قافلة افتحوا الطريق إلى حلب... كي لا تتكرر المأساة ولرفع الوعي بعد التكاسل العالمي عن نصرة المحاصرين
إنطلقت يوم 14 من ديسمبر / كانون الأول الجاري قافلة "افتحوا الطريق إلى حلب - halepe yol açin " من ميدان كازلي تشمه في اسطنبول بقيادة منظمة الـ IHH التركية "هيئة الاغاثة الانسانية وحقوق الانسان والحريات" ومشاركة العديد من المنظمات منها رئاسة الشؤون الدينية والهلال الأحمر التركي ومنظمة Memur Sen وصدقة تاشي ومنظمة خيرية كويتية وعدة منظمات قطرية ….، وكان الموقف الأخير للقافلة هو المعبر الحدودي " جيلو غوزو" المقابل لمعبر "باب الهوى" من الجانب السوري، مرورا بعدة ولايات تركية، وشارك فيها المئات من المتطوعين القادمين من تركيا ومن أنحاء العالم، بالإضافة إلى شاحنات المساعدات الإنسانية، وكانت المنظمة قد أوضحت أن المشاركون في القافلة ستكون بسيارات المشاركون وإمكاناتهم الشخصية، وهدفت القافلة لوقف فوري لنزيف الدم في حلب وفتح ممرات إنسانية لإنقاذ المحاصرين هناك.
القافلة نجحت بشكل غير متوقع بحشد ما يقارب 40 ألف إنسان من أنحاء تركيا والعالم وبتنوع كبير من مختلف التوجهات والمذاهب والتيارات، بقرابة ألف "1.000" عربة وحافلة بين شخصية وعائلية ومجموعات شبابية وطلابية وتكتلات أخرى مستخدمين حافلات أجرة، حيث التحق بالقافلة في اليوم الثاني، الخميس 15 ديسمبر، عند وصولها لمدينة قونيا مساءا مشاركين آخرين قدموا من محافظات عدة: أنقرة، إزمير، آيدن، بولو، الخ. وفي اليوم الثالث عند وصولها لمدينة الريحانية مساءا، التحق بها مشاركين من محافظات مثل غازي عنتاب، فان، أضنة، قونيا، الخ. إلى جانب ذلك، كان يلتحق في كل مدينة تمر عليها القافلة مشاركين وشاحنات مساعدات ويتم إلقاء كلمات وسط حشد شعبي كبير يكون في انتظار مرور القافلة.
وأوضح حسام حمزة إعلامي في منظمة الـ IHH أن القافلة وصلت في ذروتها إلى 1500 شاحنة إغاثية، دخل منها 160 لغاية صباح اليوم الثلاثاء، رغم أن جمع التبرعات والمساعدات لم يكن ذات الأهمية العالية للمنظمة بقدر ما كان الهدف كسر التكاسل والتغاضي "والمقصود هنا ليس تركيا بل العالم أجمع" على مذبحة حلب وتسليط الضوء لما يجري بها من مذابح، حيث أن المجتمع الدولي وقف موقف المتفرج من كل ذلك دون إظهار أي جدية لوقف نزيف الدم في حلب.
وهذا ما أوضحه كل من رئيس هيئة الإغاثة IHH بولند يلدرم يوم السبت عندما ألقى خطاب في الحشود وهي في مسيرها نحو المعبر من عدم ترك أهل حلب لمصيرهم، وللعمل على تفادي أن يتكرر سيناريو حلب في منطقة أخرى (المقصود هنا إدلب)، كما كرر ذات الحديث وحذر منه يوضوح نائب رئيس هيئة الإغاثة لشؤون الدبلوماسية الإنسانية السيد عزت شاهين.
المصدر ذانه أوضح خلال اتصال هاتفي أن هذه الحملة جاءت بعد حملة إعلامية سابقة للمنظمة بداية الشهر الحالي، وتم فيها نشر خمسة آلاف "5.000" بوستر في أنحاء اسطنبول في ليلة واحدة ضمن " حملة إما أن تقول لا لروسيا أو ترسل أكفان لحلب " وكان لها أثر لكن ليس كالمطلوب ما دفع المنظمة لإطلاق فكرة القافلة.
وبالتزامن مع الإعلان للقافلة والتي تم البدء بالعمل لأجلها قبل أسبوع واحد فقط من انطلاقها الأربعاء 19 كانون الأول تقدمت الميليشيات الإيرانية وقوات نظام الأسد وأصبح نحو 100 ألف من أهالي حلب في بضع كيلو مترات وكانت قذيفة واحدة تؤدي لمجازر ضخمة ما دعى ناشطون وحقوقون وسياسيون لدعوات للاعتصامات أمام القنصليات الروسية والإيرانية في أنحاء العالم وأكثر من مرة ويوم ما أثار حالة من الغضب الشعبي الذي أتى بالصدى الجيد لدى الشارع التركي والعالمي والذي إنعكس إيجابيا على قافلة افتحوا الطريق إلى حلب، وهذا ما لوحظ من خلال مشارك رجال ونساء من مختلف الأعمار ومن جنسيات مختلفة: تايلاندا، البوسنا ، بنكلادش،ماليزيا، الكويت، السعودية، قطر، جنوب إفريقيا، أستراليا..
