مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٧ أغسطس ٢٠١٦
قبل أن نودع وعر”نا” .. على من ولد من رحم حمص الانتفاض

اليوم بتنا أمام مشهد جديد ، يحمل في طياته ذات البدايات التي شهدناها في كل منطقة تم تهجير أهلها ، و من الخطأ أن ننتظر حصول ذات النتائج بذات الأساليب المقيتة، التي تفقدنا أعز ما نملك و أغلى ما يجب أن نحافظه .

بعد تتالي الصور القادمة من انتقال أهالي داريا منها لتصبح منطقة محتلة يدنسها (الشيعة)، في حرب طائفية بحتة في مسوغاتها و اسلوبها و مسارها ، دون أي مواربة أو تجميل ، لأن أي تلاعب بالالفاظ تحت أي مسمى في هذا الأمر ، هو التلاعب بالدين و العرض .

“قادمون” وما تلاها من تحضيرات جرارة (اعلامياً)، بغية العودة إلى حمص و الحفاظ على ما تبقى منها و من أهلها ، من الابعاد و الترحيل و التغيير الذي طال كل المعالم الدينية و الأصيلة في المدينة التي تحتضن رفاة خالد بن الوليد ، م تؤتي أوكلها لاأسباب معرفة لدى الجميع ، ولكن مع تصاعد الهجمة على الوعر التي باتت اليوم تحت خيارين الابادة أم الهجرة و فان الأمور بحاجة لاعادة ترتيب الأوراق .

اليوم لا مكان للكلام العاطفي أو شحن من أي نوع ، فحي الوعر الذي انتهت علاقاته بالعالم الخارجي تماماً ، مع سيطرة القوات الطائفية على قريتي ( قزحل و ام قصب) نتيجة فشل فصائل ريف حمص الشمالي في حمايتهما ، و حماية الطريق الأخير و الجسر الوحيد الموصل للوعر ، وتحولت مع هذا الوعر إلى لقمة سائغة بكل ما تحتويه من أجساد و أرزاق.

حمص اليوم مهددة ككل بفقد قلبها النابض ، و رئتها و أملها الوحيد، في محافظة “السنة” على حضورهم في المنطقة الوسطى ، فبعدها لن يعود هناك أي دليل على حمص التاريخ و التركيبة و الحضارة ، وستكون شيعية أم علوية بحتة و بالمطلق ، ومن تبقى فيها مرغماً و صاغراً سيكون معرضاً للموت قتلاً أو ذلاً.

حسب المنطق العام الوعر يختلف عن داريا ، في كون المقاتلون “الحماصنة” لهم حضور قوي على مختلف الجبهات ، ابتداء من درعا ووصولاً إلى حدود تركيا ، و يشاركون في كافة الفصائل و يملكون ارادات و تشكيلات قد لاتكون بالحجم الكبير و لكنها فعالة و يحسب لها حساب ، والأهم هناك مفاتيح ضغط يكاد العد يخطأها، مع تواجد فصائل قوية في قلب المكون المعادي في الريف الشمالي ، مما يجعل أمر القتل يواجه بالقتل ، و بالتالي الألم والنحيب لن يكون لأهالي حمص الأصلاء أمام المستجلوبون ، والذين سيرضخون حتماً عندما يصل الأمر لحدود معينة.

قد يؤخذ على كلامي كثير من المآخذ، والتي يكون أبرزها هو حشيها باللغة الطائفية ، المفروض ألا تطرح كي يكون هناك “عيش مشترك” و “شراكة في الوطن” ، وطن قتلنا فيه و شردنا و حرق كل شيء فيه بفعل قلة قليلة تمارس “الرذيلة” و “القذارة” بدعم اسطوري من أمم قيل أنها متحدة للأمن و السلم و لكنها في الحقيقة ما تبرع به هو شيء واحد ألا وهو الع… .

اقرأ المزيد
٢٧ أغسطس ٢٠١٦
الرياء الاعلامي الذي حوّل الثورة عن مسارها

مما لا شك فيه أن للحرب الإعلامية والتصوير دور كبير في الثورة السورية ونهوضها، والتي أوصلت معاناة الشعب السوري الثائر لكل العالم، وأعطت دفعاً كبيراً لتشجيع الثوار ورفع المعنويات من خلال تصوير المعارك وبثها عبر مواقع التواصل، أيضاً من شأنها إدخال الرعب لدى العدو المتمثل بنظام الأسد وحلفائه، ممن حاولوا مراراً استخدام ذات الحرب لإرهاب الشعب السوري وإخافته بالدبابات والصواريخ والطائرات، وعبر الأقنية الإذاعية التي استخدموها في حرب الشعب الثائر.


كما لعب التصوير والعمل الإعلامي دور كبير في توثيق جرائم النظام السوري الذي سعى دائماً ومازال لإخفاء كل آثار الجريمة التي يرتكبها، بل وتلفيق اتهامات مغلوطة وإلباسها لغيره كمجازر الكيماوي وغيرها من المجازر التي يتهم الثوار تارة بارتكابها وتارة تنظيم الدولة، طبعاً بعد التمهيد الإعلامي بأن الثوار والتنظيم باتوا يمتلكون هذه الأسلحة، والأمثلة كثرة من ذلك الشاهد الأكبر عليها مجازر الثمانينات بحق الألاف في مدينة حماة والتي غابت عن توثيقها عدسات الكمرات وضاعت حقوق الألاف بعدها.


ومع تقدم سنين الثورة وتطور العمل الإعلامي دخلت تقنيات حديثة وعديدة على مستويات عدة من التجهيزات والأنواع المختلفة من الكاميرات ومعدات التصوير حتى وصلت لطائرات مسيرة عن بعد وكاميرات توضع على الراس وتقنيات مختلفة، ساعدت بشكل كبير في توثيق الأحداث الميدانية والمجازر والمعارك بشكل أكبر وبتقنيات متطورة جديدة، أضف على ذلك رواج العمل الإعلامي بشكل كبير وكثرة الناشطين المحدثين، ممن لا يتقنون استخدام هذه التقنيات لأغراضها الأساسية، أو ممن لا يملكون الخبرة عن أهمية العمل الإعلامي وكيفية توجيهه لخدمة الثورة والثوار.


ونظراً للانتشار الكبير للأنترنت ومعدات العمل الإعلامي، أيضاً كثرة الوكالات الإعلامية المحدثة، بات العمل الإعلامي أمام مطبات كبيرة وخطيرة حولته عن هدفه الأساسي في المعركة الحالية ضد النظام، لتغدو الكمرة وسيلة للرياء الإعلامية وإظهار الذات، فتارة يأخذ السيلفي في مكان عمله ونومه ومأكله ومشربه وحتى فوق جثث الضحايا، يثبت لأصدقائه عبر مواقع التواصل أنه كان هنا، وأنه في قلب الحدث، فغدت الكاميرة وسيلة لخدمة نفسه بدل أن تكون لخدمة الثورة ككل.


أيضاً انتشرت صور السيلفي بشكل كبير في أوساط الجمعيات الإغاثية، فباتت آهات وعذابات الفقراء باباً لالتقاط صور السيلفي وإظهار الذات والترويج للجمعية الفلانية "صورني وأنا عم أعطيه 50 دولار" والطفل لاحول له ولا قوة دفعته الحاجة لتقبل الموقف وقد لا يكون طفلاً بل شيخاً كبيراً أو امرأة لم يجرؤ على الاعتراض خوفاً من أن يحرم من هذه المنحة التي قد لا تسد رمق عائلته ليوم واحد.


صور يومية وكثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستعرض أطفال أو كبار في السن من رجال ونساء وقد مزقتهم شظايا الصواريخ وانتهكت حرمة بيتهم وحولته لرماد، وفي ظل هذا المنظر المؤثر الذي يدمي القلوب تجد عدسات الكاميرات أكثر بكثير من المسعفين بل قد يصور الناشط هذه الحالة وتلك ويتجاوزها ليصور غيرها من حالات دون ان يقدم لها يد العون أو يساعد في إسعافها، حتى بات هذا المشهد متداول بكثرة في عشرات بل مئات الحوادث، فالتوثيق للجريمة مطلوب ولكن ليكن لدينا قليلاً من الإنسانية في التعامل مع هذا المشهد، قليلاً من الوعي الإعلامي لعدم إظهار صورة تلك الأم الثكلى وهي تبكي وليدها وزوجها، تلك المحجبة التي لم تعد تعرف أين ذهب حجابها وباتت وسط الجموع، تلك التي تحاول أن تبحث عنه روح حياة بين ركام منزلها، لتواجهها عدسات الكاميرات تتربص حالتها بكل لقطة، لأن في هذه اللقطات العفوية أمولاً أكثر تدر عليهم من الوكالات الإعلامي لاسيما الأجنبية منها.


