
من خليل إلى قزحيا: "التهم المعلبة" سلاح الأسد لقتل السوريين في المعتقلات
في الوقت الذي عمّت فيه مشاعر الفرح أرجاء سوريا بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية رفع بعض العقوبات عن البلاد، يواصل ناشطون ومنصات حقوقية نشر القصص وتوثيق الأدلة التي تدين المجرم بشار الأسد ووالده المقبور حافظ، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري طوال أكثر من خمسين عاماً من القمع والاستبداد.
وفي سياق هذه الجرائم، نشرت صحيفة "زمان الوصل" في 15 أيار/مايو الجاري قصة الشاب خليل منلا موسى، سائق أجرة من مدينة اللاذقية، الذي اختفى عام 2013 في ظروف غامضة. يروي خاله أن خليل خرج بسيارته ولم يعد، فبدأت العائلة رحلة البحث عنه في قسم شرطة اللاذقية دون نتيجة.
لاحقًا، صُدمت العائلة برؤية اسمه في نشرات الأخبار الرسمية كأحد ضحايا تفجير إرهابي، حيث بثّ التلفزيون الرسمي مشاهد لتفجير سيارة، وزُعم أن خليل كان بداخلها. لكن الحقيقة كانت أبشع: خليل اختُطف على يد عناصر مخابرات الأسد، وتم تفجير السيارة لتلفيق التهمة وتبرير الجريمة ضمن رواية "الإرهاب" التي يُتقن النظام فبركتها.
وأضاف خاله أن العائلة توجهت إلى قرية "كلماخو" بحثاً عن أي معلومات، وسألت المختار، لكنه أجابهم باستهزاء: "اذهبوا وابحثوا عنه في النهر، هناك عشرات الجثث لإرهابيين، قد تجدونه بينهم." لم يجرؤ أحد على الذهاب.
قصة خليل، وقصة قزحيا، وآلاف غيرهم، ليست استثناءً بل جزء من نمط متكرر من الإجرام الممنهج. كل ذلك يثبت أن جرائم النظام لا تسقط بالتقادم، وأن الحقيقة، مهما طال الزمن، لا يمكن دفنها.
وتتوالى الشهادات حول المعتقلين الذين تمت تصفيتهم بطرق وحشية داخل أقبية النظام، حيث لجأ النظام إلى تبرير وفاتهم بحجج غير منطقية مثل: "ضيق نفس"، "أزمة قلبية"، "إعدام بتهمة الانتماء للإخوان"، "العمالة"، "الإرهاب"، وغيرها من التهم الجاهزة التي طالما استخدمها لتصفية المعارضين.
بعد تحرر بعض المناطق من قبضة النظام المجرم السابق، بدأت تتكشف الحقيقة المروعة، حيث عُثر على مقابر جماعية ووثائق رسمية تثبت أن آلاف المعتقلين تمّت تصفيتهم داخل المعتقلات بطرق بشعة، تتنوع بين التعذيب حتى الموت أو الإعدام الميداني دون محاكمات.
هذه الحقائق، التي لطالما شكك بها البعض في بدايات الثورة، أصبحت اليوم موثقة ومثبتة بالأسماء والصور. وعند تحرر البلاد من رجس الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، تم الوصول للسجون، إلا أن العديد من الأهالي صُدموا بعدم إيجاد أبنائهم ليتبين أنه تم إعدامهم.
وتعيد هذه الحقائق إلى الأذهان القصة التي أثارت ضجة واسعة، وهي قصة الشاب المسيحي قزحيا، المعتقل قبل 40 عاماً، والذي تم إعدامه تحت التعذيب في معتقلات النظام بتهمة "الانتماء إلى الإخوان المسلمين" – وهي تهمة تفضح عبثية أجهزة النظام، حيث لا يمكن لعاقل أن يصدق أن شاباً مسيحياً يمكن أن يكون عضواً في تنظيم إسلامي سلفي، لكنها كانت تهمة جاهزة تُساق لأي معتقل دون أي اعتبار للواقع أو المنطق أو الدين.