وزير الاتصالات يطلّق جولة ميدانية لتقييم جاهزية البنية التحتية وتعزيز جودة الخدمات
أجرى وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، الدكتور عبد السلام هيكل، جولة ميدانية شملت عدداً من مراكز الشركة السورية للاتصالات، بهدف الاطلاع على جاهزية البنية التحتية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، في إطار جهود الوزارة لتحسين أداء القطاع وتوسيع نطاق الاستجابة التقنية.
وشملت الجولة مراكز حيوية مثل مركز هاتف الثورة ومركز إدارة الشبكة السورية للإنترنت، حيث اطلع الوزير على تجهيزات الربط الدولي والسعات المتاحة، إضافة إلى المنظومات الداعمة لاستمرارية الخدمات. كما تفقد مركز إدارة الشبكات الضوئية، مطلعاً على واقع شبكات الاتصالات التي تربط سوريا بالعالم وباقي المحافظات، فضلاً عن الشبكات الداخلية.
وبالإضافة إلى ذلك، تابع وزير الاتصالات منظومة الاتصالات الصوتية، متفقداً مقسّمات النداء القطري والهاتف المحلي، ومستعرضاً إجراءات التشغيل والمتابعة الفنية، في سياق توجيه الوزارة نحو تعزيز الاعتمادية وتحسين جودة التجهيزات الفنية وضمان استمرارية الخدمة.
تعزيز الأمن السيبراني والتعاون مع المصرف المركزي
وكانت وزارة الاتصالات أعلنت في 14 كانون الأول/ديسمبر أن الوزير هيكل بحث مع حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، آليات تعزيز الأمن السيبراني في القطاع المصرفي ورفع موثوقية الخدمات الرقمية المالية. وشدد الوزير على أن العنصر البشري يمثل الركيزة الأساسية في منظومة الأمن السيبراني، داعياً إلى تكثيف التوعية داخل المصارف حول مخاطر الاختراق وأساليب الحماية.
وأوضحت الوزارة أن الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات تصدر تحذيرات أمنية أسبوعية، وتنفذ حملات توعوية للمواطنين، كما تم توقيع مذكرات تفاهم بين المؤسسة السورية للبريد والمصرفين العقاري والتجاري، بهدف توسيع قنوات الخدمات المالية، مع التركيز على تحسين البنية التحتية لدعم هذه التوجهات.
حوار شامل لوزير الاتصالات عن واقع القطاع وتحدياته
سبق أن قدّم الوزير هيكل أول حوار صحفي له منذ توليه منصبه، كشف فيه الأسباب الحقيقية وراء تراجع جودة الاتصالات في البلاد، موضحاً أن الشبكة الخلوية تعمل فوق طاقتها بسبب ضعف الإنترنت الثابت، مما يؤدي إلى ضغط كبير على الأبراج الخلوية وزيادة الأعطال مع ارتفاع عدد المستخدمين.
وأشار هيكل إلى أن مسؤوليته تتركز على تحسين البنية التحتية وجودة الخدمة، بينما تعود مسائل التسعير والباقات إلى شركات الاتصالات، مؤكداً أن فرض أسعار غير مدروسة يؤدي إلى تدهور الخدمة، وأن الوزارة تُلزم الشركات بتوفير باقات مناسبة لكل شريحة دخل.
التحديات المؤسسية وقضايا شركات الاتصال
وتطرق الوزير إلى وضع شركتي سيريتل وMTN في السوق السورية، مبيناً أن دخول مشغّل ثالث لا يعتمد فقط على حاجة السوق، بل يتطلّب حلاً لقضايا استثمارية وقانونية، مشيراً إلى أن العقبات الراهنة ومنها النزاعات القانونية ووجود العقوبات الأميركية المعلقة تعيق ضخ استثمارات كبيرة في القطاع.
مشاريع استراتيجية لتحديث بنية الاتصالات
أوضح هيكل أن الوزارة تعمل على مشاريع استراتيجية مهمة، من أبرزها:
مشروع “سيلك لينك”: والذي تقدمت له 26 شركة عالمية وانحصرت المنافسة بين خمس منها، ويجري التفاوض النهائي مع الشركة المختارة، تحت إشراف استشارات دولية لضمان الشفافية.
مشروع “برق نت”: يهدف إلى توصيل شبكة الألياف الضوئية إلى المنازل، وقد أُعيد تنفيذ التجربة الأولية في منطقة جديدة تضم 5400 منزل تمهيداً للإطلاق الكامل.
كما بيّن الوزير رفض الاعتماد على الإنترنت الهوائي المرحلي، نظراً لتجارب سابقة أثبتت ضعف جودة الخدمة وتسبّبها في إحداث فوضى تشغيلية، معتبراً أن المشروع يستهدف تأسيس صناعة إنترنت متكاملة ترتكز على مزودي خدمة كبار.
التحول الرقمي والخدمات الحكومية
أشار هيكل إلى أن التحول الرقمي الحكومي يتطلب بنية تحتية صلبة إضافة إلى “بنية طرية” تشمل الهوية الرقمية والتوقيع الإلكتروني ونظام الدخول الموحد، مع تعاون مستمر مع وزارات مثل الداخلية والتنمية الإدارية لإعادة هيكلة السجلات الوطنية، وعلى رأسها السجل المدني.
وأكد أن الوزارة ستطلق مجموعة من الخدمات الحكومية الرقمية خلال الأسابيع المقبلة، رغم التحديات المرتبطة بالإرث الورقي داخل المؤسسات الحكومية.
دعم المواطن وتقليل الفجوة التقنية
كما تحدث الوزير عن ارتفاع الأسعار وشكاوى المواطنين، مفصلاً أن الوزارة لا تملك صلاحية تحديد الأسعار، لكنه يؤكد إلزام الشركات بوجود باقات لكل شريحة دخل، وأن معدّات الهواتف الحديثة ضرورية لتحسين التجربة الرقمية.
وكشف أن أكثر من ثلاثة ملايين هاتف ذكي 4G وما فوق دخلت البلاد، معتبراً أن الهواتف الحديثة شرط أساسي لنجاح التحول الرقمي، وأن الخدمات الرقمية تسهم في تخفيف الاحتكاك بين المواطن والموظف، ما يقلل من الفساد ويرفع الكفاءة.
الكوادر الوطنية واندماج سوريا في الخدمات العالمية
نوه هيكل إلى أن الفجوة في الكفاءات التقنية ليست في العدد بل في الخبرة، داعياً إلى دعم بناء الخبرات القادرة على قيادة المنتجات الرقمية، وأشار إلى أن سوريا تعمل على إعادة دمج نفسها في منظومة الخدمات الرقمية العالمية.
في ختام الحوار، أكد الوزير أنه متمسّك بتحقيق أهداف الوزارة رغم التحديات القانونية والفنية، مشدداً على أن الحلول المؤقتة ليست خياراً، وأن إكمال مشاريع البنية التحتية سيضع سوريا في مصاف الدول ذات الإنترنت الأسرع في المنطقة، في حين يتطلب ذلك وقتاً وصبراً وفهماً لطبيعة العمل البنيوي الجاري تنفيذه.