الخجل في الصف الدراسي… مشكلة صامتة تحتاج تعاون الأهل والمعلمين
الخجل في الصف الدراسي… مشكلة صامتة تحتاج تعاون الأهل والمعلمين
● تقارير إنسانية ٦ أكتوبر ٢٠٢٥

الخجل في الصف الدراسي… مشكلة صامتة تحتاج تعاون الأهل والمعلمين

في كل صف دراسي، يلاحظ المعلم وجود طلاب يتمتعون بالذكاء والقدرة على الفهم، لكنهم يفضلون الصمت على المشاركة أو طرح الأسئلة. هؤلاء ليسوا أقل قدرة من زملائهم، بل يعانون من الخجل الذي يحول بينهم وبين التفاعل الطبيعي في البيئة الصفية، ما يؤدي إلى تراجع أدائهم الدراسي وتقييد إمكاناتهم.

أسباب نفسية وأسرية
تختلف أسباب الخجل من طالب لآخر، فبعضهم يمتلك طبيعة شخصية خجولة منذ الصغر، بينما يتأثر آخرون بأسلوب التربية داخل الأسرة. فالأهل الذين يعتمدون أسلوب القسوة أو النقد المستمر، أو يكثرون من المقارنات بين أبنائهم والآخرين، يزرعون في الطفل شعوراً بالدونية وفقدان الثقة بالنفس، فينشأ متردداً خائفاً من ارتكاب الأخطاء أمام الآخرين.

تجارب محرجة وتعامل مدرسي غير داعم
وفي حالات أخرى، يكون الخجل ناتجاً عن تجارب محرجة سابقة داخل الصف، مثل تعرّض الطالب للسخرية بعد إجابة خاطئة أو طرح سؤال بسيط، ما يجعله يختار الصمت تجنباً للإحراج. كما أن بعض الطلاب يعانون من مشاكل في النطق أو بطء الكلام أو التأتأة، مما يزيد من قلقهم وخوفهم من التنمر.

ويؤكد مربّون أن البيئة المدرسية تلعب دوراً حاسماً، فحين يكون المعلم قاسياً في ملاحظاته أو يستخدم أسلوب التهكم والانتقاد، يتراجع الطلاب الخجولون أكثر، ويغيب تفاعلهم كلياً عن المشهد الدراسي.

انعكاسات سلبية على الأسرة والمعلم
تنعكس مشكلة الخجل سلباً ليس فقط على الطالب، بل أيضاً على أسرته التي تشعر بالقلق تجاه مستقبله الأكاديمي والاجتماعي، وعلى المعلم الذي يجد صعوبة في تقييم مستواه الحقيقي. كما يحدّ خجل بعض الطلاب من فعالية الحصة الدراسية ويجعل تشجيعهم على المشاركة تحدياً دائماً.

كيف يمكن مساعدة الطالب الخجول؟
يرى خبراء التعليم أن المعلم هو المفتاح الأول لتجاوز هذه العقبة، من خلال خلق بيئة صفية آمنة خالية من السخرية، وتشجيع الطلاب تدريجياً على التحدث والمشاركة. يمكن البدء بتكليف الطالب الخجول بمهام بسيطة، كقراءة فقرة قصيرة أو كتابة ملاحظة على اللوح، مع الحرص على الثناء على كل خطوة إيجابية يقوم بها.

كما يشدد التربويون على أهمية الدور الأسري في دعم الطالب، عبر تعزيز ثقته بنفسه داخل المنزل، وتشجيعه على الحوار والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والجماعية التي تساعده على التفاعل بثقة. وينصح الأخصائيون بتجنّب النقد أو المقارنة مع الآخرين، والتركيز على نقاط القوة الصغيرة التي يحققها الطفل، لأنها تُعدّ قاعدة لبناء تقديره الذاتي.

يبقى الخجل في الصف مشكلة تربوية تحتاج إلى تعاون حقيقي بين الأسرة والمدرسة. فحين يجد الطالب تفهماً وتشجيعاً من معلمه ودعماً من أسرته، يبدأ تدريجياً في تجاوز مخاوفه والانخراط في العملية التعليمية بثقة، ليصبح فاعلاً في صفه ومؤمناً بقدراته مثل أي طالب آخر.

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