
اللجنة القانونية العليا لـ "الهجري" ترفض اتفاق "السويداء" وتلوّح بالحق في تقرير المصير
أعلنت “اللجنة القانونية العليا في السويداء” والتابعة لميليشيا "الهجري"، رفضها لخطة الحكومة السورية لحل أزمة المحافظة، متهمةً وزارة الخارجية بالتناقض والتنصّل من المسؤولية، ومؤكدة أن مستقبل السويداء يقرره أبناؤها وليس بيانات تُصاغ في دمشق أو تفاهمات خارجية.
وفي بيان صدر ردّاً على إعلان وزارة الخارجية السورية “خارطة الطريق” التي أُعلن عنها بعد اجتماع سوري – أردني – أمريكي مشترك في دمشق، اعتبرت اللجنة أن “الجرائم المرتكبة في السويداء وما سبقها من عقود من التهميش والحرمان والإقصاء تشكّل أسباباً وجيهة للمطالبة بالحق القانوني والأخلاقي في تقرير المصير بحرية واستقلال، سواء عبر الإدارة الذاتية أو الانفصال كخيار أخير لضمان أمن وكرامة ووجود أبناء المحافظة”.
أشار البيان إلى أن الحكومة السورية تتحدث عن المحاسبة وفق القانون الوطني، في حين أن هذا التناقض – بحسب اللجنة – يفرغ التحقيق الدولي من مضمونه “إذ لا يُعقل أن يكون المتهم هو ذاته القاضي”. كما اتهمت اللجنة دمشق بمحاولة تصوير نفسها كطرف محايد يسعى إلى المصالحة “في حين أن الحكومة وأجهزتها الأمنية والعسكرية كانت شريكاً مباشراً في المجازر والانتهاكات التي طالت آلاف المدنيين”.
شددت اللجنة على انعدام الثقة بالقضاء السوري، معتبرة أنه “مسيّس وتابع للسلطة التنفيذية، وغير قادر على توفير أي ضمانات لمحاكمات عادلة”. كما رأت أن الحديث عن مجالس محلية وقوات شرطية مشتركة “محاولة لفرض وصاية جديدة على السويداء وزرع الفتنة بين أبنائها”.
وأكد البيان أن مستقبل السويداء يقرره أبناؤها وحدهم، داعياً الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة الأطراف الدولية إلى عدم الاعتراف بأي ترتيبات تُفرض قسراً على أهالي المحافظة، والعمل على ضمان تحقيق مستقل وآليات محاسبة دولية ودعم حق أبناء السويداء في تقرير مصيرهم وفقاً للمواثيق الدولية ومبدأ عدم الإفلات من العقاب.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية قد أعلنت أن دمشق استضافت اجتماعاً ضم وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي توم باراك، وذلك استكمالاً للمباحثات التي جرت في عمّان بتاريخ 19 يوليو و12 أغسطس 2025 حول تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء ووضع حلول شاملة للأزمة.
وأوضح البيان أن الاجتماع أقرّ خارطة طريق تقوم على وحدة الأراضي السورية وضمان المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، مؤكداً أن السويداء جزء أصيل من سوريا ومستقبلها ولا مستقبل لها خارجها.
وكان لاقى الإعلان السوري اعتماد خارطة الطريق ترحيباً عربياً ودولياً واسعاً، إذ اعتبر خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار في الجنوب السوري وترسيخ الوحدة الوطنية، ورحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالخطة، مؤكداً أنها تمثل خطوة جوهرية على طريق استقرار الأوضاع في جنوب سوريا وتعزيز الأمن الإقليمي.
كما أشادت وزارة الخارجية السعودية في بيانها الرسمي بالاتفاق، مثمنةً جهود الأردن والولايات المتحدة للوصول إليه، ومؤكدة دعم المملكة الكامل لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها،وفي السياق نفسه، رحبت وزارة الخارجية الكويتية باعتماد الخطة واعتبرتها دعماً لاستقرار جنوب سوريا، مجددة موقفها الداعم للمبادرات الرامية إلى تعزيز الأمن والسلام في البلاد وصون سيادتها.
أما وزارة الخارجية القطرية فأكدت أن الاتفاق الثلاثي يشكل خطوة مهمة تترجم الإرادة الجماعية لبناء مستقبل سوريا الجديدة وتوطيد الأمن والسلام في المنطقة، داعية إلى البناء على هذا التفاهم وتنفيذ خطوات عملية تفضي إلى استقرار شامل.
رحّبت تركيا وعدد من الدول العربية، بخارطة الطريق التي اتفقت عليها كل من الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأميركية، بهدف حل الأزمة في محافظة السويداء وتعزيز الاستقرار في الجنوب السوري.
وكان أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك أن خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها لحل أزمة محافظة السويداء تشكّل مساراً يمكن لأجيال السوريين القادمة أن تسلكه، وكتب في منشور عبر منصة "إكس": "المصالحة تبدأ بخطوة واحدة.. وفي السويداء هذه الخريطة لا ترسم فقط عملية الشفاء، بل ترسم مساراً يمكن لأجيال السوريين القادمة أن يسلكوه وهم يبنون أمة تتسم بالمساواة في الحقوق والواجبات المشتركة للجميع".