
الجولاني بين حديث الحرب و دعوة السلم
لم يظهر وجه الجولاني خلافاً لكل التوقعات ، ولم يعلن نزع ثوب القاعدة وفق ما آلت إليه التحليلات ، و لم يطلق حرباً ضد العلويين أوالمسيحين ، ولم يهدد الغرب وأمريكا بأن يحول سوريا لنقطة انطلاق العمليات اتجاهها ، و لم يعد بأن يحكم سوريا وفق ما يشاء .
أطل الجولاني ، و لنكن دقيقين بأن ما ظهر هو صوته مع كتفه الأيمن و يديه ، بلقاء رتيب في قاعة شامية و لباس شامي ، حديث هادئ لم يحمل المفاجئات التي إستبقت اللقاء .
جدد الجولاني في لقاءه الإرتباط مع القاعدة و إلتزامه بالتعليمات المعطاة له فيما يخص بالحرب في سوريا ، و كرر أكثر من مرة أن الهدف الأسد كشخص و نظام ، و ليس كطائفة ، و أن القتال سيكون موجه نحو من يرفع السلاح .
التطمينات التي يبحث عنها موالي الأسد قد وصلت و منحهم إياها الجولاني ، و حدد شروطها بـ( التوبة و التبرئ) ، ليكون عنوان المرحلة القادمة ليس حربي بكل تفاصيله فهناك طريق آخر يتمثل بالإنصياع السلمي لكل من وقف و يقف مع الأسد مهما كانت أفعاله و جرائمه ولخصها بـ"لو كان قاتل لـ ألف منا" ، هذا العرض الذي قد يكون مستفزاً للكثيرين في هذه الوقت في التحديد ، و لكنه مدروس و بمكانه ووقته ، ليتم إنهاء الحرب بأقل الخسائر و أسرع وقت .
حاول الجولاني الظهور بمظهر الإسلامي المعتدل و تخطي كل السلبيات التي سقطت بها داعش ، و عرض نفسه كشريك جيد و فعال لكل من حوله على اختلاف إنتمائتهم و توجهاتهم و حتى عقائدهم .
قاد الجولاني عملية تسويق عالية المستوى لجبهة النصرة ، بأنها ولدت يتيمة و قويت وحدها ، و مستمرة باعتمادها على ذاتها ، و تسير دون توجيه أو رسم للطريق من أي كان باستثناء الخطوط العريضة التي تم تحديدها من أمير القاعدة أيمن الظواهري المتمثلة بـ"اسقاط نظام الإستبداد و إقامة دولة إسلامية رشيدة ترضي أهل الشام".
الجولاني الشاب الثلاثيني لم يأتي بجديد إلا السعي خلف التهدئة مع الجميع ، ومع كل الأطراف و حتى مع من يواجهون الشعب .
الجولاني انتقد الفصائل ، و عالج النقد بالقبول و متابعة المشوار جنب إلى جنب .
الجولاني حدد الهدف المرحلي الوحيد ، و لم يأتي على ذكر ما بعده ، و كأنه يقول "إذا سقط الأسد" سينتهي كل شيء .