هذه القضية وانتقال العمل الإعلامي من صورته السامية في نقل الواقع وتوثيقه، إلى الرياء وإظهار الذات والمتاجرة بقضية الأمة، تتطلب وعياً إعلامياً وجهود كبيرة لتصحيح المسار، يبدأ من ذاتنا فرداً فرداً وينتقل للأخرين ليعمم على الجميع، ويغدو الناشط ناشطاً يوثق الحدث في مجاله، ويبتعد الشيخ عن العدسات ليلازم منبره وساحات القتال التي تحتاج لرفع الهمم لا لالتقاط صور السيلفي هنا وهناك توثق نفسه وحركته وحتى نومه، ويعود العمل الإعلامي لسابق عهده الذي وجد بالفطرة ودون خبرة إلا أنه كان نقياً طاهراً من كل الشوائب التي تعلقت فيه بفعل الاستخدام الخاطئ والذي أوصلنا لدرجات متدنية من المهنية.

اقرأ المزيد
٢٦ أغسطس ٢٠١٦
التآمر الدولي ضد الشعب السوري: إلى أين؟

محت القوات الروسية والأسدية والإيرانية مدينة حلب الجميلة من فوق الأرض وسوّتها بها، أو كادت. فما يجري في سورية ليس حرباً على الإرهاب يخوضها ما يعرف بالتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي يبدو أن التوصيف الواقعي له هو التحالف لتدمير سورية وقتل شعبها وتهجيره ومحو المدن وإبادة البشر والحجر والشجر. فظاهر الأمر يدل على أن تنظيم «داعش» غير مستهدف فعلياً بضربات التحالف، فهو يَتَعَاظَمُ شأنه ويَتَفَاقَمُ خطره وتتقوَّى شوكته، بينما تستهدف تلك الضربات الثوار الأحرار والمواطنين العزل الذين يقاومون كل هذا الحشد الإجرامي المتعدد الجنسيات والعقائد.

سورية تباد اليوم إبادة كاملة أمام مرأى من العالم ومسمعه، ولنقل بعبارة أدق، أمام الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية اللتين هما القوتان العظميان القابضتان على زمام مجلس الأمن، الذي صار خاضعاً لهما، فاقداً مصداقيته، ولم يعد كما كان يراد له أن يكون «حكومة العالم»، تضطلع بمسؤولية حفظ الأمن والسلم في العالم، وحماية القوانين الدولية من الانتهاك والعبث بها. وهي إبادة حقيقية وليست مجازية إطلاقاً.

إن السؤال الذي ينبغي أن يطرح: هل كل من يحمل السلاح في سورية ويحارب النظام الطائفي، هو من الإرهابيين؟. هذا ما يقوله النظام ومعه روسيا وإيران وتوابعها، وهم كثر. وعلى هذا الأساس، تتضافر جهود هذه الأطراف المتحالفة، لتطهير سورية من شعبها الذي يحمل السلاح في وجه النظام لإسقاطه. الملاحظ أن داعش لا يحارب النظام السوري. صحيح أن هذا التنظيم قد اكتسح مناطق شاسعة من التراب السوري، واحتل مدناً وقرى، لكنه لا يدخل في معارك مع قوات النظام. وإنما المسألة بخلاف ذلك تماماً، فداعش يحارب فصائل المعارضة السورية ويضربها في مقتل، ثم ينسحب من المناطق التي يحتلها ويتركها تحت وابل القصف الهمجي الذي يدمر كل شيء، ما يجوز معه القول إن هذا التنظيم الإرهابي يتصدى لأعداء النظام السوري، ويعمل لحسابه.

إنها المأساة الإنسانية المرعبة التي تفضح التواطؤ بين القوى العظمى في تنفيذ مؤامرة دولية، هي بكل المقاييس، إنذار شديد القوة بإفلاس النظام العالمي وبوار السياسة الدولية، وبدخول العالم مرحلة من الفوضى التي يُنتهك فيها ميثاق الأمم المتحدة، ويتعرض الأمن والسلم الدوليان لأخطار شديدة. وإذا لم يبادر المجتمع الدولي بإزالتها، ستزداد الكوارث المدمرة في المنطقة التي يتحمَّل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية اللاعبون الكبار بالنار، والعابثون بحقوق الإنسان، والمتاجرون بأرواح البشر، في هذه المرحلة العصيبة التي يعيشها العالم، والتي وصل فيها التهديد للسلام العالمي درجة لم يصلها من قبل. إن السياسات المنافقة واللاأخلاقية التي تنتهجها القوى العظمى في تعاملها مع الأزمة السورية، من شأنها أن تزيد في خطورة الأوضاع، ليس في سورية فحسب، وإنما في المنطقة بأسرها، إلى درجة أن بعض المحللين العارفين بخفايا الأمور، يذهبون إلى القول بأن الحرب العالمية الثالثة، إذا ما كانت ستقوم، فستندلع من الأراضي السورية. ونحن لا نرى في هذا الاحتمال مبالغة ما، لأن كل ما يجري في سورية اليوم يسير نحو هذا الاتجاه. لكن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية ومعهما إيران بأحقادها وأطماعها الطائفية في المنطقة العربية، هي المسؤولة عن تدهور الحالة في سورية إلى هذا المستوى المأسوي.

وفي ظل الوضع الجديد في تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي بدأت معالم من دبرها ودعمها تتضح يوماً بعد الآخر، والتي من أهدافها تقليص الدعم التركي للثوار السوريين، يستمر قتل الشعب السوري وتدمير بلاده في إطار سياسة طائفية مقيتة تهدف إلى القضاء على المواطنين السنة، أو تهجيرهم ليهيموا في أقطار الأرض، وإحلال الشيعة في مناطقهم تستقدمهم إيران من بلدان عدة. وهذا مخطط بالغ الخطورة لا يعرف أحد كيف سينتهي ولا إلى أين يتجه. وما يزيد من تعقيد المسألة ومن خطورة الوضع في سورية، أن ما يجري على الأرض هو نتيجة للتوافق بين القوى العظمى ومعها إيران، هذا التوافق الذي هو القاعدة في التآمر ضد العرب والمسلمين جميعاً، وليس فقط ضد الشعب السوري.

والعرب والمسلمون جميعاً، لا يمكن إعفاؤهم من تلك المسؤولية، فالخطر يتهددهم، والتآمر يستهدفهم، وهم أصبحوا في قلب الأحداث، حتى وإن بعُد بعضهم منها جغرافياً. فها هي إيران تعد جيشاً طائفياً متعدد الجنسيات، لتنفيذ خطتها التوسعية جهاراً نهاراً. ولذلك يتوجّب على منظمة التعاون الإسلامي أن تتحرك في اتجاه إنقاذ الشعب السوري من الإبادة الجماعية، وحماية معالم الحضارة الإسلامية في هذا البلد المنكوب، وحماية العالم الإسلامي من حمى الطائفية المقيتة التي تنفخ في نارها إيران ومن يخدم سياساتها.

فالوضع جد خطير، ولا يقبل التأخير.

اقرأ المزيد
٢٦ أغسطس ٢٠١٦
روسيا وإيران: خداع متبادل

قرار طهران بوقف استخدام إحدى قواعدها الجوية لتزويد القاذفات الروسية بالوقود في غاراتها على المعارضة السورية، بعد استيائها من «قلة كياسة» موسكو، ليس مجرد تشتيت لإحراجات إيرانية داخلية فحسب، بل يعكس أيضاً مزاجية العلاقة بين الدولتين وهشاشتها، وما تنطوي عليه من خداع متبادل، على رغم تشديد الطرفين على بعدها الاستراتيجي والمصالح الطويلة الأمد التي تخدمها، والتي تبقى محل تقييم.

انتظرت إيران أياماً قبل أن تستفيق على «وقاحة» الروس وانفرادهم بالإعلان المتلفز عن نشر طائراتهم، في استهانة واضحة بها. والسبب الذي قدمته لامتعاضها أن الروس نقضوا اتفاقاً بالحفاظ على السرية التي تنتهجها هي استراتيجية دائمة منذ وصول رجال الدين إلى السلطة قبل نحو أربعة عقود. فالعمل في الخفاء تقليد معتمد لدى طهران التي رفعت طويلاً، على سبيل المثال لا الحصر، شعارات العداء للولايات المتحدة فيما كانت تفاوضها في السرّ.

أدركت طهران أن إعلان موسكو الصاخب كان استدراج عروض للأميركيين يستهدف إقناعهم بالدخول معها في اتفاق شامل حول سورية، بدلاً من الاعتراف المتدرج البطيء بدورها ونفوذها. فبوتين قد يكون مستعجلاً للحصول من باراك أوباما على أقصى ما يمكنه، قبل وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، ربما بات مقتنعاً أنه لن يكون «صديقه» دونالد ترامب.

لكن سكوت طهران عن الإعلان الروسي أسبوعاً، كان أيضاً يستهدف الضغط على الأميركيين قبل الانتخابات لتسريع إلغاء العقوبات الذي لا يزال يطبق بالقطارة، والاعتراف الواضح بنفوذها الإقليمي، وخصوصاً في العراق حيث تتشدد واشنطن في شروط ما بعد استعادة الموصل من «داعش» وفي دور الميليشيات الموالية لإيران في المعركة المنتظرة وفي مستقبل بلاد الرافدين، بما فيها إقليم كردستان الإشكالي.

