موسكو أم واشنطن، مع من اتفق أردوغان على تنفيذ العملية العسكرية في عفرين السورية؟
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرا، أن تركيا عملت على التنسيق مع روسيا فيما يخص عملية "غصن الزيتون". كما أكد أردوغان أن "أنقرة نسقت مع موسكو في هذا الشأن"، مضيفا أن "القوات التركية لن تتراجع عن تنفيذ هذه العملية العسكرية في عفرين"، فضلا عن "أن هذه العملية العسكرية ستحمي المصالح الوطنية التركية والشعب السوري".
وفقا لوسائل الإعلام التركية، أعلن الرئيس التركي يوم الاثنين الموافق لتاريخ 22 كانون الثاني/ يناير، "أن موقف بلاده حيال هذه المسألة حاسم، كما أن القوات التركية والسياسيين الأتراك لن يعدلوا عن إطلاق هذه العملية العسكرية في عفرين".
وحسب التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي، "ناقش المسؤولون الأتراك عملية "غصن الزيتون" مع الزملاء الروس، وتوصلوا إلى اتفاق بين حكومتي تركيا وروسيا". كما أكد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أنه تم التنسيق مع الكرملين للعملية العسكرية التي شنها الجيش التركي في شمال غرب سوريا. وفي الوقت الحالي، "تجري أنقرة اتصالات دبلوماسية مع موسكو حول هذا الشأن، وليس لدى السلطات الروسية أي اعتراض".
في نهاية سنة 2017، وعدت الحكومة التركية بالتنسيق مع روسيا في عملية عسكرية ضد التشكيلات المسلحة الكردية في سوريا، وفي عفرين تحديدا. ووفقا لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، يعتبر حزب العمال الكردستاني التهديد الرئيسي لأنقرة، مما يعني أن عملية "غصن الزيتون" لا تستهدف النظام السوري.
في هذا الإطار، أكد أردوغان أن أعضاء التحالف الدولي الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن بينهم فرنسا، يعارضون العملية العسكرية التركية "غصن الزيتون". ومن ناحيته، برر أردوغان العملية العسكرية التركية بمحاربة الإرهاب، خاصة وأن أنقرة تعتبر التشكيلات الكردية ووحدات حماية الشعب تنظيمات إرهابية.
وحيال هذا الشأن، أفاد أردوغان بأنه "لا توجد أي ضمانات تؤكد أن المدن الأوروبية أو الأمريكية لن تُضرب غداً بالصواريخ التي استهدفت ريحانلي التركية"، مؤكدا "أن هذه خصوصية الإرهاب"، الذي يتميز بطابعه العالمي. وحسب الرئيس التركي، "لا تهدف العملية العسكرية في عفرين لحماية المصالح الوطنية التركية فحسب، وإنما لضمان السلامة الإقليمية لسوريا وحماية أمن الشعب السوري أيضا".
في 22 كانون الثاني/ يناير، عقد مجلس الأمن الدولي بمبادرة من باريس اجتماعا لمناقشة الأعمال العسكرية لتركيا في الأراضي السورية. ولكن، امتنع مجلس الأمن عن الإدلاء بأي بيانات رسمية، فيما دعا الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، السلطات التركية إلى "ضبط النفس".
في وقت سابق، أعرب وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، ومفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن والسياسة الخارجية، فيديريكا موغريني، فضلا عن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، عن قلقهم من التبعات المترتبة عن عملية "غصن الزيتون".
ومن جهته، دعا البيت الأبيض تركيا لضبط النفس، بعد تنفيذ الجيش التركي عمليته العسكرية في عفرين السورية، محذرا من عواقب هذه العملية، فقد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتقوض الاستقرار في المنطقة. وفقا لما أكدته المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، في مؤتمر صحفي، "إننا ندعو تركيا إلى ضبط النفس فيما يتعلق بالعمليات القتالية، وتحديد المهام والتوقيت في العملية العسكرية، فضلا عن أهمية ضمان استمرار المساعدات الإنسانية، وتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين".
وفقا لوكالة فرانس برس، أكد المتحدث باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، أن موسكو على اتصال مع أنقرة ودمشق حول العملية التركية في سوريا. كما أضاف "إننا نراقب العملية بعناية فائقة"، فضلا عن أن "الممثلين الروس على اتصال مع القيادة السورية والقيادة التركية بخصوص هذه المسألة".
والجدير بالذكر أن المبدأ الأساسي للسلطات الروسية يتمثل في الحفاظ على الوحدة السورية. وقال بيسكوف "مما لا شك فيه نحن نراقب عن كثب الجوانب الإنسانية المرتبطة بما يحدث الآن في عفرين".
في سياق متصل، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأنه تم نقل الشرطة العسكرية الروسية من مركز المصالحة بين الأطراف المتنازعة الواقع في عفرين إلى منطقة تل-رفعت، في سبيل الحفاظ على حياة الجنود الروس وتجنب أي استفزازات محتملة.
ووفقا لوزارة الدفاع الروسية "اتخذت القوات الروسية في سوريا كل التدابير اللازمة لضمان سلامة قواتها المتمركزة في منطقة عفرين، حيث انطلقت العملية العسكرية التركية ضد الأكراد". وفي الواقع، إن تواجد القوات العسكرية الروسية في منطقة تل-رفعت، يساهم في مواصلة مراقبة الوضع في المنطقة والمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى توفير المساعدة الضرورية للاجئين.