
سوريا جسر للمتصالحين .. و ساحة للمتعاركين
تحولت سوريا للساحة الأفضل ، لكل العالم لتصفية الحسابات ، تقديم التنازلات ، و كذلك المكان الجيد للقاء و الربط و إعادة العلاقات ، حتى باتت مكاناً يحدد القرب و البعد سياسياً ، براغماتياً ، إيدلوجياً ، إقتصادياً ، ثقافياً ، وحتى تحدد مقدار الإنسانية ، الوحشية ، السلام .
ومن تفرقهم ساحات المعارك المختلفة في العالم ، تجمعهم سوريا ، و كذلك العكس صحيح ، باتت الجسر و ساحة الفصال ، بين الجميع .
مع إعلان وزارتا الدفاع في أمريكا و روسيا ، عودة الوئام للعلاقة بينهما و التأكيد على استمرارية التواصل معاً لأجل التنسيق بين البلدين عسكرياً ، بعد طلاق اوكرانياً ، بغية تحقيق نوع من الضمان لعدم حدوث أي صدام بين القوتين على الأرض السورية ، و طبعاً ليس الصدام المدروس ، و إنما التسمية كانت واضحة "صدام غير المقصود" ، فكلا الطرفين سيعمل على أجندته الخاصة ، و لكن يجتمعان في وحدة الهدف هو عدم ارساء السلام في هذه الرقعة الجغرافية .
تتسارع التصريحات الروسية و التناغم الأمريكي ، و بعض الأصداء الأوربية ، حول أن الحل ، الذي بات بحكم المتفق عليه ، والأمور تسير بإتجاه شاء من شاء أو النهاية لمن أبى ، و المتمثل أن الأسد يبقى بهكلية نظامه و قوام قواته المتعددة الجنسيات ، على رأس الحكم ، و يتم دمج من يرغب من المعارضة سياسية كانت أم عسكرية في هذا القالب القديم المحدث ، وتتوحد الجهود ضد "داعش" التي باتت العدو الأول للجميع .
فاليوم بعد أن تحولت سوريا لساحة للتذخير العالمي و رمي العتاد و المقاتلين ، بات من اللازم على المتحاربين أو ينظموا صفوفهم حتى لا يدخلوا بصدام "غير مقصود" ، تتأخر جهودهم في اقتسام ماتبقى من فتات الكعكة السورية .
و يبدو أن الروس و من خلفهم الإيرانيين ، و كذلك الأمريكان قد أوجدوا القناعة التامة أن الأسد بات مقلم الأظافر و لم يعد قادر على الإيذاء أكثر ، وأن تهديداته تنحصر على المدنيين السوريين ، الذين يقعون في ذيل قائمة إهتماماتهم ، و يجب أن يتم التركيز على "داعش" التي وجدوا فيها الشماعة التي تنقذهم دوماً ، و بالطبع فـ"داعش" العدو ، بعد أن وأدت المظاهرات السلمية و اعتقلت مئات الآلاف و تحولت إلى وحش يقصف كل الرقع في سوريا ، و تستخدم كل الأسلحة و حتى الكيماوي كما حدث في الغوطة ، و كررته في مارع .