وقد يكون حديث وزارة الدفاع الروسية عن احتمال توقيع اتفاق مع إيران مماثل لذلك الموقّع مع سورية، أثار حفيظة طهران المعتدّة بنفسها، والتي تعرف تماماً أن الاتفاق الذي سمح لروسيا بتوسيع انتشارها العسكري والتحكم بغرفة العمليات المشتركة مع الجيش النظامي السوري، تضمن انتهاكاً فاضحاً للسيادة الوطنية، وجاء مذلاً للحكم في دمشق، وأظهره مجرد تابع ينفذ الأوامر، إلى حد استدعاء بشار الأسد إلى القاعدة الروسية لتلقي تعليمات وزير دفاع موسكو. أما إيران فتعتبر نفسها لاعباً مهماً في المنطقة على قدم المساواة مع روسيا، إن لم تكن أهم منها، بسبب القرب الجغرافي والتاريخ المشترك.

وبالتأكيد فإن أحد الأسباب التي دفعت طهران إلى التراجع عن الاتفاق، هو أن القصف الروسي لم يغير عملياً الكثير على الأرض، لا سيما في منطقة حلب، حيث لم يتمكن الجيش النظامي والميليشيات الإيرانية من توظيف تكثيف الغارات في تغيير الواقع الميداني. بل أن الخطوة الروسية قد تكون السبب في اتخاذ الأميركيين إجراء مقابلاً يتناقض مع سياستهم بعدم التدخل المباشر، عندما أرسلوا طائراتهم لحماية مستشاريهم العسكريين العاملين مع «قوات سورية الديموقراطية»، في تلويح باحتمال إقامة منطقة حظر جوي تطالب بها المعارضة السورية منذ سنوات، وقد تشمل الطيران الروسي. فإذا قاست إيران مدى نجاح الخطوة بنتائجها تبين لها أن النتائج جاءت عكس ما ترغب، لأن توسيع التدخل الدولي في سورية أياً كان حجمه يأكل من دورها ونفوذها.

وفي حين تتصرف روسيا باعتبارها دولة كبرى تأخذ في حسابها تجاذباتها في شكل خاص مع الأميركيين والأوروبيين، في مناطق أخرى مثل أوكرانيا، ولا تجد حرجاً في التلميح إلى أن مصلحتها في استمرار منفذها على البحر المتوسط عبر سورية أهم من مصير الأسد على المدى الطويل، أو من تحويل سورية إلى كيان فيديرالي، تعتبر إيران أن تغيير النظام السوري أمر غير خاضع للنقاش، وأنها تخوض في سورية معركة «حياة أو موت» وتدافع عن نظام «الجمهورية الإسلامية» نفسه.

وثمة في طهران من يرى أن الإيرانيين يقدمون «التضحيات» في سورية من مالهم وجنودهم وميليشياتهم، فيما يقطف الروس وحدهم «الانتصارات» السياسية والخبطات الإعلامية.

اقرأ المزيد
٢٦ أغسطس ٢٠١٦
روسيا إذ تغرق في الشرك السوري

الحديث الروسي المتصاعد عن تفاهمات مُنجَزة مع الولايات المتحدة فيه كثير من المبالغة المقصودة، وهو تعبير عن سياسة «التغلغل الناعم» الذي يعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدخول على قضايا الشرق الأوسط، وذلك بالموازاة مع فظاظة وحلف القوة العسكرية التي يستخدمها بمواجهة الشعب السوري. فبوتين يلعب بالميدان الشرق أوسطي وكأنه أمر يتعلق بالمدى الحيوي المباشر للعاصمة موسكو.

ولا توازي البهجة التي ترتسم على وجه وزير دفاعه سيرغي شويغو وهو يعلن عن الشروع باستعمال القاذفات الاستراتيجية المنطلقة من قاعدة همدان في إيران لقصف مواقع «الإرهابيين» في سورية، إلا فرحة وزير خارجيته سيرغي لافروف وهو يمسك بأوراق الملف السوري مُفوَّضاً من الولايات المتحدة لحل المسألة السورية.

لكن في موازاة المبالغة المقصودة، هناك أمل روسي دائم بإمكانية التوصل إلى تفاهم أمني وسياسي مع الأميركيين، نجح حتى الآن في إطار الحد الأدنى لتفادي الاشتباك ليس إلا. مبعث ذلك هو حاجة الأميركيين لإنجاز فعلي في مواجهة داعش في العراق أو سورية قبل موعد رحيل الرئيس باراك أوباما الذي تعتمد إدارته سياسة الغموض البناء ولا تفصح عن أهدافها الحقيقية.

إزاء ذلك تُستدرج روسيا إلى الانخراط عسكرياً في شكل أكثر فاعلية في الساحة السورية، على قاعدة تحسين شروطها وموقعها في التفاوض السياسي. وهي تجد نفسها متوغلةً في الشأن الكردي وشؤون المسيحيين والأقليات في شكل عام، ما يجعلها على تماس مع مشكلات المنطقة ويدفعها إلى الانغماس في تناقضاتها اليومية. ولقاء الإمساك بمجمل هذه الأوراق، يظهر السياق التصاعدي للتورط الروسي في ظل عجزها عن ترجمة ثقلها العسكري إلى مكاسب سياسية، وقد كانت أعلنت منتصف آذار (مارس) الماضي انسحابها بعد «تحقيق الأهداف المرسومة»!

هذا الانزلاق التدريجي يدفع روسيا إلى الانخراط بكل تفاصيل الاشتباك الإقليمي الدائر في المنطقة والإطلالة على كل ساحاته أيضاً، بخاصة بعدما تم صدها من الحدود الشرقية لأوروبا بعد قمة حلف الأطلسي الأخيرة في وارسو التي أقرت استراتيجيةً طويلة الأمد لردع الطموحات الروسية واحتوائها. وبعدما بدأت تخسر جولات عسكرية في سورية، فهي لن تتردد في البحث عن أوراق تقوي موقعها في مواجهة القوى الإقليمية التي تتصارع معها هناك، بخاصة إذا كانت إيران مستعدةً لمساعدتها وتمكينها من ذلك.

من هنا يمكن فهم الموقف الملتبس للسياسة الروسية في الخليج حين رفض المندوب الروسي في مجلس الأمن صيغة مشروع البيان الذي يندد بتشكيل المجلس السياسي لتحالف الحوثيين وصالح في اليمن، بعدما كانت موسكو متعايشةً مع القرار الدولي رقم 2216، على رغم إعادة تأكيد مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف على اعترافهم بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، يُضاف إلى ذلك رمزية انطلاق الطائرات الروسية من قواعد في إيران وانتشار فرقاطات روسية قرب خليج عدن بذريعة حماية السفن من عمليات القرصنة. فالخليج يشكل وجهةً منطقيةً للانتشار الروسي، بعدما رسّخ حضوره في المتوسط وعزز علاقاته الاستراتيجية مع مصر.

لا شك في أن عقبات كثيرةً تقف حائلاً أمام حلم بوتين في استعادة أمجاد سوفياتية سالفة، فالشرق الأوسط الذي احتضن الوجود السوفياتي كان يقوم على بنية قومية صلبة وصراع مع إمبريالية الولايات المتحدة وصعود القضية الفلسطينية التي رسخت نزعة العداء لإسرائيل، وكل ذلك شكل الأرضية الثقافية الحاضنة لفكرة التوازن الاستراتيجي مع عالم الغرب المنحاز. لكن روسيا اليوم تقف على شرق أوسط يتآكله مشروع إيران المذهبي وهي تدخل إليه من الجانب الذي يعاكس نزعاته المعاصرة مُنحازة إلى ما تبقى من استبداد ومقتبِسة منه أساليبه العنفية ذاتها. وهذا الشرق الأوسط لا أرضية فيه لوجود توازن مستدام تفرضه روسيا على شعوب المنطقة، الّلهُمّ إلا باستعمال القوة المفرطة.

من جهة أخرى، شهد الشرق الأوسط عبر التاريخ توازناً دقيقاً للغاية بين نفوذ إيران وتمدّد روسيا، بحيث يفرض تراجع الأولى تمدداً للثانية وهكذا دواليك، وأفضل من أدرك هذا التوازن كان الرئيس السوري حافظ الأسد الذي بادر إلى الالتحاق بالمركب الأميركي في تحرير الكويت عام 1991 عندما لاحت بوادر سقوط الاتحاد السوفياتي، وذلك إيماناً منه بأنه سيصبح رهينةً لإيران، إذا لم يوازنها بتجسير علاقاته مع الولايات المتحدة التي مدّدت له إقامته في لبنان وأبقت ورقة حزب الله بيده.

لذلك ربما يستدعي النظر إلى التمدد الروسي من هذه الزاوية وباعتباره يأخذ من درب إيران في المدى البعيد. أما الرسالة من وراء الحضور الروسي في الأجواء وعلى الأراضي الإيرانية فتكمن في التوازن مع الوجود الأميركي في الخليج وتأمين المظلة الفعلية لإيران في المنطقة. روسيا تقول إنها شريكة لإيران من موقع الأُبوّة، وكما حمى خامنئي نظام الأسد فبوتين يحمي نظام خامنئي من أي تحول خارجي أو حتى داخلي، مقابل أن تكون له الكلمة الفصل في القضايا الرئيسية.

