
همام : لك الشهادة ..و لقاتليك الموت
نستهزئ بأنفسنا عندما نقول أننا اعتدنا الموت و اعتدنا وداع الأحبة ، و اعتدنا طرق القبور ، و أنها باتت من الأمر الشائع ، هذه الكلمات ترمى عندما أول سماع خبر استشهاد أخ لنا ، لنتجرع من جديد مرارة و قسوة الموت من جديد و بشكل أعنف ، مع ضعف و وهن كاهلنا من كثرة المصائب و اتساع قائمة الذين فقدناهم ، القائمة التي ضمت اليوم أحد أبرز مراسلي شبكة شام في سوريا عموماً و في حلب على وجه الخصوص همام نجار "أبويزن الحلبي" .
مع ورود خبر استشهاد همام ، يمر شريط عمله أمامنا سريعاً ليذكرنا بلحظات النصر و القهر ولحظات كسب و خسارة ، لحظات فرح و آخرى دموع ، فوجه الجميل يلاحقنا ، و صوته الآخاذ يأسرنا ، لنغوص بالألم أكثر و أكثر ، و لتكون الدموع مجرد سائل يجري من العيون دون أن يبرد النار المتولدة عن فقد همام.
همام ليس بحاجة لشهادتي أو شهادة أياً كان ، فعمله الدؤوب و المتفن حاضراً و يثبت أن من فقداناه لم يكن هاوٍ أو مجرد مراسل اعتيادي ، فكان محترفاً لعمله ، ومتقناً لدوره ، و مدركاً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه .
اليوم نودع همام بعد أيام طويلة قضاها في المشفى بين الحياة الموت ، ليغلبه الموت هذه المرة ، غلبه بعد عراك طويل في مواجهته في المعارك التي يصطف فيها في المقدمة ، في القصف الذي يلاحقه ليوثقه و ينتشل ضحاياه ، في العراك الفكري الذي يقبل عليه بحنكته .
غلبه الموت و استأثره لنفسه "شهيداً" و حرمنا من رفقته ، غلبه الموت باستخدام دناءة لا وصف لها ، غلبه الموت بأيدي تقول أنها تضرب "الردة" .. و أي ردة بعد ردتهم .
لا مبرر و لا شافع لهم و لا مدافع عنهم ... ولا ناصر لهم في أفعالهم و لا تصرفاتهم .. فيكفي ما فعلوه .. و يكفي ما اقتنصوه .. و ما سفكوه من دماء أناس من طيبهم تعجب أنهم من صنف البشر.
حسبك همام الله و هو حسبنا أيضاً فيما فقدنا ... حسبك العدل فيما ارتكبوا .. و حسبك المنتقم من أفعالهم ..
فلا عذر لهم و لا أعذار .. مهما حاولنا إالتماس الأعذار فلم توف أعذار البشر أفعالهم ... لكم من الله ما تستحقون يا قتلت الأفاضل ...
وداعاً همام .. لك الشهادة و لقاتليك الموت