تكنولوجيا: علماء يكشفون عن شريحة دماغية متطورة للتواصل المباشر بين الدماغ والحاسوب
كشف فريق بحثي من مدرسة الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة كولومبيا، في التاسع من ديسمبر 2025، عن غرسة دماغية سيليكونية فائقة التطور تمكّن من بث الإشارات العصبية والتواصل المباشر مع الحاسوب في الزمن الحقيقي.
وتمثل هذه التكنولوجيا قفزة نوعية في مجال الواجهات العصبية، إذ تجمع بين دقة عالية وحجم بالغ الصغر، مع تقليل الحاجة للتدخلات الجراحية المعقدة التي تتطلبها الغرسات التقليدية.
وتفتح الغرسة الجديدة آفاقًا علاجية واسعة لعدد من الاضطرابات العصبية، مثل الصرع وإصابات الحبل الشوكي والتصلب الجانبي الضموري والسكتات الدماغية وفقدان البصر.
فمن خلال إنشاء مسار لاسلكي عالي الإنتاجية بين الدماغ والحاسوب، توفر الشريحة إمكانية التحكم بالأطراف الاصطناعية واستعادة القدرات الحركية أو الكلامية، ودعم السيطرة على النوبات العصبية، ما يمنح المرضى استقلالية أكبر وجودة حياة محسّنة.
ويعتمد النظام الجديد، المعروف باسم واجهة الدماغ-الحاسوب البيولوجية للقشرة (BISC)، على ثلاث وحدات: شريحة سيليكونية مغروسة شديدة الرقة والدقة، ومحطة ترحيل قابلة للارتداء تنقل البيانات لاسلكيًا بسرعة عالية، وبرنامج تشغيل ينظم التفاعل بين الإشارات العصبية والأجهزة الخارجية.
وأوضح البروفيسور كين شيبرد، من جامعة كولومبيا، أن معظم الغرسات الحالية تحتاج إلى علب إلكترونية كبيرة داخل الجسم، بينما الغرسة الجديدة “مجرد شريحة رقيقة للغاية تُزلق بين الدماغ والجمجمة كما لو كانت قطعة ورق مبللة”.
ووفق الباحثين، فإن هذه البساطة الشكلية تخفي وراءها قدرات تقنية لافتة؛ إذ لا يتجاوز حجم الغرسة ثلاثة مليمترات مكعبة—أصغر بألف مرة من الغرسات القياسية—وتضم 65,536 قطبًا كهربائيًا، و1,024 قناة تسجيل، و16,384 قناة تحفيز. كما توفر محطة الترحيل رابطًا لاسلكيًا خاصًا بسرعة تبلغ 100 ميغابت في الثانية، أي أسرع بمئة مرة من الأنظمة المتوافرة حاليًا.
ومن جهته، اعتبر الدكتور أندرياس تولياس من جامعة ستانفورد أن النظام يحول سطح القشرة الدماغية إلى “بوابة اتصال فعّالة” بين الدماغ والحاسوب، بما يتيح تطوير أطراف عصبية متكيفة، ويقدم حلولًا علاجية مبتكرة للاضطرابات النفسية العصبية، في خطوة نحو واجهات دماغية عالية الأداء تتفاعل مباشرة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويُذكر أن الشريحة صُنعت بتقنية TSMC 0.13-μm BCD التي تتيح دمج الدارات الرقمية والوظائف التناظرية عالية الجهد على شريحة واحدة، ما يزيد موثوقيتها ويقلل التعقيد الفني المعتاد في الغرسات العصبية.
وقد طوّر الفريق إجراءات جراحية دقيقة لوضع الغرسة في نماذج ما قبل سريرية، مع بدء اختبارات قصيرة المدى على بشر أثناء العمليات لتقييم الأداء في بيئات حقيقية.
وأسس الباحثون شركة ناشئة باسم Kampto Neurotech لتوفير نسخ بحثية من الشريحة والاستعداد لإطلاقها مستقبلًا للاستخدام الدائم لدى المرضى.
ويؤكد البروفيسور شيبرد أن توحيد جميع الوظائف في شريحة واحدة يمهّد لمرحلة جديدة تتفاعل فيها أنظمة الدماغ والذكاء الاصطناعي بسلاسة، مما سيغيّر جذريًا أساليب علاج أمراض الدماغ وطريقة تفاعل البشر مع الآلات