عين روسيا على التمدد في الشرق الأوسط لتأمين حضورها الطويل الأمد في سورية، وعين الولايات المتحدة على توريطها في الوحول السورية ورفع كلفة وجودها لإضعاف موقفها على الصعيد الدولي، ومن السذاجة التطلع إلى الأداء الأميركي من غير هذه الزاوية.

اقرأ المزيد
٢٦ أغسطس ٢٠١٦
موقع معارك الحسكة من مستقبل سورية

هل يمكننا اعتبار الأعمال القتالية الأخيرة التي شهدتها مدينة الحسكة بين قوات «حزب العمال الكردستاني»، بغض النظر عن التسميات المحلية، وقوات «الدفاع الوطني» ومعها قوات النظام، بداية تفارق قطعية بين الطرفين المتحالفين منذ بداية الثورة السورية، أم أنها تندرج في إطار ضبط العلاقة بينهما، وترسيم حدودها بما يراعي المتغيرات المحلية والإقليمة وتفاعلاتها الدولية؟

فمنذ انفتاح الأجهزة الأميركية على هذا الحزب أمنياً وعسكرياً، وخوض المعارك المشتركة في الحسكة وكوباني وتل أبيض ومنبج وغيرها، عبر التنسيق بين القوات المقاتلة على الأرض وطيران التحالف الدولي، والأسئلة تُطرح حول مستقبل علاقات هذا الحزب مع أطراف حلفه العتيد: إيران، النظام السوري، روسيا، وذلك بعدما ظهرت قرائن قوية تؤكد وجود حالة تنافس بين الجانبين الروسي والأميركي على استمالة هذا الحزب، واحتوائه، بغية استغلاله في العمليات القتالية في الداخل السوري، وكورقة للضغط على تركيا من مواقع متباينة.

وعلى رغم كل الحديث عن مشروع الحزب المعني الساعي إلى الربط بين كوباني وعفرين لوضع الأساس لإقليم كردي يمتد على طول الحدود السورية الشمالية مع تركيا، فالمعطيات الجغرافية والسكانية تؤكد ما يشبه استحالة هذا، وكذلك إمكانات هذا الحزب وتوجهاته، ناهيك عن حساسية الموضوع البالغة بالنسبة إلى الاستراتيجية التركية.

لكن يبدو أن الأطراف جميعها كانت، وما زالت، تضخّم هذا المشروع المزعوم خدمة لأهداف تخص مشاريع كل طرف.

فتركيا كانت تدرك منذ البداية، أن سورية بما تمثّله من موقع جيوسياسي، تشكل نقطة تقاطع بين اللاعبين الكبيرين الأميركي والروسي، وفي الخلفية الإسرائيلي. لكنها لم تكن قادرة على تجاهل ما يحدث في سورية، لأنها الأكثر تداخلاً وتفاعلاً مع الموضوع السوري الذي ستنعكس تبعاته على داخلها ودورها الإقليمي. فهي بصرف النظر عن علاقاتها الاستراتيجية بإيران، لا يمكنها تجاهل الأخطار الآنية والمستقبلية للهيمنة الإيرانية في العراق وسورية ولبنان، وهي هيمنة تخلط بين المذهبي والسياسي، الأمر الذي تتحسّب له تركيا أيضاً انطلاقاً من حساسية مجتمعها لأسباب مذهبية.

أما إيران، فيبدو أنها سعت الى تطبيع علاقاتها مع «الشيطان الأكبر»، بعدما طورتها مع «الشيطان الأصغر»، وذلك بتفاهمات مسكوت عنها مع إسرائيل، بهدف التمكّن من الاحتفاط بنتائج استثماراتها الكبيرة في سورية تحديداً، والمنطقة عموماً. لكنها كانت تدرك في الوقت ذاته، أن المعادلات الدولية الجديدة في الإقليم لن تسمح لها بالاستفراد، فكان لا بد من الاستقواء بأحد القطبين على الأقل، ومغازلة الآخر.

أما بالنسبة الى روسيا، فكانت أكثر اطلاعاً من غيرها على المشروع الأميركي الذي يقوم على أساس إعادة هيكلة الكيانات السياسية في المنطقة وفق المعطيات الراهنة، وبناء على استشفاف المستقبل. ويبدو أن الروس استنتجوا من خلال الاجتماعات الطويلة التي عقدوها مع المسؤولين الأميركيين، أن الترتيب المقبل سيسمح بتشاركهم معهم، حتى لو في حدوده الدنيا. لكن الأمور في عالم السياسة، بخاصة بين الكبار، لا تبنى على الالتزامات المبدئية، بل على المصالح والحسابات المتحوّلة باستمرار.

ولعل تنافس القطبين على حزب العمال الكردستاني في صيغته السورية يندرج ضمن هذا الإطار.

فهل حان وقت توزيع مناطق النفوذ السورية بين اللاعبين الدوليين والإقليميين، ولو في صورة أولية تمهيدية، هذا مع ملاحظة احتدام المعارك في منطقة حلب والشمال السوري في صورة عامة، وبروز بوادر بإمكان انتقالها إلى الشمال الشرقي؟

وماذا عن الجنوب والوسط؟ هل تقرر مصيرهما في هذه الصورة أو تلك، مثلما تبدو عليه الأمور في سورية المفيدة؟

هل تحوّل الكرد في المنطقة، بخاصة في كردستان العراق ومنطقة الجزيرة، إلى عنصر من عناصر التوازن في المعادلات الإقليمية بالنسبة إلى الاستراتيجية الأميركية؟

وما هو التفسير الذي يمكن أن يقدم حول التفاهم الروسي - التركي - الإيراني في شأن التمسّك بوحدة سورية، والإيحاء التركي، بالتناغم مع التوجهات الروسية والإيرانية، بإمكان القبول ببشار الأسد في المرحلة الانتقالية؟

هذا مع إدارك الجميع أن المطالبة بالحفاظ على وحدة سورية، مع بقاء الأسد، هي مطالبة تناطح المستحيل، وهي عبثية، لكنها ربما كانت قنبلة دخانية تمويهية، تتيح لأصحابها حرية الحركة في اتجاهات ومسارات أخرى، ربما بدأت ملامحها تتضح شيئاً فشيئاً، بخاصة في ظل شبه غياب لدور عربي فاعل.

ويبقى اللاعب الأميركي، وهو الأهم، والأكثر فاعلية والمقرر في نهاية المطاف. لكن يبدو أن الآخرين يحاولون في الوقت المتبقي تحصيل أكبر عدد من النقاط ضمن حدود المتاح، ليتم صرفها عنده دوراً يتطلعون إليه في مجريات المنطقة.

أما بالنسبة إلى العمال الكردستاني في صيغته السورية، فالواضح أن نهجه البراغماتي البحت، واستعداده للتنقّل السريع من جبهة إلى أخرى، والتناغم مع مختلف الألوان المذهبية والأيديولوجية، وإخفاقه في بناء جسور الثقة بينه وبين المجتمع الكردي، وعلاقته الإشكالية بالنظام، وانعكاساتها السلبية على علاقاته العربية والمعارضة السورية عموماً، لن تمكّنه من أداء دور ريادي مستقبلي، يعطيه مكانة اللاعب الإقليمي الفاعل، بل سيظل في موقع الأداة التي يمكن أن تُستخدم في هذه الصورة أو تلك، تبعاً للحاجات الناجمة عن متغيّرات الأوضاع.

اللوحة السورية باتت على غاية التعقيد، والمأساة السورية جسّدتها صورة عمران الذي آثر الصمت، وهو ما أضفى على جلاله الطفولي هيبة تُلزم أصحاب الضمائر التي لم تمت بعد بالتمعّن، واتخاذ الموقف المسؤول أخلاقياً على الأقل.

