صحيفة إسبانية: عشرون عاماً من الاستبداد ودولة مدمرة بالكامل نتاج "الأسد" بعد توليه الحكم
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على الإرهابي "بشار الأسد" بمناسبة مرور 20 عاما على توليه حكم سوريا خلفاً لوالده "حافظ"، وما وصلت إليه سوريا في عهده من دمار نتيجة الظلم والاستبداد.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إن بشار أصبح رئيسا بـ"الصدفة"، إذ أن والده حافظ الأسد كان يجهّز شقيقه الأكبر باسل ليخلفه في الحكم، لكن وفاة باسل في حادث سير عام 1994، جعلت بشار يقطع دراساته العليا في طب العيون ببريطانيا ويعود إلى سوريا ليستلم المشعل من أبيه.
ويقول ديفيد ليش، أستاذ التاريخ في جامعة ترينيتي في تكساس ومؤلف كتاب "سوريا.. تاريخ حديث" معلقا على العوامل التي أثرت في نشأة بشار الأسد: "عندما تُدرك أنك خيار ثان، يخلق ذلك حالة من الشك وربما يزعزع الثقة بالنفس".
ويضيف: "بما أنه جاء إلى الحكم في صورة "المنقذ" الذي ضحى بمشواره المهني من أجل بلده، دون أن يكون جاهزا تماما للمهمة، فقد منحه الشعب السوري متسعا من الوقت للتعلم، خاصة أن كثيرين كانوا يعتقدون أنه سيكون مختلفا تماما عن والده".
وعندما توفي حافظ الأسد، كان بشار في الرابعة والثلاثين من عمره، وتم تعديل الدستور للسماح له بتولي منصب الرئاسة، كما اقترح بشار منذ البداية إدخال إصلاحات جذرية وإعادة بناء البلاد على أسس جديدة، وفق الصحيفة.
وقال في خطابه الافتتاحي بعد تولي المنصب في 17 تموز/ يوليو سنة 2000: "أجد من الضروري جدا أن أدعو كل مواطن لكي يشارك في مسيرة التطوير والتحديث إذا كنا فعلا صادقين وجادين في الوصول إلى النتائج المرجوة في أقرب زمن ممكن".
وتقول الصحيفة، إنه بالنسبة لشخص عاش لفترة طويلة في أوروبا، كان الإصلاح يعني أولاً وقبل كل شيء اعتماد سياسات رأسمالية نيوليبرالية والقضاء على البيروقراطية وفسح المجال أمام القطاع الخاص، لكن خياراته اصطدمت بتعنت الحرس القديم في حزب البعث، وبالنتيجة تعمّقت الفوارق الاجتماعية وتكرّست حالة الانغلاق الثقافي والجمود السياسي.
ويلخص ليش، ما حدث في سوريا خلال سنوات حكم بشار الأولى قائلا: "واجه بشار جمودا في أجهزة الدولة، وكان الفساد مستفحلا بطريقة لا يُمكن معها فعل أي شيء. كان محبطًا جدًا لأنه لم يتمكن من تنفيذ العديد من السياسات، وواجه العديد من العقبات لإصلاح البلاد.. وبدلاً من أن يغيّر بشار الأسد تلك المنظومة، فإن النظام الاستبدادي هو الذي غيّر بشار الأسد".
كانت هذه العبارة التي رددها أنصار النظام عندما اندلعت الاحتجاجات المناوئة للسلطة في 2011، والتي واجهها بشار الأسد بالقمع منذ اللحظة الأولى، وفي البداية، كانت المظاهرات تطالب بإرساء الديمقراطية دون المساس بمكانة القائد، لكن نقطة التحول وفق كثيرين هي الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد في 30 آذار/مارس من ذلك العام، ووصف فيه المحتجين بمثيري الشغب.
وتؤكد الصحيفة أنه بعد تسع سنوات من اندلاع الأحداث في سوريا ومقتل ما يقارب نصف مليون شخص، وتدمير البلد بشكل كامل، تقف المعارضة عاجزة أمام نظام الأسد الذي استخدم آلة القمع الوحشية لإجهاض حلم السوريين بالديمقراطية مستعينا بقوى خارجية ساعدته على القضاء على معارضيه.
وتوضح أن سوريا تحولت خلال السنوات الماضية إلى حلبة صراع إقليمي ودولي تداخلت فيها عديد الأطراف. واعتبرت أن بشار عرف كيف يثير مخاوف العالم من "المتطرفين" الساعين إلى السيطرة على سوريا عبر إطلاق سراح السجناء في مرحلة أولى، قبل أن يتمكن في مرحلة ثانية من قلب المعادلة لصالحه بعد التدخل الروسي في 2015.
لكن حسب الصحيفة، لا يبدو بشار في وضع جيد رغم نجاحه في إضعاف معارضيه، حيث أن البلاد في حالة دمار شبه كامل، والليرة السورية منهارة والتضخم بلغ أعلى مستوياته، فضلا عن العقوبات الغربية على النظام السوري.
ويعتقد ديفيد ليش أنه "إذا استمر الاقتصاد في التدهور، ستكون هناك بعض الخلافات السياسية الداخلية، خاصة إذا كان الأسد ودائرته يبحثون عن كبش فداء لمشاكل البلاد".
وتتساءل الصحيفة في الأخير عما إذا كان الصراع في سوريا قد اقترب من نهايته مع بقاء الشمال السوري في أيدي المعارضة والقوات الكردية. وتنقل عن دبلوماسي عماني قوله: "الحروب مثل المشاريع التجارية، تنتهي عندما تقتنع أطرافها أنها لم تعد ذات جدوى.. أما الآن، فإن أطراف الحرب السورية مازالوا يرون أنها مربحة".