الصورة تم توليدها بالذكاء الاصطناعي تظهر أم أحمد الديرية وهي تتصدى ليتيمة الأسد
الصورة تم توليدها بالذكاء الاصطناعي تظهر أم أحمد الديرية وهي تتصدى ليتيمة الأسد
● أخبار سورية ٢٦ مايو ٢٠٢٥

يتيمة الأسد وأم أحمد الديرية: مشهد يعكس الانقسام السوري وتفاعل المتابعين

انتشر مؤخراً فيديو لواحدة من يتيمات الأسد، تظهر فيه وهي تغضب بشدة عندما سمعت شاباً يسب المجرم بشار الأسد، فتلفظت بألفاظ نابية لا تعكس أخلاق المجتمع السوري، بل تعبر عن ذهنية مراهقة أسيرة ولاء أعمى لنظام دمّر وطنها. هذا المشهد أثار جدلاً واسعاً بين السوريين، حيث وجد البعض في تصرفاتها تعبيراً عن الولاء المتعصب، فيما رأى آخرون في رد فعلها تعبيراً عن مأزق فكري واجتماعي.

سخر بعض المتابعين من طريقة مسك “يتيمة الأسد” للهاتف في الفيديو، مستذكرين كيف كان الموالون والمقربون من النظام المخلوع يتصلون بالمخابرات لمعاقبة من يزعجهم، ما يعكس ثقافة أمنية متجذّرة في المجتمع السوري. وجاء في أحد التعليقات الساخرة: “كانت تريد أن تتصل بأبو حيدر جوية، وفجأة تذكرت أنهم اندعسوا”.

في مقابل هذا السلوك، ظهرت سيدة أخرى تدعى “أم أحمد الديرية”، التي وقفت بحزم وكرامة أمام “يتيمة الأسد”، وأكدت أن من يعبّر عن غضبه تجاه النظام لا يعني بالضرورة أنه عدو للوطن، بل إنه صوت ضمير متعب لم يمت بعد. فشتمتها وشتمت بشار الأسد ووبختها أمام الناس وخلعت الحذاء وضربتها، وقالت: “شواربهم تْسوى لحية يلي خلفوج أنتِ وبشار”. موقف “أم أحمد” نال استحسان الكثير من السوريين الذين تداولوا منشورات مدح وثناء عليها، معتبرين أنها تمثل صوت الحرية والكرامة وسط الفوضى.

عبر المتابعون عن إعجابهم بصلابة “أم أحمد”، وكتب أحدهم: “أم أحمد لتربية الشبيحة والفلول، إذا مو مربّى ببيت أهلك، أم أحمد تربيك”. وعبّرت ناشطة سورية بارزة عن دعمها لها قائلة: “أرشّح الحجة أم أحمد تستلم محافظ السويداء، معاً لدعم الكوادر النسائية للانخراط في السلك، ما يجيبها غير نسوانها”.

أيتام الأسد.. ولاء أعمى في وجه الحقيقة المريرة

رغم كل المعاناة التي يعيشها السوريون تحت وطأة الحرب والدمار، لا يزال جزء منهم، ممن يُطلق عليهم “أيتام الأسد”، يقفون متشبثين بولاء غير مبرر لبشار الأسد. هؤلاء الأيتام، الذين عانوا من الحصار الاقتصادي، والجوع، وفقدان الأمن، لم يروا من نظامهم سوى الفقر والخذلان، ومع ذلك يواصلون الدفاع عنه كأنه القديس الحامي. هذا التمسك الأعمى لم يعد مجرد موقف سياسي، بل تحوّل إلى حالة ذهنية تشبه الإدمان على الظلم، نتيجة الخوف، والارتهان، وتراكمات عقود من التجييش والتلقين.

بشار الأسد لم يكن يوماً قائداً حقيقياً لهؤلاء الناس، بل كان مستغِلاً لهم. استخدمهم كوقود لحروبه، وزجّ بشبابهم في معارك لم تكن إلا صراعاً على السلطة. تركهم لمصيرهم حين اشتد الخناق، ولم يلتفت لتضحياتهم ولا لمعاناتهم. ومع ذلك، لا تزال شريحة منهم تعيش على بقايا رواية النظام القديمة: رواية “القائد المنقذ” و”سوريا الأسد”.

تتعمق أزمة هؤلاء في أنهم نشأوا في بيئة لم تُترك لهم فيها فرصة للتفكير المستقل. المدارس، الإعلام، مؤسسات الدولة، وحتى المؤسسة الدينية، كلها غذّت سردية تقديس الحاكم وربط الوطن بشخصه. ومع الوقت، أصبح الولاء للأسد ليس خياراً بل هوية، ومن يخرج عنها يصبح في نظرهم “خائناً” أو “مندساً”، حتى وإن كان يطالب بلقمة العيش أو بكرامة مهدورة.

المفارقة المؤلمة أن هؤلاء أنفسهم يعيشون تحت ظروف مأساوية: الكهرباء مقطوعة، المياه ملوثة، الغذاء شحيح، والدواء غائب، لكنهم يواصلون تبرير الواقع وتحميل “المؤامرات الخارجية” المسؤولية، في محاولة يائسة لحماية قناعاتهم المهترئة. هذا ما يفسر دفاعهم المستميت عن الأسد، ليس لأنه أنقذهم، بل لأن الاعتراف بخيانته سيكون اعترافاً بأنهم ضحايا خداع عميق، وهذا الاعتراف ثقيل على النفس.

ما يفعله “أيتام الأسد” اليوم هو إعادة إنتاج للعبودية الطوعية. هم ليسوا أيتام رجل، بل أيتام وعي؛ أيتام الحقيقة. هم بحاجة ماسة إلى من ينتشلهم من هذا الظلام الفكري، ويزرع فيهم الشجاعة ليروا الأمور كما هي: أن الأسد لم يكن حاميهم، بل كان من داس على أعمارهم ومستقبلهم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