اقرأ المزيد
٢٦ أغسطس ٢٠١٦
هل يدفع اردوغان ثمن رفعه علم كوردستان و إقراره بها !؟

هجمة حزب العمال الكوردستاني على حزب العدالة و التنمية التركي و مؤسسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غير طبيبعة و بعيدة عن المنطق و الواقع السياسي لحركة نضالية تسعى لحل قضية شعبها ، و توحي بأمور شتى و غايات و أجندات نتطرق لبعض منها .
فحزب العمال الذي يعرف أسس الدولة التركية الكمالية و دور الرئيس أو أي حزب حاكم جيداً ، و الذي طوال عقود ثلاث من حربه على الدولة التركية المحتلة لجزء من كوردستان كان يتهجم علناً على الدولة (الدولة الكمالية العميقة) و ليس على أي حكومة أو حزب بعينه ، غيرمن أسطوانته بعيد سيطرة حزب العدالة و التنمية على الحكم و ازدياد شعبيته كأكثر حزب يقود هذا البلد منذ تأسيس الجمهورية على يد كمال أتاتورك في 1923 ،و بشكل أدق بعد الثورة السورية و تقرب حزب العمال من إيران و النظام السوري اللذان يريان في أردوغان الداعم الأكبر للجماعات الإسلامية السنية الساعية لإسقاط الأسد (العلوي) حليف إيران الشيعية التي ترى من القوى السنية ألد أعدائها .
و رفض الحزب أي مشاركة لجناحه السياسي مع حزب العدالة و التنمية لتشكيل حكومة ائتلافية إثر انتخابات حزيران 2015 البرلمانية و صعّد من حربه إلى داخل المدن الكوردية في شمالي كوردستان لأول مرة في تاريخ ثورته المسلحة منذ 1984 ، بل وصل الأمر بقائد منظومته ك ج ك جميل بايق أن يعلن صراحة أن هدفهم هو إسقاط أردوغان و ليس تحرير كوردستان !؟
و بعودة للوراء قليلاً نجد أن ب ك ك لم يتهجم بهذا الشكل على أجاويد و مسعود يلماز اللذين اعتقلا زعيمه عبدالله أوجلان و لا على تانسو جيلر مؤسسة القروجيين حماة القرى و لا على حزب الحركة القومية التركي الفاشي م ه ب حتى !
و لم يتهجم الحزب و منظومته على الرئيس الأسبق سليمان دميريل الذي كان يقول علناً لن نسمح بدولة كوردية حتى لو كانت في الأرجنتين أو وسط أفريقيا ، كما يتهجم على أردوغان الذي أقر بوجود كوردستان في تركيا و دافع عن كلامه في البرلمان التركي و اعترف بإقليم كوردستان و حكومته و علمه الذي رفع في قصر جانقايا بأنقرة !؟
أردوغان الذي أعاد أهالي 5000 قرية كوردية هجرت بسبب النزاع المسلح و أعاد إعمار قراهم و دعمهم مادياً و معنوياً و اعترف باللغة الكوردية رسمياً و أعاد أسماء كوردية لمدن و قرى تم تتريكها و لم يقم بأي حملة تتريك و تهجير أسوة بمن سبقه من المذكورين !
حزب العمال الكوردستاني الذي تسبب في إفشال أول وقف إطلاق نار و اعتراف تركي به من قبل الرئيس الراحل تورغوت أوزال عام 1993 بإطلاق النار على 33 مجنداً أعزل في ديرسم ، و بعد خمس سنوات ألقى بالتهمة على المنشق عنه القائد الميداني شمدين ساكك الذي ترك الحزب و سلم نفسه للسلطات التركية و حكم مؤبداً ، و بات يمتدح الراحل أوزال بعد اعتقال زعيمه أوجلان علماً أنه كان يرى أوزال ألد أعدائه قبل ذلك !؟
هناك مساعٍ حثيثة لأن يدفع أردوغان و حزبه ثمن تقربهما من الكورد و حقوقهم و اعترافهما بكوردستان العراق دولة مستقلة كما لمح إليه زعيم الحركة القومية قبل ايام دولت باخجلي ، و الاستخبارات التركية (الميت) و الجيش اللذين يسيطر الكماليون الأتراك و كذلك حزب الشعب الجمهوري ينتظران على أحر من الجمر عسكرة المنطقة الكوردية و تهيئة أجواء انقلاب ضد العدالة و التنمية ترافقاً مع الضغط الإيراني الشيعي و حزب العمال الكوردستاني الذي باتت أدبياته و فكره خالية من أي عداء أو إساءة لأتاتورك أو للدولة التركية كما في السابق بل تنازل الحزب عن استقلال كوردستان و يطالب بدمقرطة هذه الدولة و وحدتها تناغماً مع الشعب الجمهوري و الدولة العميقة المسيطرة على جهازي الأمن و الجيش، و تجاهل منظومة ب ك ك لجرائم كمال باشا و عصابته و رفض استذكار الشهداء القادة شيخ سعيد بيران و سيد رضا ديرسمي و مئات آلاف الكورد ضحايا مجازره ، من قبل الحزب باتت محل استفهامات عديدة !؟
أما أمريكا الحليف الأكبر لتركيا فتبدو مرتاحة من عمل إيران و الميت التركي و جر أردوغان إلى مستنقع مرسي مصر الأخواني .
فهل يدفع أردوغان عدو أتاتورك و الشيعة الثمن و تعود تركيا إلى عهد الثمانينات و القضية الكوردية معها !؟
و هل يصبح الكورد حصان طروادة مرة أخرى لصراع سني شيعي و بيادق بيد الآخرين بفضل حزب العمال الكوردستاني و بروباغنداه تحت يافطة أخوة الشعوب و الأمة الديمقراطية !؟

اقرأ المزيد
٢٥ أغسطس ٢٠١٦
... وأخيراً منطقة حظر طيران في سوريا!

في تصعيد جديد في الحرب السورية، هددت وزارة الدفاع الاميركية النظام السوري بأنها ستسقط المقاتلات السورية التي تهدد قواتها الخاصة العاملة في شمال سوريا وحلفاءها من الوحدات الكردية العاملة في اطار التحالف الدولي لمحاربة "داعش".

وجاء التحذير الاميركي بعد حادثين وقعا قرب الحسكة عندما قصفت مقاتلتان سوريتان الخميس أربعة مواقع كردية يعرف أنها تضم قوات أميركية خاصة. ومع أن أحداً لم يصب بأذى، شكل الحادث تحدياً لواشنطن التي حرصت دائماً على أن قواتها المنتشرة في سوريا وقوات المعارضة التي تدربها مكلفة حصراً محاربة "داعش" لا جيش النظام. والحادث الثاني سجل الجمعة عندما عادت مقاتلات النظام الى المنطقة قبل أن تطاردها مقاتلات أميركية وتبعدها.

هذان الحادثان دفعا واشنطن الى توجيه تحذير مباشر وواضح من أنها سترد عسكرياً وبقوة على أي مقاتلة تهدد العمليات المشتركة. وصرّح مسؤول عسكري أميركي لشبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون: "إذا حاول السوريون ذلك مجدداً، سيكونون معرضين لخطر كبير بخسارة مقاتلة".

يرقى مثل هذا التحذير عملياً الى مستوى فرض منطقة حظر طيران فوق مناطق تنشط فيها القوات التي تحارب "داعش". وبعدما قاومت واشنطن الفكرة طويلاً، حاولت الاثنين الماضي التملص من التزام كهذا بقولها إن منطقة يحظر فيها الطيران السوري ليست منطقة حظر للطيران!

منذ أكثر من أربع سنوات يرفض "البنتاغون" ومعه ضباط أميركيون إقامة منطقة حظر طيران لحماية المدنيين السوريين على الأرض من غارات النظام السوري وحلفائه بحجة أنها غير عملية. ولكن عندما هددت هذه الغارات قوات اميركية سارعت واشنطن الى ارسال مقاتلات من تركيا لحمايتها وسيرت دوريات فوق المنطقة فارضة حظراً للطيران يصر "البنتاغون" على أنه ليس منطقة حظر طيران.

لا شك في أن التزام واشنطن إقامة منطقة حظر طيران صار أكثر تعقيداً مع الانخراط العسكري الروسي في الحرب السورية ونظام الدفاع الصاروخي "اس 400" الذي أعلن الروس نشره في سوريا. هذا إضافة الى ان فرض حظر فوق مناطق تنشط فيها القوات الكردية سيثير حفيظة تركيا التي ضغطت طويلاً من أجل إقامة منطقة حظر على حدودها. لكنّ أميركا، التي تركت خطوطها الحمر تنتهك مرة تلو الأخرى ما دام الضحايا من السوريين والخسائر سورية أيضاً، باتت في وضع حرج بعدما بلغ التهديد قواتها التي تحمل تفويضاً واضحاً بالبقاء بعيدة عن خط النار، فهل تتمسك بـ"حظر الطيران" هذه المرة أم تذعن للروس مجدداً وتُدخل الأسد في الاتفاق الروسي - الأميركي للتنسيق في سوريا؟

اقرأ المزيد
٢٥ أغسطس ٢٠١٦
روسيا وإيران… والشرعية في سوريا

في ظلّ القصف الذي تقوم به قاذفات روسية من نوع “توبوليف” تنطلق من قاعدة همدان الإيرانية، يبقى الانتصار الروسي ـ الإيراني في سوريا بعيد المنال. ربّما استفاقت إيران أخيرا إلى أنّ الإعلان الروسي عن استخدام قاعدة في همدان لا يصبّ في مصلحتها، بمقدار ما أنّه يكشف كم هي في حاجة إلى روسيا في معركة الانتصار على سوريا وعلى شعبها.
في كلّ الأحوال، بقيت الطائرات الروسية في همدان أم لم تبق فيها، لا يمكن لروسيا وإيران الانتصار في سوريا. يمكنهما الانتصار على سوريا لا أكثر. يمكنهما السير في الخط الذي يسير فيه النظام وعنوانه “بشّار أو لا أحد”. لا يستطيع الروسي والإيراني تحقيق أكثر من ذلك. يعود ذلك، أوّلا وأخيرا، إلى أنّ الجانبين يعتمدان على نظام غير شرعي مرفوض من شعبه يسعيان إلى تمديد عمره إلى ما لا نهاية. وهذا شيء مستحيل في نهاية المطاف. لا يمكن الاعتماد على النظام الأقلّوي لتحقيق انتصار في سوريا.

