احتفالية وطنية غير مسبوقة… سوريا تُحيي أول يوم عالمي لحقوق الإنسان منذ عقود
انطلقت صباح اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق أولى احتفالية من نوعها باليوم العالمي لحقوق الإنسان في سوريا، وذلك بتعاون بين وزارة الخارجية والمغتربين ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وبحضور عدد من الوزراء والسفراء وممثلي البعثات الأممية ومنظمات المجتمع المدني.
وخلال الافتتاح، أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني أن السوريين يعيشون اليوم مناسبتين وطنيتين بالغتي الرمزية: عيد تحرير سوريا واليوم العالمي لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن البلاد تستعيد مكانتها كدولة تعلي من شأن كرامة الإنسان وتعيد الروح إلى قلب الشرق.
وأضاف الشيباني أن هذا اليوم، الذي كان في السابق منبراً لإدانة جرائم النظام البائد وانتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان، يتحول اليوم إلى مساحة لحماية الحقوق وصونها، في خطوة تعكس التحول الجوهري الذي تشهده البلاد بعد عام على التحرير.
من جانبه، أوضح محمد النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن انعقاد الاحتفالية في دمشق للمرة الأولى ما كان ليحدث لولا نضالات الشعب السوري وإرادته، إضافة إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الجديدة لمنظومة حقوق الإنسان.
أما ندى الناشف، نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، فأكدت أن هذا اليوم يشكل بداية مرحلة جديدة لحقوق الإنسان في سوريا، مشيرة إلى أن التعاون بين المفوضية والحكومة السورية يفتح المجال لبناء مستقبل أكثر تقدماً وإشراقاً في هذا الحقل الحيوي.
من جهته قال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور خلال افتتاح فعاليات "اليوم العالمي لحقوق الإنسان" في دمشق: "ما كان لنا أن نجتمع باليوم العالمي لحقوق الإنسان في سوريا لولا نضالات الشعب السوري"، لافتاً إلى أن الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة السورية لحقوق الإنسان أحد عوامل اجتماعنا بسوريا.
ويحتفل العالم سنوياً في العاشر من كانون الأول بـ اليوم العالمي لحقوق الإنسان تخليداً لذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وهو الوثيقة الأساسية التي أرست مبادئ الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية. وخلال العقود الماضية، كان هذا اليوم مناسبة دولية لتقييم حالة الحقوق في البلدان المختلفة وتسليط الضوء على الانتهاكات القائمة.
وفي سوريا، اكتسب هذا اليوم دلالات استثنائية بعد سقوط نظام الأسد البائد في الثامن من كانون الأول 2024، وهو النظام الذي ارتبط اسمه بأوسع الانتهاكات الموثقة في تاريخ البلاد الحديث، من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وصولاً إلى استخدام السلاح الكيميائي والقصف العشوائي ومجازر جماعية طالت المدنيين.
ولم تُتح لسوريا طوال أكثر من خمسة عقود فرصة استضافة أو تنظيم نشاط رسمي مرتبط بحقوق الإنسان نظراً لطبيعة النظام السابق القائمة على القمع الأمني وإنكار الحقوق الأساسية. ومع دخول البلاد مرحلة سياسية جديدة بعد التحرير، بدأت الحكومة الانتقالية بإعادة بناء منظومتها الحقوقية وتفعيل الشراكات مع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
وتأتي إقامة احتفالية اليوم العالمي لحقوق الإنسان في دمشق هذا العام لأول مرة في تاريخ البلاد كإشارة رمزية على التحول العميق الذي تشهده سوريا، ورغبة الحكومة في تأكيد التزامها بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، وإعادة الاعتبار لضحايا الحقبة السابقة، وفتح صفحة جديدة تقوم على العدالة والمساءلة واحترام الكرامة الإنسانية.