ابتزاز الأهل العاطفي: عندما تتحول الرغبات إلى قيود على الأبناء
تتبع بعض الأسر أساليب ضغط عاطفي للتدخل في قرارات أبنائها الحياتية والمصيرية، من خلال قول عبارات: "سأمرض إذا فعلت ذلك" أو "سأغضب منك إذا قمت بكذا"، أو "أنت لست ابني في حال لم تفعل هذا"، وغيرها من التهديدات التي تُشعر الأبناء بالذنب وتجبرهم على القيام بأمور لا يريدونها.
هذا النوع من التهديد يندرج تحت إطار الابتزاز العاطفي، الذي يُعرَّف بأنه استخدام مشاعر الذنب والضغط والخوف للتأثير على قرارات الأبناء ودفعهم إلى الاستجابة لما يريده الطرف الآخر. ويستند هذا الأسلوب إلى استغلال الروابط الأسرية لإحداث تأثير نفسي مباشر بدلاً من الحوار القائم على الاحترام المتبادل.
دوافع الابتزاز العاطفي
تقول نور المصطفى، عاملة دعم نفسي مع إحدى المنظمات الإنسانية، خلال حديثها مع شبكة شام الإخبارية، إن بعض الآباء والأمهات يستخدمون هذه النوع من الضغط العاطفي لعدة أسباب يأتي في مقدمتها خوفهم على أبنائهم وعلى مستقبلهم الشخصي والمهني، واعتقادهم أن خياراتهم هي الصحيحة فقط.
وتضيف أن العوامل الاجتماعية والثقافية تلعب دوراً في اتباع هذا السلوك، إذ يُنظر في بعض المجتمعات إلى التدخل في خيارات الأبناء كأمر طبيعي ومقبول، إلى جانب شكوك الأهل في قدرة الأبناء على اتخاذ القرارات الصائبة بأنفسهم.
تداعيات الابتزاز العاطفي
في المقابل، يترك الإكراه العاطفي آثاراً سلبية متعددة على الأبناء، أبرزها شعورهم المستمر بالذنب وتحملهم مسؤوليات لا تعود إليهم بالضرورة. وقد يُحرمون من ممارسة الأنشطة التي يحبونها، فيضطرون للامتثال لرغبات الأهل رغم افتقارهم للقناعة بها، فقط بدافع الحرص على مشاعر والديهم وتجنب إيذائها.
في هذا السياق، تروي سلام العبدالله، شابة من ريف إدلب، تجربتها مع الابتزاز العاطفي قائلة: "قبل سنوات تقدّم لي ابن خالتي فلم أوافق، فامتنعت أمي عن الكلام معي، وصارت تقول إنها ستمرض في حال لم يتم الموضوع، مما دفعني للقبول مع أنني لم أكن مقتنعة، بعد الزواج، نشأت مشاكل بيني وبين زوجي أدت إلى الطلاق، فصرت أشعر بالندم لأنني لو ثبتت على موقفي لما حصل معي ذلك.
توصيات بين الابتعاد عن الضغط واحترام رغبات الأبناء
توصي الدراسات النفسية الأهالي بدعم خيارات أبنائهم والابتعاد عن أساليب السيطرة والضغط، مع احترام رغباتهم وتقدير تطلعاتهم. كما تؤكد على أهمية تعزيز الثقة والحوار داخل الأسرة، من خلال توفير بيئة آمنة للتواصل تتيح للأبناء التعبير عن مشاعرهم بحرية، دون الخوف من ردود أفعال عاطفية مبالغ فيها.
ختاماً، قد يلجأ بعض الأهالي إلى ممارسة الابتزاز العاطفي للضغط على أبنائهم، مما يقيّد حريتهم في اتخاذ قراراتهم ويزرع فيهم مشاعر الحزن والإحباط نتيجة حرمانهم من ممارسة ما يحبون. لذا، من الضروري أن يدرك الأهالي أهمية احترام رغبات أبنائهم وتجنب استخدام مثل هذه الأساليب التي تؤثر سلباً على استقلاليتهم.