ببساطة ليس بعدها بساطة، لا تستطيع روسيا أو إيران الاعتماد على نظام انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة من أجل الحفاظ على مصالحهما في سوريا، علما أن لكل من روسيا وإيران مصالح خاصة بكل منهما. قد يكون هناك حتّى تناقض بين هذه المصالح. روسيا تريد السيطرة على الأراضي السورية كي تمنع أنابيب الغاز الخليجي من المرور فيها وإيجاد قواعد على البحر الأبيض المتوسط، فيما الهمّ الإيراني من نوع آخر. تريد روسيا، من خلال سوريا، تأمين مصالح ذات طابع اقتصادي من جهة، وتأكيد أنّها ما زالت لاعبا دوليا من جهة أخرى.

بالنسبة إلى إيران، لا تزال سوريا الخاضعة لها ممرا إجباريا إلى لبنان وإلى ما تعتبره الإنجاز الأهمّ الذي حقّقته “الجمهورية الإسلامية” منذ قيامها في العام 1979. هذا الإنجاز هو “حزب الله” الذي بات ذراعا إيرانية تعمل في كلّ المنطقة العربية وحتّى في العالم كلّه، وصولا إلى أميركا اللاتينية. ليس “حزب الله” تنظيما يمكن الاستهانة به، خصوصا بعدما تبيّن أن في استطاعته الحلول مكان إيران حيث ترتأي ذلك. يظل اليمن، حيث للحزب دور مهمّ في دعم الميليشيات الحوثية وتدريبها، أفضل دليل على ذلك. أكثر من ذلك، إن لبنان الذي يتخذ منه “حزب الله” قاعدة للعمل لمصلحة إيران، ساقط عسكريا. لبنان صار تحت سيطرة إيران بفضل الميليشيا المذهبية التي تمتلكها في هذا البلد. بقاء لبنان ساقطا عسكريا مرتبط، إلى حد كبير، ببقاء النظام في سوريا نظاما علويا يعتمد أوّل ما يعتمد على حماية من إيران بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أي عبر الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية. هذا النظام السوري سخّر الأراضي السورية ممرا للسلاح الإيراني الذي يستخدم في عملية تدمير لبنان وفرض وصاية عليه.
من هذا المنطلق، تبحث كلّ من روسيا وإيران عن شرعية غير موجودة للنظام السوري. هذا البحث عن مثل هذه الشرعية يختلف بين موسكو وطهران، نظرا إلى خلفية العلاقة السورية – الروسية من جهة، والعـلاقة السـورية ـ الإيـرانية من جهـة أخرى.

تعتمد روسيا في بحثها عن شرعية للنظام السوري على تاريخ علاقتها بالجيش والمؤسسات المرتبطة به، فيما تعتمد إيران على الرابط المذهبي، أي على العلاقة القائمة بينها وبين العلويين في سوريا، أي بينها وبين النظام تحديدا بصفته العلوية، وليس بالضرورة مع الطائفة العلوية. فالطائفة العلوية في سوريا لا تزال، في مجملها، تنظر بحذر إلى العلاقة مع إيران التي فشلت في محاولاتها المستمرّة لتشييع العلويين في منطقة الساحل السوري.

هل يمكن لروسيا إيجاد شرعية لنظام قام أساسا على انقلاب عسكري “بعثي” قاده في العام 1963 ضباط من مشارب مختلفة، بينهم سنّة، فيما ليس أمام إيران سوى تغيير طبيعة المجتمع السوري وطبيعة المدن السورية، من منطلق مذهبي، كي يبقى النظام تحت رحمتها.

ستفشل روسيا مثلما ستفشل إيران، لا لشيء سوى لأنّ المؤسسة العسكرية السورية التي تراهن عليها موسكو انتهت منذ زمن طويل، فيما ستظل إيران عاجزة عن تغيير طبيعة سوريا، مهما اشترت، عبر واجهات لها، من الأراضي ومهما عملت على تهجير سكان أحياء معيّنة من أرضهم، سواء أكان ذلك في دمشق وجوارها أو في حمص وحماة… ومهما جنّست عراقيين ولبنانيين. تفعل ذلك من أجل خلق خلل في التوازن السكاني في مناطق تعتبرها إيران مناطق إستراتيجية بالنسبة إليها.

لا يمكن تجاهل أنّ نسبة 76 في المئة من سكان سوريا هم من أهل السنّة. يرفض هؤلاء أي مصالحة من أيّ نوع مع نظام جعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية وأذلّهم بكل الوسائل المتاحة منذ ما يزيد على أربعة عقود.

استثمر النظام السوري منذ اللحظة الأولى لقيامه في بث الرعب في صفوف المواطنين، وفي البناء على حلف الأقليات بنواته العلوية. تحكّم هذا الحلف بالجيش والأجهزة الأمنية التي كان يتجسس كلّ منها على المواطن العادي وعلى الأجهزة الأخرى. مثل هذا النوع من الأنظمة لا يمكن أن يدوم إلى ما لا نهاية، ولا يمكن الاعتماد عليه لبناء مؤسسات شرعية في دولة تحترم نفسها وتحترم مواطنيها.

أين الشرعية التي يتشدق بها المعلقون الروس، ومعظمهم من الدبلوماسيين المتقاعدين الذين ما زالوا يستخدمون اللغة الخشبية نفسها التي كانت تستخدم أيّام الاتحاد السوفياتي السعيد الذكر. لو كانت هذه اللغة الروسية التي تعتبر بشّار الأسد رئيسا “منتخبا”، لكان الاتحاد السوفياتي ما زال حيّا يرزق!

أيّ شرعية تتحدث عنها إيران غير شرعية نظام اختزل سوريا في طائفة أيّام حافظ الأسد، فيما اختزلها بشّار الأسد في عائلة هيمنت على كلّ مقدرات البلد تحت شعارات فارغة من نوع “الممانعة” و“المقاومة”.

نعم، لا يمكن لروسيا وإيران الانتصار في سوريا بغض النظر عن درجة التنسيق مع إسرائيل، وبغض النظر عن الانكفاء الأميركي. يمكن تفتيت سوريا ولكن لا يمكن تحقيق انتصار في سوريا. يمكن الانتصار على سوريا والوصول إلى مرحلة تقسيم للكيان بغية ضمان المصالح الإيرانية والروسية.

العنصر الجديد الذي طرأ أخيرا هو عنصر قديم. إنه العنصر الكردي الذي لا يمكن تجاهله نظرا إلى أنّه بات رهانا أميركيا، إضافة إلى أنه بات وسيلة لجعل تركيا أقلّ حماسة لدعم الثورة السورية. دخول هذا العنصر على خط الأزمة السورية المستمرّة منذ خمس سنوات ونصف السنة، صار عاملا لخلق المزيد من التعقيدات لا تصب سوى في مسار إطالة الحروب السورية بما يقود إلى تقسيم البلد بعد تفتيته. هل من خيار آخر أمام روسيا وإيران لضمان مصالحهما في هذه الأرض السورية؟

اقرأ المزيد
٢٥ أغسطس ٢٠١٦
استدارة إردوغان في سوريا

إذا كان الدور التركي في سوريا موضع استفهام منذ اندلاع الأزمة قبل أكثر من خمس سنوات، فإنه أصبح اليوم مثيرًا لتساؤلات وشكوك أكبر. فالرئيس التركي رجب طيب إردوغان فاجأ الكثيرين بتحركاته الأخيرة خصوصًا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) الماضي، وهي تحركات اعتبرها كثيرون استدارة في مواقفه المعلنة إزاء النظام السوري، وفي سياساته إزاء حلفاء بشار الأسد في روسيا وإيران.

بوادر هذه الاستدارة ظهرت مع الزيارة التي قام بها إردوغان لمقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت أول رحلة خارجية له بعد إحباط المحاولة الانقلابية، وشكلت ترجمة للاعتذار التركي عن إسقاط الطائرة الحربية الروسية على الحدود السورية أواخر العام الماضي. صحيح أن إردوغان أراد أيضًا بتلك الزيارة توجيه رسالة غاضبة للغرب وعلى وجه الخصوص للولايات المتحدة، على ما اعتبره تلكؤا في إدانة الانقلاب وما تبعه من انتقادات للإجراءات الأمنية والاعتقالات الواسعة التي قامت بها السلطات التركية. لكن هذا لم يكن الدافع الوحيد لمصالحة إردوغان مع روسيا، لأن تركيا وإن كانت غاضبة من الغرب، وتريد الضغط عليه، إلا أنها لا تفكر قطعًا في طلاق معه أو في انقلاب استراتيجي شامل في علاقاتها من الغرب إلى الشرق.

أنقرة تشعر بقلق كبير من التمدد الكردي في شمال سوريا، وهو قلق يفوق أي قلق قد تشعر به من «داعش»، لا سيما أن لديها الكثير من الخيوط والأوراق التي تستطيع بها التأثير واللعب في موضوع «الحرب على الإرهاب» في سوريا، وهي حرب متعددة الوجوه والأهداف والاستراتيجيات أصلاً. لكنها في الموضوع الكردي لا تملك أوراقًا مماثلة للتحكم فيما يحدث، بل ترى تشابكات وتعقيدات كثيرة مع تداخل استراتيجيات وحسابات أطراف إقليمية ودولية أخرى في الموضوع السوري. فحلفاء تركيا الغربيون لا يبدون واثقين في إردوغان، ولا في المكون السني في المعارضة السورية، ويشعرون أن القوة الحقيقية في هذا المكون هي للحركات الدينية المتطرفة. من هنا اتجهت عدة جهات غربية للعمل منذ فترة طويلة مع الأكراد، سرًا في البداية، ثم علنًا لاحقًا لمحاربة «داعش» ودولته الإسلامية المزعومة.

