ماذا لو بقي الأسد رئيساً لفترة انتقالية .. فهل سيؤثر ذلك في شيء؟
تحاول هذا الفكرة الدخول عنوة و بنعومة في رأسي و رأس الجميع ، كحل مؤقت لوقف سيلان دم الشعب السوري، الذي لم يبقى فيه من الدم الكثير ليسال، و يحاول طارحوه إيجاد مخارج لها و تخريجات لأن تجد لها قبولاً أو رضا أو على الأقل عدم نفور و بالتالي الهروب بالاتجاه المعاكس لها.
و لو تساءلنا بسذاجتهم و وأخذنا الفكرة بشيء من العقل المجرد من كل مشاعر و أحاسيس، و الأهم تغييب الإرث الذي نحمله في كل جوارحنا، وقلنا : ما المشكلة في أن يبقى الأسد لفترة انتقالية و بالتالي سنتخلص منه بيسر و سهولة، و سيكون خلاصنا منه كخلاص المرأة من حمل دام لخمس سنوات تلفظ معها جنين (سوريا الحلم) و كذلك كل ما احتواه رحمها من دم و أمور تؤذي..!؟
منطقية السؤال جيدة و البحث فيها مشجع أكثر و الغوص في تفاصيلها يجعل الأمر شيق و جدير في الدراسة، فلم لا ، و لم لانفعل و لم لا نقدم على ذلك، فهي بالنهاية فترة مؤقتة يتلوها فترة فيها الدوام في الجو الذي خرجنا لأجله .
نعم السوق السابق هادئ و يفهم منه أنه متوافق مع الجميع من دول و منظمات و هيئات، و لكن أين الخطأ فيه حتى يجد هذا الكم من الرفض داخل العقل المجرد مما سبق ذكره .
الانقلاب العسكري الذي أوصل حافظ الأسد للحكم، هو حالة مؤقتة تحولت إلى "الأبد"، قانون الطوارئ الذي أعلن لمواجهة بضع هزات في المجتمع تحولت لحقبة تمتد من أواسط القرن الماضي و إلى الآن لازالت جاثمة.
و لكن الوضع الآن مختلف نعم ، فالمجتمع الدولي يطلب و يتعهد بالتنفيذ.
و لكنه توعد طوال السنوات العجاف الخمس الماضية و لازال و سيبقى دون أن يحرك شيء ، إلا تلك الألعاب التي يرمي بها هنا و هناك ليعمل بشيء مخالف.
و العقل المجرد سرعان ما يستيقظ من ذلك الوهم ليؤكد أن: بقاء الأسد لمرحلة انتقالية يعني أن نسلم سلاحنا له، و نسير تحته لنحارب الارهاب، و كذلك سيكون على المهجرين و المشتتين أن يسلموا خيمهم و ينتقلوا لعراء الأسد بغية محاربة الإرهاب، و على المحاصرين أن ينتفضوا و يحركوا ما تبقى من أجسادهم الهزيلة من الجوع و الحرمان، ليقطعوا بقايا أجسادهم ليقتات الأسد منها و ذلك أيضاً لمحاربة الإرهاب ، و الأهم على الأمهات و الآباء و الأبناء و الأرامل كذلك أن يخفوا شواهد جثامين أحبابهم و يمنحوا دموعهم للأسد ليشرب منها و حتماً لنحارب الإرهاب، و سيخرج المعتقلون هرولة من ظلمات السجون إلى نور الأسد دعماً له في محاربة الإرهاب، بالمختصر نحن سنؤد كل التاريخ بغية تلك "اللحظة التاريخية الانتقالية".
الحقيقة و أن أكتب هذه السطور خطر في بالي سورة "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل" فدفعتني لانتظار "فجعلهم كعصف مأكول"، و و أتبعتها بـ "لإلاف قريش" فلم أجد إلا "آمنهم من خوف"، فليس هناك منطق يحكم الانتقال بشكل متسلسل و إنما التغيير يكون عبر طريق شائك ينتقل بشكل كلي من فيل إلى العصف...