مع وصول القافلة يوم السبت لمدينة الريحانية نُفذت وقفة تضامنية في نقطة تبعد 7 كم عن الحدود السورية عند الـساعة 11 صباحاً، ولتضارب الأنباء حول الاتفاق المبرم بين الثوار وروسيا ودخول إيران على خط التفاوض وظهور مطبات عطلت سير الاتفاق في وقت كان محاصري حلب في ظروف جوية صعبة لم تتوانى الحشود الغاضبة بطلب التوجه لبوابة المعبر والاعتصام هناك حتى إدخالهم إلى حلب لوقت النزيف وإيصال المساعدات للنازحين، الأمر الذي استدعى رئيس هيئة الإغاثة IHH بولند يلدرم بإلقاء خطاب بالحشود الشعبية وتوضيح مايجري في الداخل السوري حول الاتفاق قائلاً فيه ما أنجزناه اليوم يكفي وجيد، وشبه قافلة حلب بقافلة مرمرة ويوم 15 تموز"ليلة افشال الانقلاب في تركيا".
وأوضح أننا لا يمكننا الدخول لسوريا بهذا العدد الكبير نتيجة للأوضاع الأمنية وعدم استقرار الاتفاق، ولكن عليكم ان تقوموا بدعوة أصدقائكم وأقربائكم للقدوم والاعتكاف هنا حتى يتوقف القتل سنقوم بالتجمع بالتناوب علينا ان لا نستسلم ونغادر لانهم يريدون ذلك سننام على الجسور وفِي المساجد.
وقال أيضاً: هم أقوياء على الطاولة ونحن ضعفاء ونحن نعمل بكل القدرات التي نملكها لكي نكون اقوياء على الطاولة أيضا لانهم ليسوا صادقين هم يحاولون ان يستغلوا الوقت ويجعلونا نستسلم، وأشار يبدرم أن اقحام كفريا والفوعة في الاتفاق صعب الأمور جدا لانه يتطلب موافقة كافة الفصائل .
وتابع يريدون منا ان نكون مراقبين فقط في الاتفاق الخاص بحلب ولكن علينا ان نعمل لكي نعمل مع الفصائل لكي نؤمن أمان وسلامة عملية الاجلاء.
لكن المشاركون تابعوا مسيرهم حتى مغرب السبت وعودة الاتفاق لحيز التنفيذ لتفصلهم 300 متر فقط عن بوابة المعبر بين سورية وتركيا واستمر قرابة ثلثي المشاركون في المبيت بمدينة الريحانية حتى مساء الأحد لغاية وصول الاتفاق لمرحلة مستقرة وعودة عمليات إجلاء النازحين للمناطق المحررة وإدخال الجرحى لتركيا مؤكدين استعدادهم للعودة للاعتصام في حال دعت الحاجة.
ضغوط شعبية على المنظمة
من جانبه أوضح لنا مصدر في الـ IHH ، أن المنظمة عاشت ضغوط كبيرة من المشاركون بسؤالهم دوما كيف يمكننا المساعدة مطالبين بالدخول ورؤية اخونهم النازحين وتوزيع المساعدات، ولكن هذا الأمر بحسب ما اوضح المسؤول ذاته من غير الممكن مع هذه الأعداد الهائلة وأن تأمين سلامتهم تهم المنظمة كثيراً، لذلك أمنت المنطمة دخول وعودة ما يقارب 400 متطوع فقط لمعاينة ومراقبة العمل في منطقة المخيم التي يتم انشائه حاليا شمال إدلب كما وأنهم شاركوا في نصب خيمه، وكان المتطوعين حصراً من حملة الجنسية التركية نتيجة لشروط الدخول والأوراق المطلوبة كإذن دخول من الوالي.
التعاطف الشعبي
من ناحية أخرى تحدث ناشطون لدى منظمة الـ IHH ومشاركين في القافلة عن مشاهداتهم في المدن التركية، كيف كانت الناس تخرج لتحية القافلة ملوحة بعلم الثورة السورية والعلم التركي، كما أخبرنا آخرون عن توقيف الناس لبعض السيارات والمتطوعين وموظفي الـ IHH وإخراج الأمول من جيوبهم والتبرع بعد السؤال هل أنتم متجهون لحلب؟ وعند الرفض والتوضيح للمتبرعين أن لا إمكانية الآن للتبرع وإعطاء سند توثيقي لذلك، كانت إجابات المتبرعين: اتركوها لكم ان احتجتم لأمر ما على الطريق.
كما أن هناك حوادث إنسانية فردية كثيرة كقدوم أفراد من أنحاء العالم فقط للمشاركة في القافلة كتيلاند والكويت وألمانيا.
أما الولايات التركية فاستجابت وتعاونت بفتح الصالات الرياضية والجوامع للمتطوعين كما أن الأهالي وبعض المنظمات الأهلية في المدن التي باتت فيها جموع المتطوعين في القافلة كانت توزع الطعام و وجبات الفطور والعشاء.
من ناحية أخرى، كان الهدف الآخر من القافلة كما ـ وضح المشاركون هو الشعور بجزء بسيط مما يعانيه أهالي سوريا. كان المشاركون في القافلة يقضون ساعات طويلة في الحافلة أو السيارة حوالي 3 ساعات على الأقل حتى يحصلون على استراحة ويقضون حوائجهم الإنسانية. كانوا ينامون في مكان عام وبارد مع عشرات من المشاركون ونظرا لدرجة الحرارة المنخفضة التي كانت تصل في الليل إلى -8 في بعض المناطق، فإنهم كانوا يستخدمون الماء البارد جدا. لذلك، ففي لقاء الريحانية، تم تذكير االمشاركون بأن الظروف التي عاشوها خلال هذه الأيام القليلة هي جزء بسيط مما يعيشه السوريين كل يوم منذ 6 سنوات.