هذا الدعم أزعج الأتراك الذين اعتبروه خطرًا على أمنهم القومي، خصوصًا مع تحركات أكراد سوريا لإعلان فيدرالية في الشمال. وعبرت أنقرة عن انزعاجها علنًا من خلال التصريحات التي ربطت فيها بين حزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه منظمة إرهابية وبين حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وسرًا من خلال دعمها لتنظيمات أخرى في المعارضة السورية والتنسيق معها لوقف تمدد الأكراد في المناطق التي يطرد منها مقاتلو «داعش» في الشمال. كذلك تبنت تركيا الدعوة لإقامة «منطقة آمنة» على الحدود السورية، هدفها المعلن إيواء اللاجئين السوريين وحمايتهم من غارات النظام، وغير المعلن وقف تمدد أكراد سوريا في الشمال وإنشاء منطقة عازلة بينهم وبين حدود تركيا، وحرمان حزب العمال الكردستاني التركي من أي عمق في الداخل السوري.

إردوغان يدرك أيضًا أن تحركاته في الموضوع السوري والكردي تتطلب تفاهمًا مع روسيا وإيران حليفي الأسد الأساسيين، لذلك قام بزيارته إلى بوتين، وتحدث لاحقًا عن تعزيز التعاون والتنسيق مع موسكو وطهران «لاستعادة السلام والاستقرار في المنطقة». كذلك استخدمت حكومته لهجة مختلفة إزاء دمشق، مشيرة إلى قبولها لفكرة ترحيل البت في مستقبل الأسد «إلى وقت لاحق»، بما يعني قبولها بدور له في المرحلة المقبلة بعدما كانت تصر في السابق على رحيله كشرط لنجاح أي تسوية للأزمة السورية.

موسكو وطهران لم تضيعا من جانبهما أي وقت في استثمار المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا لمغازلة إردوغان، إذ كان بوتين من أول المبادرين للاتصال بالرئيس التركي لتهنئته بإحباط الانقلاب، بينما أرسلت طهران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى أنقرة حيث أجرى محادثات وزار مقر البرلمان التركي الذي تعرض للقصف خلال المحاولة الانقلابية مهنئًا الشعب التركي «على تحديه للانقلابيين». في إطار هذا «التحالف» الجديد يمكن أن نقرأ أيضًا سماح إيران لروسيا باستخدام قاعدة همدان لشن غارات في سوريا، وإن قيل إن هذا الاستخدام كان أمرًا مؤقتًا.

استدارة إردوغان في سوريا لا تخلو من تعقيدات، لأن روسيا لديها علاقات جيدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وتردد أنها دعمته بالسلاح. أما إيران فإنها وإن كانت تنظر بعين الريبة إلى تحركات كرد سوريا لإعلان فيدرالية أو حكم ذاتي، إلا أنها تعتبر بقاء الأسد أهم، لذلك تتفهم استراتيجية نظامه إزاء الأكراد وحزب الاتحاد الديمقراطي ونظرته لهم كورقة مهمة في لعبة التوازنات الداخلية وفي معركة البقاء ومنع توحد كل مكونات المعارضة السورية. من هذا المنظور فإن حسابات إردوغان وكثير من الأطراف تبدو معلقة، على الأقل في الوقت الراهن، بما سيحدث في الشمال السوري.

اقرأ المزيد
٢٥ أغسطس ٢٠١٦
المعركة في حلب والصراع في إيران!

من المؤكد أن إيران كانت تفضل سياسة «التقية» ولم تسعد بإعلان روسيا أنها تستعمل قاعدة عسكرية داخلها، فهذا أشعر الإيرانيين بالإحراج؛ إذ لم يكن يجب أن يعرف العالم، فإذا بوزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين تفاجئان إيران، لكن من أجل حماية حليفها الأسد لا وقت أمام إيران لاستعراض عضلاتها على روسيا، فطيران الأخيرة ضروري لحماية النظام في سوريا كما القوات الإيرانية وحلفائها، لذلك فإن الطائرات الروسية ستعود لاستعمال القاعدة الإيرانية إنما بعد إيجاد إخراج أفضل لا يحرج «الثورة المكتفية ذاتيًا»، وبعد تهدئة البرلمان والشارع.

بسبب بشار الأسد، فإن سوريا واقعة بين ناري دولتين؛ واحدة يشدها جنون استرجاع الماضي، وأخرى فاقدة المصداقية. روسيا تشعر أن الوقت مناسب لتحقيق طموحات سابقة، رغم أزمتها المالية والاقتصادية. بعد القاعدة العسكرية في إيران، قال مصدر في وزارة الدفاع الروسية إن حاملة الطائرات (الوحيدة) «الأدميرال كوزنتزوف» تخضع لإصلاحات حتى تكون جاهزة في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل لعمليات طويلة المدى على الساحل السوري. أيضًا دعت موسكو أنقرة لتوفير منفذ لها في قاعدة إنجيرليك، في محاولة لتوسيع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط. القاعدة التابعة للحلف الأطلسي تحتوي على ما لا يقل عن 50 رأسًا نوويًا يحمل كل منها مائة ضعف القدرة التدميرية لقنبلة هيروشيما.

إيغور موروزوف، عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ، قال: «القاعدة الثانية ستكون إنجيرليك، وسيكون هذا انتصارًا آخر لـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». (صحيفة «إيزفستيا» - 20 أغسطس/ آب الحالي). وقال سيناتور آخر، هو فيكتور أوزيروف (لوكالة «نوفوستي»): «قد لا تحتاج روسيا لإنجيرليك، لكن هذا القرار يكشف نيات تركيا في العمل مع روسيا لمكافحة الإرهاب».

وبالنسبة إلى إيران، ففي وقت تحاول فيه كل من روسيا وإيران تقليل الطموحات الإقليمية، إلا أن مراقبين سياسيين يرون في الأفق استراتيجية روسية أبعد. يقول مصدر روسي: «هناك إمكانية لتوسيع الغارات الجوية الروسية بحيث تشمل العراق». سوريا مهمة، لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. روسيا تريد بسط نفوذها على كامل المنطقة، وأن تكون لها قواعد في كل مكان.. تريد دفع الأميركيين خارجًا لتصبح القوة المهيمنة في المنطقة.

يوم الاثنين الماضي أعلن ناطق باسم الخارجية الإيرانية وقف التحرك الروسي من الأراضي الإيرانية، وردًا على سؤال حول عدم إعلان إيران أولاً عن الوجود الروسي، ظهر وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان مرتبكًا، وقال: «الروس مهتمون بإظهار أنهم قوة عظمى، ويريدون ضمان حصة لهم في المستقبل السياسي لسوريا». دهقان نفسه كان قال في مؤتمر صحافي يوم السبت الماضي إن إيران مستعدة لأن توفر قاعدة جوية ثانية لروسيا. ودافع بشكل قاطع عن استخدام الروس قاعدة همدان على أنه يأتي وفقًا للمعايير الدولية في الحروب التقليدية. وأعلن دهقان في محاولة لتهدئة المعارضين الإيرانيين في البرلمان كما في الشارع، أن بلاده تسلمت كامل صفقة صواريخ «إس - 300». لكن وسائل إعلام إيرانية قريبة من «الحرس الثوري» أشارت إلى أن القوات المسلحة الإيرانية «اشترت» من روسيا رشاشات «إيه كيه - 103»، والمعروف أن الأسلحة الصغيرة لا يشملها بالمنع القرار الدولي «2231».

وتمادى دهقان في شرح الإقدام الإيراني، فقال إن بلاده «تقود التحالف الذي انضمت إليه روسيا، والآن من الممكن لتركيا العودة عن سياساتها الخاطئة والعدائية تجاه سوريا والانضمام إلى التحالف».

يقول مصدر روسي: «فوجئت بإعلان وزارة الدفاع الروسية أننا في إيران. اعتدنا على سرية المؤسسة العسكرية الروسية. أعتقد أن الإعلان كان سياسيًا لنثبت للعالم أن روسيا وإيران عسكريًا معًا».

القاعدة الإيرانية مهمة لروسيا، لأن مزيدًا من القصف يعني مزيدًا من الأراضي. وقال مسؤول إيراني إن الترتيب الروسي – الإيراني حدد سوريا، لكنه كان استراتيجيًا، وتحذيرًا للدول التي تدعم الإرهاب والتي تريد الإطاحة بالأسد.

تبعد القواعد الروسية 3 آلاف كيلومتر عن سوريا. في حين أن انطلاق الطائرات من همدان يقلص المسافة إلى 700 كيلومتر، وهذا يعني أن طائرات «توبوليف - 22» تستطيع زيادة حمولتها.. من روسيا تحمل ما بين 5 و8 أطنان من الذخيرة، بينما من إيران تصل الحمولة إلى 22 طنًا. ثم إن طائرات «سوخوي - 34» لا تستطيع أن تصل إلى سوريا من روسيا من دون التزود بالوقود في الجو.

