
الهلال الأحمر والدفاع المدني ينددان بالانتهاكات في السويداء: تحييد العمل الإنساني ضرورة عاجلة
في خضم التصعيد الأمني المتواصل في محافظة السويداء، أصدرت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري بيانًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الانتهاكات التي طالت متطوعيها ومنشآتها خلال تنفيذ مهامهم الإنسانية في المنطقة الجنوبية، مؤكدة التزامها بمبادئ الحياد وعدم التحيّز، واستمرار تقديم الخدمات رغم التحديات الميدانية المتزايدة.
وقالت المنظمة في بيان إن متطوعيها وآلياتها تعرضوا خلال الأيام الماضية لسلسلة من الاعتداءات والانتهاكات، تمثلت بإطلاق النار على سيارة إسعاف، واحتراق أحد مستودعاتها وعدد من الآليات المركونة بالقرب منه، بالإضافة إلى تعرّض عدد من المتطوعين لانتهاكات فردية.
وأبدت المنظمة أسفها العميق حيال هذه التطورات، داعيةً إلى تحييد العمل الإنساني، وحماية المدنيين والمتطوعين من أي استهداف مباشر أو غير مباشر، مشددة على أن سلامة طواقمها تبقى أولوية قصوى، مع تأكيدها استمرار تقديم خدماتها المنقذة للحياة في محافظتي السويداء ودرعا.
الدفاع المدني يفقد أحد كوادره أثناء مهمة رسمية
من جهته، أصدر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بيانًا منفصلًا أكد فيه فقدان الاتصال برئيس مركز الخوذ البيضاء في مدينة البيضا، حمزة العمران، منذ يوم الأربعاء الماضي، أثناء تنفيذه مهمة لإجلاء فريق تابع للأمم المتحدة داخل مدينة السويداء.
ووفقًا للبيان، دخل العمران مدينة السويداء حوالي الساعة الرابعة والنصف مساءً على متن سيارة تحمل شعارات المنظمة بشكل واضح، غير أن مجموعة مسلحة أوقفته عند دوار السويداء واقتادته إلى جهة مجهولة، ولا يزال مصيره مجهولًا رغم محاولات التواصل المستمرة مع الفصائل المحلية عبر وسطاء.
وأشار الدفاع المدني إلى أن احتجاز العمران يشكّل انتهاكًا صارخًا للقوانين الإنسانية، محذرًا من استخدام سيارة الدفاع المدني التي كان يقودها في أغراض قد تعرض المنظمة أو المدنيين للخطر، ومطالبًا بالإفراج الفوري عنه، مع تحميل الجهات المسيطرة في السويداء المسؤولية الكاملة عن سلامته.
خلفية التوتر: اشتباكات وتهجير وانفلات أمني
تشهد محافظة السويداء، منذ مطلع يوليو/تموز 2025، تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا إثر اندلاع اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية ومجموعات مسلحة من عشائر البدو، وتركّزت المواجهات بشكل خاص في الريفين الشرقي والغربي للمحافظة، حيث رافقتها عمليات انتقامية شملت حرق منازل وممتلكات، وتهجير قسري لعشرات العائلات البدوية نحو ريف درعا.
جاءت هذه التطورات بعد انسحاب القوات العسكرية النظامية وقوى الأمن الداخلي من المحافظة، تنفيذًا لتفاهمات سياسية هدفت إلى تسليم ملف الأمن إلى الفصائل المحلية ومشايخ العقل، بوساطة عربية وأممية، إلا أن مجموعات "خارجة عن القانون" خرقت هذه التفاهمات وارتكبت انتهاكات جسيمة، دفعت الرئاسة السورية إلى إصدار بيان رسمي حمّلت فيه هذه المجموعات مسؤولية تدهور الأوضاع، مؤكدة نيتها محاسبة المتورطين كافة.
تحذيرات دولية ونزوح داخلي واسع
بالتزامن مع الأحداث، صدرت مواقف دولية منددة، أبرزها من المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، الذي دعا إلى التهدئة وحماية المدنيين، فيما عبّرت كل من السعودية وتركيا عن قلقهما إزاء الاعتداءات والانتهاكات، مشددتين على ضرورة احترام سيادة الدولة السورية وبسط سلطة القانون.
وقد تسببت الأزمة في موجة نزوح داخلية واسعة، خصوصًا من قرى وبلدات الريف الشرقي والغربي، باتجاه مناطق أكثر أمانًا في ريف درعا. ووثّقت منظمات محلية لجوء عشرات العائلات إلى مدارس ومساجد في مدينة بصرى الحرير، وسط معاناة إنسانية متفاقمة، وانقطاع تام للكهرباء والاتصالات في عدد من بلدات السويداء.