تايمز: إزالة الألغام في سوريا ضرورة لإنقاذ الأرواح واستعادة مستقبل الأطفال
سلّط تقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية الضوء على الدور المتزايد لمنظمة "هالو ترست" في إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة داخل سوريا، مؤكداً أن هذا الجهد يتجاوز إنقاذ الأرواح إلى كونه شرطاً أساسياً لتمكين التعليم وإعادة بناء مستقبل جيل كامل من الأطفال الذين وُلدوا خلال سنوات الحرب في سوريا.
وبحسب الأرقام التي نقلها التقرير عن الأمم المتحدة، فإن أكثر من 65% من السكان – أي ما يقارب 15.4 مليون شخص – يعيشون تحت تهديد مباشر من الألغام ومخلفات الحرب، في وقت يسقط فيه نحو 150 مدنياً شهرياً بين قتيل وجريح، بينهم عدد كبير من الأطفال. وتشير الإحصاءات إلى مقتل 571 مدنياً وإصابة 950 آخرين بين ديسمبر/كانون الأول 2024 ونوفمبر/تشرين الثاني 2025، بينهم 161 طفلاً قُتلوا و392 أصيبوا.
وفي ظل غياب جهاز وطني موحّد لإزالة الألغام، تعمل منظمة "هالو ترست" بالتنسيق مع منظمات دولية وبرنامج الأمم المتحدة لنزع الألغام، وتشغّل حالياً 252 موظفاً معظمهم من السوريين. وتنتشر فرقها في مناطق عدة لتنفيذ عمليات تطهير مستمرة، وفق التقرير الذي أعدّه المراسل أنتوني لويد.
وركّز التقرير على تدخل المنظمة في مدرسة "الشهداء" بمدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، بعد أن كانت المدرسة قد استُخدمت عسكرياً خلال الحرب، ووجد فريق المسح أن جدرانها تحمل آثار الشظايا، وأنفاقاً ومخابئ تحيط بفنائها، مع انتشار خطر الذخائر غير المنفجرة في محيطها.
وفي ساحة المدرسة، كان الطفل أنس (14 عاماً) يراقب عملية التطهير، قائلاً إنه لم يدخل صفاً دراسياً منذ عام 2017 حين اضطر للنزوح بعد هجوم كيميائي شنته قوات الحكومة المخلوعة في بلدته وأودى بحياة 89 شخصاً. وقال أنس للصحيفة: «سئمتُ من الحرب والتنقّل… أريد أن أستقر في بيتي وأتعلّم مثل الأطفال الآخرين».
وتناول التقرير تحديات إعادة فتح المدرسة، إذ قد تستقبل ما بين 800 و1500 طالب رغم أن قدرتها الاستيعابية الأصلية لا تتجاوز 400. وقال مدير المدرسة المرتقب، مازن الرحمون (42 عاماً)، إن الأطفال «وُلدوا في الحرب ورأوا أهوالها»، مشيراً إلى أن بعضهم فقدوا أهلهم أو أطرافهم، مضيفاً: «في سوريا، ينبغي للمعلم أن يكون أيضاً طبيباً نفسياً».
ورغم ضخامة التحديات، يعبر العاملون السوريون في "هالو ترست" عن شعور عميق بالمسؤولية والأمل. وقال قائد الفريق الميداني محمد أنس (28 عاماً): «عندما أعمل في حقل ألغام، أنقذ حياة. لكن عندما أطهر مدرسة من المتفجرات، فأنا لا أنقذ أرواحاً فقط… بل أنقذ مستقبلنا أيضاً».