لا يعطي محدثي الغربي أهمية لكل هذه التفاصيل، بل يقول إن التوقيت متصل بالوضع المهترئ للأسد وتقدم الثوار في منطقة حلب، مما تطلب استجابة فورية. وقد يكون التوقيت نابعًا من الخسائر التي تكبدها «الحرس الثوري» والقوات البرية الإيرانية ومقاتلو «حزب الله» في سوريا، ودفع هذا إلى شكوى الإيرانيين من أن التغطية الجوية الروسية غير كافية. لكنه يرى تحسنًا للعلاقات بين روسيا وإيران، خصوصًا في تعاونهما لإنقاذ نظام الأسد. ثم إن ميخائيل بوغدانوف، الممثل الخاص لبوتين في الشرق الأوسط وأفريقيا، التقى أخيرًا محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، وتباحثا حول تعزيز التعاون الإقليمي. كما أعلن عن أن بوتين سيزور طهران في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يتوقع محدثي ألا تطول القطيعة الإيرانية لروسيا. ويقول إن روسيا الآن في خضم مناورة كبيرة في البحر الأبيض المتوسط وبحر قزوين، والإيرانيون يشاركون في جزء من مناورات قزوين.

إن العلاقة بين روسيا وإيران، حتى بعد ضجة همدان التي كشفت عن عمق الخلافات داخل القيادات الإيرانية، لا يمكن ترجمتها بتحالف أو معاهدة، فالدولتان مصالحهما متعارضة وأهدافهما مختلفة والشكوك متبادلة بينهما، حتى عندما يتعلق الأمر بسوريا، والتحسن في العلاقات بينهما لا يعكس أكثر من صفقات مالية.

التعاون الآن تستغله الدولتان لتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة والغرب والخليج العربي بأنهما الأقوى تأثيرًا في المنطقة، وأنهما تلعبان دورًا محوريًا في تشكيل النظام الجديد. أميركا وصفت الخطوة بالمؤسفة إنما غير المستغربة، ومخالفة للقرار الدولي.

خلافًا للتقارير، فهذه ليست المرة الأولى التي تستعمل فيها روسيا قاعدة همدان؛ إذ كشفت الأقمار الصناعية في ديسمبر (كانون الأول) 2015 عن قاذفات روسية في القاعدة ذاتها. وفي الشهرين الماضيين جرت اجتماعات رفيعة المستوى بين إيران ومسؤولين روس، حيث ناقش الجانبان «سوريا»، وزيادة التعاون الثنائي، وشارك علي شمخاني، مسؤول الأمن القومي الإيراني، في الاجتماعات التي جرت بين وزيري الدفاع الروسي والإيراني في طهران في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وكان وزير الدفاع السوري شارك في جزء منها. وأتبع شمخاني ذلك برحلة إلى موسكو، حيث التقى كبار مسؤولي وزارة الدفاع. وكان شمخاني أكد للإعلام الإيراني خبر استعمال الطائرات الروسية للقاعدة الإيرانية، ووصف التعاون الروسي - الإيراني ضد الإرهاب بأنه «عمل استراتيجي»، وأشار إلى أن إيران ستضع كل منشآتها تحت تصرف روسيا «في حربها ضد الإرهاب»، وقال إن «التعاون الموسع سيستمر حتى القضاء الكامل على الإرهاب». بعد إعلان دهقان وقف استعمال روسيا القاعدة الإيرانية، عاد شمخاني ليؤكد أن التعاون مع روسيا استراتيجي وأبعد من الإرهاب.

في هذه الزحمة من التصريحات الإيرانية المتناقضة، اختفى صوت الجنرال قاسم سليماني.

إن التعاون الروسي - الإيراني مستمر، ويعني أيضًا أن الدولتين لن تخففا من دعمهما للأسد، وأنهما على استعداد لتعزيز تعاونهما العسكري بطرق جديدة إذا لزم الأمر. الحرب في سوريا في لحظة حرجة، قوات النظام والقوات والميليشيات الموالية له، وقوات المعارضة، تتصارع من أجل السيطرة على حلب. وقرار إيران السماح علنًا بقوات أجنبية فوق أرضها، دليل على رغبتها في تحقيق مكاسب استراتيجية، وألا تذهب التكلفة المالية العالية لتورطها في الحرب السورية سدى، حيث خسرت أيضًا أكثر من 400 من «الحرس الثوري» وعددًا من الجنرالات.

من جانبها، تريد روسيا ترجيح كفة المعركة لصالح حليفها الأسد. معركة حلب لن تحسم، إنما انفجر الصراع الداخلي في إيران بين علي شمخاني وقاسم سليماني، والذي أشعل النار بينهما هو الرئيس حسن روحاني الشمخاني الميول.

اقرأ المزيد
٢٥ أغسطس ٢٠١٦
أبطال داريا لا تبكوا قلوبنا معكم

لم أدري ما ينبغي فعله حين سمعت نحيبه يتخلل صوته المكسور ، كان علي أن أواسيه لكن كلماتي إختنقت وسط صمت الجميع دولياً، وتصفير الفصائل في على مساحة الأرض السورية، ولم يكن بوسعي إلا أن أقول له لاتبكي فالجميع خذلكم .

لم تصفعني كلمات أكثر من كلماته "وا أماه .. وا ذل داريا"، فماذا عساي أن أفعل لحظة علمت أن داريا ستفرغ من سكانها، وأن التغيير الديمغرافي بكل تبجح لغات العالم سيتم رغماً عن أولئك الأبطال، منذ الآن أيقونة الثورة التي ألهمتنا التفاؤل ستكون ثكلى، ستكون أرملة المحبين، كيف نستطيع ترميم جراح أبطال داريا الذين لطالما ترميمهم لجروحنا؟

 هل كان عليهم أن يستشهدوا جميعهم .. الرجل تلو الآخر كي يتحرك العالم و يوقف الدم المسال على رؤوسهم و أفواههم وأطفالهم، وتتحرك نخوة المتقاعسين عنهم؟

أكمل تمام داريا حديثه "سنبدأ بإخلاء داريا غداً"، وارتطمت بعدها أحلامه بغيبوبة القهر، إرتطمت دموعه بثقل ظله، ارتطمت أوجاعه برقعة داريا التي حولها النظام الى سجن مفتوح قبل أن يخليه، ارتطمت كل آماله بكل شيء إلا بضمائر العالم، إلا بضمائر من يسمون أنفسهم "قادة" في جنوب دمشق، والغوطة الشرقية .

لم نعد نعلم في سوريتي، الوجع من لم الشتات، ولم نعد نميز بين الرياح والصفعات، العالم فسيحول كل مدينة صامدة الى حانوت يمارس النظام السوري عربدته فيها، سيحول داريا من قُبلة الى قِبلة مع حلفائه الإيران، وينحت إجرامه على حجارها الطاهرة، ولكني متيقنة أن لعنة السماء ستحل عليه ذات يوم، بعد أن ترتوي أرض داريا بدموع الأموات قبل الأحياء على مصابها 

 لاتحزن يا تمام، لم تجدوا من يناصركم فنصرتم أنفسكم بأنفسكم، وحان وقت الرحيل، ابتسم للكاميرا واكبح غيظك ولملم تلك السوائل التي تتحرر من عينيك، ربما أن تكون قد تحملت أربعة سنوات من الجوع والقذائف والبراميل، خيرٌ من أن تمثل دور الضحية منذ الشهر الأول وتسلمهم مدينتك 

لا تخجل يا أخي الأصغر، فأنا من علي أن أخجل من الجلوس هنا أكفكف دموع سوريا عن بعد، لا تنكس رأسك وأنت خارج من ديارك، فقد أعطيتنا درساً في الوطنية ودرساً في الحب، ودرساً في الكرامة أنت وكل بطل من أبطال داريا، ومن مات منكم سيدخل الجنة وهو يتباهى بأنه ابن داريا الصمود.

صدقني يا تمام أن دموعكم على جرح داريا أربك كل من يعرف معنى سوريا، وكشفت عورة البغاة في ثورة يتيمة، تشجع يا أخي فأنت مرفوع الرأس منصوب القامة، وها هو النظام السوري من جديد يكشف عن معلم مشروع إيران في أجندة وسخة لن تكتمل، وسنعود أنا وأنت وكل من يعشق أيقونة الثورة لنرتشف قهوة النصر في داريا الشرف  

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢١ مايو ٢٠٢٥
بعد سقوط الطاغية: قوى تتربص لتفكيك سوريا بمطالب متضاربة ودموع الأمهات لم تجف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٠ مايو ٢٠٢٥
هكذا سيُحاسب المجرمون السابقون في سوريا و3 تغييرات فورية يجب أن تقوم بها الإدارة السورية
فضل عبد الغني" مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ مايو ٢٠٢٥
شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٥ مايو ٢٠٢٥
لا عودة إلى الوطن.. كيف أعاقت مصادرة نظام الأسد للممتلكات في درعا عودة اللاجئين
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد