الشعيطات ... جرحٌ لا يندمل:
الشعيطات ... جرحٌ لا يندمل:
● تقارير إنسانية ٣١ أكتوبر ٢٠١٤

الشعيطات ... جرحٌ لا يندمل:

عندما تولد الحياه من رحم الموت , وعندما تزهر براعم الأمل في نفوس انهكها الذل واتعبها الحرمان , عندما تتعلق تلك القلوب المتعبة بثورة ولدت على يد ابنائها وعلقت كل آمالها فيها ، علها تكون المنقذ لها من مستنقع الكبت والخوف والهوان , حينها تبدأ أيادي الغدر والإجرام بإحاكة مؤامراتها حولها , وتأبى إلا أنّ تدنس طهرها وتحولها من ثورة تبحث عن الحرية والسلام إلى ثورة تسعى لترسيخ القتل والظلم , متسترة بذرائع عدة وفي مقدمتها ذريعة الدين وتطبيق الاسلام , ولكن هيهات .. فالإسلام بريئٌ من تلك الأيادي الملطخة بالدماء , فقد تمددت إلى سماء دير الزور لعنة تسمى ‫‏داعش‬ , كان كل همها نشر الرعب والقتل والإجرام ، بعيدة كل البعد عن الإنسانية والرحمة فقد كانت تتلذذ بقطع الرؤوس وصلب الأجساد وتهجير الناس وقتل الأمن والإستقرار في نفوس الأطفال والشيوخ والنساء، فكانت أشبه بكابوس مرعب ما أنّ يذكر اسمها حتى ترتعد الفرائص وترتجف القلوب وترى الخوف والهلع مخيمان ،
جرائمها لاتحصى وظلمها ليس له حد ولا تعرف سوى لغة القتل والتنكيل ومن تجرأ ووقف بوجهها تكون قد حلت عليه جميع لعنات السماوات ,فيجب على الكل أنّ يخضع ويرضخ لها ولحكمها الفاشي..ولكن من تحدى ظلم نظام فاسق ووقف بوجه الطغاه لن يقبل على نفسه الخضوع والخنوع لمن يسعى لتشويه صورة ديننا السامي ، فكان هناك الكثير من العشائر التي وقفت بوجهها وتحدتها وكانت كالشوكة في حلقها، ومن تلك العشائر عشيرة ‫الشعيطات‬ والتي تعتبر من أهم العشائر في المنطقة الشرقية،وتضم بلدات (غرانيج وأبوحمام والكشكية) ولن ننسى الدور الكبير لهذه العشيرة الأبية في محاربة النظام الأسدي وكم التضحيات الكبيرة التي قدمته في سبيل الحصول على الحرية المنشودة , فلقد كان لأبنائها الأشاوس الشرف في تشكيل أوائل الألوية في المنطقة الشرقية وهو ما يعرف بـ لواء ‫جعفر_الطيار‬ ومن منا يستطيع أنّ ينكر البطولات والتضحيات التي قدمها هذا اللواء وهل ننسى تلك الأرواح الطاهرة التي ارتقت طلباً للشهادة والفوز بالجنان من أبناء هذه المنطقة ,وكما نعلم ويعلم الجميع بأنّ داعش مهمتها الأولى والأهم هي ترضيخ وتسيس الناس كما تريد ويريد عقلها وهواها , فقررت السيطرة على هذه العشيرة وإخضاعها لها لما لمستهُ من عزة وكبرياء في نفوس أبنائها , لكنها فوجئت بما لم تتوقع , فقد تصدى أبناء هذه المنطقة لها وحاربوها بكل ما أوتوا من قوة ، وكانوا كالأسود التي لاتهاب الموت.
فكبدوها الكثير من الخسائر التي لم تكن بحسبانها وسطروا أروع الملاحم في الشجاعة والإباء على الرغم من خذلان أغلب العشائر لهم وتخليها عنهم في محنتهم هذه إلا أنهم لم يهنوا ولم يستسلموا وعلموا أنهم أمام أمرين لا ثالث لهما, إما الشهادة أو العزة والكرامة , فأصطفى الله منهم أشبالاً وأسوداً لم ولن يتكرر قدوم مثلهم إلى هذه الدنيا ، وبعد معركة شرسة دامت أكثر من خمسة عشر يوماً بذلوا فيها الغالي والنفيس وقدموا الكثير من التضحيات, كان للحكمة الآلهيه تدابير خفيه لا نعلمها ولا تستطيع عقولنا الصغيرة