فعلها ترامب… ماذا بعد؟
فعلها ترامب… ماذا بعد؟
● مقالات رأي ٩ أبريل ٢٠١٧

فعلها ترامب… ماذا بعد؟

من حق البسطاء أن يفرحوا بالضربة الأمريكية… لكن ماذا بعد؟

ينكر البعض على البسطاء تعبيرهن البريء عن فرحتهم؛ لرجم الصواريخ الأمريكية أحد مطارات “الضرار”، وإخراجها عن الخدمة ليلة ال7 /4 /2017م ،نعم فعلها ترامب، وقصف أحد المطارات الذي كان يوزع الموت والرعب والدمار يوميا على سائر المناطق المحررة بلا انقطاع.
ما إن أعلنت الخارجية الأمريكية بدء تنفيذ الضربات، حتى دخل الكثير من السوريين سكان المناطق المحررة في غمرة الفرح، ومنهم من سكنه ولا يريد لأحد أن يخرجه منه.

لكن البعض اصطدم بواقع لا يمكن تجاهله، ولا بد من التفكير به لبعض الوقت مع استحضار التجارب السابقة.

ما سبب هذا التقلب السريع في السياسة الأمريكية؟، وهي الدولة المنحدرة من سلالة الدول المستعمرة، والتي لا تتصرف بمنطق العاطفة ولا تدفعها الحماسة كما يحدث معنا نحن العرب، ولا تهتم حتى بردود الفعل العالمية أمام تحقيق مصالحها،

أمريكا هي البلد التي حصدت الملايين من المساكين في دولة عربية مجاورة، من أجل تنفيذ مشاريعها، وسلب ثرواتها.

فالأخلاق والإنسانية آخر همها إذا حضرت المصالح القومية، وما التصريحات الإعلامية إلا سلعة تعرض في سوق المجتمع الدولي، بينما يسيطر على سياستها الغموض، وما عليها إلا افتعال الأزمات في الدول ومن ثم توجيهها، و التحكم بها لصالحها.
لكن لماذا تلك الضربات المفاجئة في هذا الوقت؟

هل فشلت أمريكا في إسقاط الأسد سياسياً، وقطعت الأمل برحيله رغم كل الدعوات السابقة؟

لا شك إن لم يستفد العرب من تجاربهم مع الأمريكان في العراق والجزائر والصومال وغيرها، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستفعل، وتعد من أجل ذلك دراسات وأبحاث ضخمة بكوادر علمية وإمكانات مادية، للاستفادة من كل شاردة وواردة في مختبر الشرق الأوسط.

التذبذب والضبابية سمة عامة وأصل السياسة التي تنتهجها أمريكا، وستكون مع مصالحها حيث تكون لا حيث يكون الواجب الإنساني أو الضمير كما يظن البعض.

ستة أعوام من عمر الثورة السورية كفيلة لكي يتعلم أولي الألباب كيفية التعامل مع الذبذبة الأمريكية، وضرورة أخذ أعلى درجات الحذر منها عندما تكون معك وتتظاهر أنك تهمها وتعمل من أجلك.

لم يعجب أمريكا منجزات الديمقراطية في المنطقة؛ التي جلبت “مرسي” لمصر و”حماس” لفلسطين و”أردوغان” لتركيا. فدعمت الانقلابات على الشرعية، وحاصرت من اختارها، وفشلت في تركيا أخيرا.

أيضا لم يعجبها التمدد الأيراني الشيعي في العراق ولا تريده أن يخرج عن السيطرة فدعمتهم في العراق ضد صدام، وتتظاهر بدعم السنة في سوريا ضد الأسد بدعم محدود يضعف الخصوم، ولا يجهز عليهم، وتقتل شبابهم بحروب طائفية لا نهاية لها، أمريكا مضطرة دائما لإيجاد حاضنة تثق بها من العملاء.

وخاصة بعد سيطرتها على آبار النفط والغاز لتضمن إعادة إعمار هادئ، والاستجمام بالثروات بلا منازع، فكان الحل بالتظاهر في دعم الثورة، ولا يحتاج صمود هذا الشعب الأسطوري، إلا لشريك غربي يخطف ثورته وكفاحه ويتوج انتصاره بمسرحية التبني الخبيثة.
ولو أنها أرادت إنهاء النظام، لضربت رأس الأفعى في قصره ولم تتجه إلى الذيل أصلا.

ففعلتها في مطار “الشعيرات” المختلف عليه بين إيران وروسيا، كما سرب عنهم من قبل، وما هذت المسرحية إلا مسألة تصفية حسابات، وتقسيم ما تبقى من الكعكة، ويثبت هذا أيضا انفرادها بالضربة من بين جميع الدول، وهذا يعني أن بوسعها فعل ما تريد خارج مسرح مجلس الأمن.

وإن كانت الضربة قد أفرحت الكثير وانتهى الأمر، إلا أن الأمر الذي لم ينتهي هو ما بعد الحضور الأمريكي الفظ والغليظ بقيادة ترامب.

المصدر: الأيام السورية الكاتب: حليم العربي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