برد المخيمات يشتد: أسر هشّة تواجه الشتاء بلا وسائل حماية كافية
يعيش أهالي المخيمات في شمال غرب سوريا ظروفاً قاسية، حيث يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين وسائل التدفئة الكافية لتدفئة أسرهم وحماية أطفالهم من تداعيات البرد القارس، ويُوجهون نداءات استغاثة إلى المنظمات المحلية والإنسانية لتخفيف وطأة معاناتهم.
ثاني شتاء بعد التحرير
هذا هو الشتاء الثاني الذي يمرّ على النازحين في مخيمات شمال غربي سوريا بعد سقوط النظام البائد، إذ اضطرّت آلاف الأسر إلى البقاء في تلك المناطق رغم قسوة الظروف، لعدم قدرتهم على العودة إلى قراهم ومنازلهم المدمّرة. ويعيش هؤلاء داخل خيام مهترئة لا تقيهم برد الشتاء ولا توفر الحدّ الأدنى من الأمان، ما يجعل حياتهم أكثر هشاشة مع كل انخفاض جديد في درجات الحرارة.
معاناة مع كل منخفض جوي
وفي هذا السياق، تقول سندس رزوق، نازحة وأم لأربعة أطفال، لشبكة شام الإخبارية: كنّا نتوقع أن نعود مباشرة إلى منازلنا وقرانا بعد سقوط النظام البائد، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً؛ فمنازلنا في ريف إدلب الجنوبي مدمّرة بفعل القصف الممنهج الذي تعرّضت له المنطقة لسنوات عدة.
وتضيف: "اليوم نعيش داخل غرفة مغطّاة بعازل ضعيف، يتسرّب منه المطر كلما هطلت الأمطار. أما التدفئة فباتت عبئاً إضافياً، إذ لا نملك القدرة على شراء المازوت إلا بكميات قليلة عندما يتوفر المال، وفي أغلب الأيام نكتفي بالبطانيات لنحمي أطفالنا من البرد".
العجز عن تأمين مواد التدفئة
تتنوّع مواد التدفئة المتوفرة في مناطق المخيمات بين المازوت، والفحم، والحطب، وغيرها، وهي متاحة في الأسواق، إلا أنّ أسعارها المرتفعة تجعلها بعيدة عن متناول معظم الأسر النازحة. فالغالبية تعجز عن تأمينها بسبب الفقر، ما يدفعهم إلى البحث عن بدائل قاسية في كثير من الأحيان.
ومن بين تلك البدائل، يلجأ أهالي البعض إلى حرق الكرتون والنايلون وبعض المواد البلاستيكية التي يجمعونها من القمامة والشوارع، إضافة إلى الأحذية القديمة والمواد التالفة القابلة للاشتعال. وفي كثير من الأحيان يعثر الأطفال على هذه المواد في الطرقات أو في مكبّات النفايات، ليستخدمها ذووهم في محاولة لتأمين قدر ضئيل من الدفء داخل الخيام.
مخاطر البرد
ومن جانبها، تشير فاطمة مصطفى، وهي ممرضة في أحد المستشفيات، إلى أن البرد القارس يخلّف مشكلات صحية خطيرة بين الأطفال داخل المخيمات، موضحة أن أكثر الحالات التي تصلهم تتعلق بالتهاب الرئة والتهابات الصدر بسبب الرطوبة العالية وضعف التدفئة.
وتوضح أن الهواء البارد يؤدي إلى تشنّج في المجاري التنفسية لدى الأطفال، ما يزيد من نوبات الربو والسعال، فضلاً عن ارتفاع معدلات التهاب الحلق واللوزات نتيجة النوم في بيئة غير دافئة. وتؤكد الممرضة فاطمة أن غياب التدفئة الكافية يجعل هذه الأمراض أكثر شدة وانتشاراً، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن.
وفي ظل هذه الظروف، تبرز حاجة ملحّة إلى توفير وسائل تدفئة مناسبة للأهالي المقيمين في المخيمات، إلى جانب تقديم دعم مباشر للفئات الضعيفة، ولا سيما ذوي الإعاقة، ومن يعانون من أمراض مزمنة. فالبرد القارس يزيد من معاناتهم، ما يجعل توفير الحماية الضرورية خلال فصل الشتاء ضرورة عاجلة وليست خياراً.