ما الذي ينتظر محافظة درعا بعد الغوطة
في الوقت الذي تعيش فيه الغوطة الشرقية أصعب أيامها منذ بداية الثورة السورية منذ سبع سنوات، تقف حوران ورجالها أمام ما يجري في الغوطة في ظل تخبط بالموقف وضياع للأفق، يساعده تراجع النفس الثوري بين الأهالي نتيجة ما مرت به المنطقة من اتفاقيات خلال الفترة الماضية وما حملته من هدوء.
لا يختلف المتابعين للوضع في الجنوب السوري أن ما ينتظره الجنوب لن يكون مختلف كثيرا عما يجري في الغوطة الشرقية الآن، او ما تعرضت له مدن وبلدات الريف الشرقي في محافظة إدلب منذ أسابيع، مما يضع الفصائل العسكرية الثورية في حوران على وجه الخصوص، وعموما أهالي حوران أمام خيارين لا ثالث لهما وهي أما المراقبة وانتظار المصير المحتوم، وأما التحرك السريع لتدراك الموقف واستغلال انشغال النظام وقواته بمعاركه في الغوطة الشرقية، التي حشد لها قواته وميليشياته من كافة الاراضي السورية، وحتى من درعا.
وهنا يظهر للعيان أن الفصائل العسكرية في حوران لا تزال تملك الفرصة لإعادة خلط الأوراق في المنطقة الجنوبية من خلال استغلالها لنقاط ضعف النظام وانشغاله في جبهات ثانية مما يسمح لها بالتقدم في أحد مفاصل النظام على الاستراد الدولي دمشق درعا، كالسيطرة على مدينة أزرع أو بلدة خربة غزالة، أو حتى العمل للتقدم في عمق النظام باتجاه شمالي المحافظة، والوصول إلى أطراف ريف دمشق من خلال هجمات مباغتة ومنظمة تتمكن الفصائل من خلالها من إعادة أحياء الثورة ودفع عجلتها المتوقفة منذ شهور.
ولكن هل تمتلك الفصائل العسكرية استقلالية القرار لفتح هكذا معارك، هنا يمكننا استحضار ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية من غارات من الطيران التابع للأسد وروسيا بشن عدة غارات على ريف درعا الشرقي في خرق واضح لاتفاق خفض التصعيد، حيث سارعت الولايات المتحدة لعقد اجتماعات مع فصائل الجنوب في العاصمة الأردنية عمان سعت من خلالها لكبح جماح الفصائل ومنعها من تنفيذ أي عمل عسكري ضد قوات الأسد وميليشياته ومنعها من تنفيذ غارات للطيران الحربي على بلدات حوران، حيث أكدت على أن الاسد وروسيا قاموا بخرق غير مقبول لاتفاق خفض التصعيد حيث نقلت عربي 21 نص رسالة امريكية لفصائل الجنوب جاء فيها "وعليه إننا نحثكم على ضبط الأعصاب، والتفكير ملياً في أهلكم من المدنيين، وعدم إعطاء الذرائع للنظام لقصفهم والقضاء على آخر معقل للمعارضة المعتدلة في سوريا"، في اشارة لعملها لمنع أي عمل عسكري ضد قوات الأسد جنوب البلاد.
وأمام ما تمر به الفصائل من مفارقات الانتصار للوضع في الغوطة الشرقية ومنع الجنوب من الوقوع فريسة سهلة في قبضة الأسد وروسيا والاستماع لصوت الشارع من جهة، أو الرضوخ للإملاءات الخارجية والاستماع لطلبات الولايات المتحدة التي لم تتمكن من منع روسيا والأسد من حرق أكثر من 60 مدني في كفربطنا أمس في الغوطة الشرقية دفعة واحدة غالبيتهم من النساء والأطفال، ووقوفها موقف المتفرج أمام تجاوز الأسد لخطوطها الحمراء باستخدامه للسلاح الكيماوي ضد المدنيين العزل الذي لم يكن ذنبهم ألا مطالبتهم بالحرية والكرامة.
في ظل ما سبق تقف المعارضة السورية في الجنوب السوري وعلى رأسها الفصائل العسكرية وقياداتها موقف تاريخي لا يمكن أن يتكرر، لأنه لو تكرر ما كان أمام ألا خيار المواجهة والدفاع عن أنفسهم لأنه سيكون في مناطق وعلى بيوتهم وعلى نسائهم وأطفالهم وأهلهم، ولم تتمكن الفصائل عندها من تبرير مواقفها وخسارة مناطق الثوار ألا بالاستماع للإملاءات الخارجية التي لم تسمن أو تغني من جوع.