أبرز الإنتهاكات بحق الإعلاميين في سوريا خلال شهر آب ٢٠١٤
لم تتوقف الجرائم المرتكبة بحق الإعلاميين للسنة الرابعة على التوالي، من قبل مختلف الأطراف المسلحة المشاركة في الحرب الدائرة في سوريا، بل إن وتيرة العنف ضدهم تزداد وتتصاعد باستمرار وسط إفلات تام من العقاب ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وباتت سوريا اليوم من أكثر البلدان خطراً بالنسبة للعمل الصحفي، واستحال إلى مهنة محفوفة بالمخاطر والتحديات، نظراً لحجم ونوع الجرائم والانتهاكات المستمرة والممنهجة بحق الصحفيين السوريين والعرب والأجانب على حد سواء، ويحظى النظام السوري بالحصة الأكبر بلا منازع وبفارق شاسع من حيث كمِّ ونوع الانتهاكات المرتكبة بحق الإعلاميين، فهو منذ بداية انطلاق الثورةلم يألُ جهداً في ملاحقتهم واعتقالهم في ظروف غير إنسانية، وتعذيب البعض منهم حتى الموت في المعتقلات وبأبشع الأساليب والطرق، إضافة إلى القتل المباشر والترهيب، ويشاركه تنظيم الدولة الإسلامية، المنهجية ذاتها ويضاف إلى ذلك ارتكاب أبشع الجرائم، فهولم يكتف بملاحقة واعتقال الإعلاميين وتعذيبهم وتكميم الأفواه، بل بات يعمد إلى ذبحهم أمام الكاميرات في مشهد وحشي تتجلى فيه بشاعة الجريمة، في محاولة منه لترهيب خصومه وإخضاعهم، ونذكر هنا نشر التنظيم جريمة ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي، والتي بثها عبر تسجيل نشر على الإنترنت بعنوان رسالة إلى أمريكا والتهديد بقتل الصحفي الأمريكي الآخر ستيفن سوتلوف الذي يحتجزه.
في المقابل لا يمكننا التقليل من حجم انتهاكات قوات الأسايش التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المستمرة منذ عدة أشهر لتتقاسم مع باقي الأطراف المسلحة الأخرى حصة من تلك الجرائم، ذلك بعد أن تعددت انتهاكاتها من خطف وملاحقة وتضييق إضافة إلى النفي، لتصل إلى حد التعذيب حتى الموت في معتقلاتها، الأمر الذي أدى إلى فرار الكثير من الإعلاميين من المناطق التي تسيطر عليها تلك القوات الكردية أو توقفهم عن العمل، وبالتالي تنضم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم إلى غيرها من المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية لاسيما في ريف دير الزور ومدينة الرقة وريفها وبعض البلدات من ريف حلب وحمص، وتدخل بالتالي في حالة من الصمت وتكميم الأفواه وطمس الحقائق وتشويهها وتوجيه الخبر وفقاً لمصالح القوات المسيطرة عليها.
تقول هدى العلي الباحثة المختصة بشؤون الإعلام في الشبكة السورية لحقوق الإنسان:لقد تحول الواقع الإعلامي السوري اليوم إلى بيئة خطرة غير صالحة للعمل الصحفي المهني والمستقل عن أي تبعية عسكرية أو سياسة موجهة، وهذا تسبب في فراغ الساحة الإعلامية، وتفوق قوة السلاح على قوة القلم والكلمة، مما أدى إلى عدم الالتزام بمبادئ وأخلاقيات المهنة الصحفية وتراجع المصداقية والدقة والحيادية في نقل الأحداث، وتشويه الحقائق وطمسها، وصعوبة رصد الحدث الإعلاميون في سوريا اليوم يتحدون آلة القمع والمخاطر الجسيمة دون أية حماية أو جهود جدية للحد من تلك الجرائم والانتهاكات بحقهم، وهم يواجهون تلك التحديات بمفردهم ويدفعون يومياً ثمناً باهظاً مقابل شجاعتهم وإصرارهم على نقل الكلمة والصورة، ويكاد لا يمرُّ يوم دون أن يغادر أحدهم إما مقتولاً أو معتقلاً، مختطفاً أو مفقوداً، منفياً بشكل قسري أو طوعي، أو متخفياً داخل البلاد أو هارباً إلى خارجها خوفاً على حياته، أو طالباً للرزق.
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان على ضرورة التحرك الجاد والسريع لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من العمل الإعلامي في سوريا، وتجدد إدانتها لجميع الانتهاكات بحق حرية العمل الإعلامي ونقل الحقيقة من أي طرف كان، وضرورة احترام حرية العمل الإعلامي والعمل على ضمان سلامة العاملين فيه وإعطائهم رعاية خاصة، مع محاسبة المتورطين في الانتهاكات بحق الصحفيين والناشطين الإعلاميين، وعلى المجتمع الدولي متمثلاً بمجلس الأمن تحمل مسؤولياته في حماية المدنيين في سوريا.