم بطريقة سلمية، وأن لا يُهمشوا بل يُكرموا ويُحتفى بهم ضمن مسيرة بناء سوريا الجديدة.