أنّ تفهمها في الوقت الراهن فأراد الله أن يمتحنهم ويختبر صبرهم وثقتهم به فسقطت هذه العشيرة الأبية تحت سيطرة ما تسمى بـ #داعش , فكانت تلك الأخيرة كالكلب المسعور تضمر الشر وتبيت نية الأنتقام فقد كان جل همها التدمير والقتل والتشريد لا كما تزعم بأنها جائت لنشر تعاليم الإسلام وتطبيق حدود الله فأي دين هذا الذي يحلّ سفك الدماء وتقطيع الأوصال والتمثيل بالجثث وتدمير البيوت وبث الفوضى والهلع بين الناس , والحكم عليهم بأنهم مرتدين وبأن قتلهم حلال , فوضعت خطة منهجية تسعى من خلالها لسحق هذه المنطقة وإلغائها من خارطة دير الزور فعمدت إلى قتل أبنائها وذبحهم.
وزاد عدد الشهداء من أطفال ونساء وشباب وشيوخ إلى مايزيد عن 500 شهيد من تلك الأجساد الطاهرة ,أما الجرحى ممن أصيبوا في هذه المعركة فقد تجاوز أكثر من 400 جريح أغلبهم من الحالات المستعصية والإعاقات الدائمة. ناهيكم عن المفقودين ممن لانعلم لهم أرض ولا سماء وهل هم أحياء أم أصبحوا من عداد الأموات وقد فاقوا 200 مفقود ولم يرتوي عطش داعش في الأنتقام بقتل الأنفس وتشويه الأجساد ونحر الرقاب فقط بل عمدوا إلى تهجير الأهالي من المنطقة قاطبتً كي تحلو لهم السرقة والنهب والتدمير على أكمل الوجوه فقد زاد عدد النازحين عن مئة ألف نسمة غير مكترثين ولا مهتمين بتلك النسوة وأولئك الأطفال والشيوخ الذين هاموا على وجوههم في عتمة الليالي وذل التشرد.
فبربكم أي مذهب وأي عقيدة تلك التي ترضى بأنّ تهان النساء وتكشف أعراضها وتسرق أبتسامة الأطفال وتحرم تلك العيون البريئة من أبسط حقوقها في بيت دافئ ومكان آمن تأوي إليه لن أحاول لفت إنتباهكم إلى أحوالهم ولن أرتجي منكم أنّ تروا أوضاعهم فحالهم وحال جميع المشردين في سورية لا يتطلب عيون ترى ولا آذانٌ تسمع بل يتطلب وجدان يتحرك وضمائر حية تشعر بهم وبألمهم وأي ألم..!!
إنهُ ألم الغربة وذبح الروح عندما تجد نفسك غريباً في أرضك وبين أهلك عندها فقط تتمنى الموت في كل ثانية وكل لحظة تمر بك , عندما نرى أبنائنا وشبابنا وأطفالنا يموتون جوعآ وبرداً وذلاً ومهانتاً وهم يرتجون من هذا وذاك أنّ يعطف عليهم ويتحنّ عليهم ببعض الفتات كي يسدوا به رمقهم وقد افترشوا الأرض سريراً والسماء لحافاً لأجسادهم العارية والمنهكة في حين تلهوا تلك الوحوش البشرية وتستمتع بتدمير المنازل ونسفها وسرقتها ونهبها فلم يسلم منهم حجرٌ ولا شجر دمروا ونهبوا وسرقوا وحولوا تلك القرى الجميلة إلى قرى تستوطنها الأشباح بعد أنّ نشروا الموت في كل شارع وفي كل حي عندها نقف ونحاول لملمة جراحنا وإخماد ذاك البركان المتقد في قلوبنا ونرضى بما قسمهُ الله لنا متيقنيين قانعيين بإن الخير فيما أختاره الله..وأنّ هذا ماهو إلا أختبار من رب العباد فلكم الله يا أخوتي من تلك القرى المنكوبة أصبروا وصابروا ولتعلموا أنّ عهد الظلم زائل وما من أمة قامت على الظلم والقتل إلا وكان الله مهلكها ومهما طال انتظاركم فلا تيأسوا ولا تقطنوا من رحمة ولا تنتظروا فرجآ من أحد بل اعلموا علم اليقين بأن الله معنا ومعكم(فما عند الله خير وأبقى).

المصدر: شبكة شام الكاتب: مراسل شبكة شام : محمد الخليف
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