الأطفال في الواجهة مجدداً.. ضحايا جدد لمخلّفات الحرب في سوريا
أعلن الدفاع المدني السوري يوم الاثنين 1 كانون الأول/ ديسمبر، عن مقتل طفل وإصابة طفلين آخرين جراء انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات نظام الأسد البائد، أثناء لعبهم في الأراضي الزراعية ببلدة تلمنس في ريف إدلب شمال غربي سوريا.
ووفق فرق الطوارئ في الدفاع المدني السوري، فقد نُقل جثمان الطفل إلى ذويه، بينما كان المدنيون قد أسعفوا المصابين إلى مستوصف مدينة معرة النعمان.
وتعكس الحادثة خطورة الذخائر غير المنفجرة على حياة السكان، وخصوصاً الأطفال، حيث تمنع مخلفات الحرب الأهالي من ممارسة أنشطتهم اليومية وتعرقل عودتهم إلى منازلهم ومزارعهم في مساحات واسعة من البلاد.
وفي حادث منفصل شرقي دير الزور، قُتل جنديان من كوادر وزارة الدفاع السورية وأُصيب اثنان آخران إثر انفجار لغم أرضي في بادية البوليل وبحسب المعلومات، فإن الضحايا هما علي فايز المحمد من كوادر الفرقة 86 وعهد أسود الهستة من كوادر الفرقة 66 في الجيش السوري.
وتأتي هذه الحوادث المحلية بالتزامن مع تقرير دولي جديد كشف عن واقع عالمي مقلق إذ أعلن مرصد الألغام الدولي من جنيف، في تقرير صدر الاثنين 1 كانون الأول/ديسمبر، عن ارتفاع غير مسبوق في عدد ضحايا الألغام الأرضية ومخلفات الحروب خلال عام 2024، وسط تراجع التمويل الدولي وتزايد التحديات التي تواجه منظومة الحظر العالمية.
وسجّل التقرير 6279 قتيلاً وجريحاً في 52 دولة ومنطقة حول العالم، كان 90 بالمئة منهم من المدنيين، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال كما ارتفع عدد الضحايا إلى 1945 قتيلاً في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ عام 2020، بزيادة تقارب 500 حالة عن العام الماضي.
وقالت الحملة الدولية لحظر الألغام إن الأرقام تعكس "الواقع القاسي الذي يدفع المدنيون ثمنه"، مشيرةً إلى أن عمليات تطهير الألغام تراجعت بشكل واضح نتيجة انخفاض التمويل المخصص للبرامج الإنسانية، ما جعل منظومة الحظر أمام “تحديات غير مسبوقة”.
ويواجه النظام الدولي لضبط استخدام الألغام اختباراً حقيقياً عقب إعلان خمس دول من أعضاء حلف شمال الأطلسي في آذار/مارس الماضي نيتها الانسحاب من معاهدة أوتاوا، التي تُعتبر الإطار القانوني الأبرز لحظر الألغام المضادة للأفراد منذ 1999. ويلزم هذا الاتفاق 166 دولة، أي ما يقارب 85 بالمئة من دول العالم، بوقف استخدام وإنتاج وتخزين ونقل هذه الأسلحة.
ويُظهر التقرير أن الزيادة الكبيرة في أعداد الضحايا خلال 2024 جاءت بشكل رئيسي بسبب الانفجارات في مناطق النزاعات، وخصوصاً في سوريا وميانمار اللتين لم تنضما إلى معاهدة الحظر. وسجلت ميانمار 2029 إصابة، بينما جاءت سوريا ثانية بـ 1015 ضحية، في حين وثّقت أوكرانيا قرابة 300 حالة خلال عام واحد.
ولفت التقرير إلى أن المدنيين العائدين إلى مناطقهم في سوريا بعد سقوط نظام الأسد البائد يواجهون مخاطر متفاقمة بسبب الانتشار الكثيف للذخائر غير المنفجرة في الأحياء والطرقات، مع تراجع كبير في التمويل الدولي لعمليات الإزالة.
كما تراجعت المساهمات المالية المخصصة لمساعدة الضحايا إلى أقل من 5 بالمئة من إجمالي تمويل مكافحة الألغام، وانخفضت بنحو الربع خلال 2024، قبل أن يتعمّق العجز خلال 2025.
هذا ويحذّر المرصد من أنّ استمرار هذا المسار قد يعني مزيداً من الخسائر الإنسانية في الدول المتضررة، رغم مرور أكثر من ربع قرن على توقيع معاهدة أوتاوا التي وضعت أسس إنهاء أحد أكثر الأسلحة تسبّباً بالمعاناة للمدنيين حول العالم.