من الفرح إلى المأساة: ظاهرة إطلاق العيارات النارية تهدد حياة المدنيين
من الفرح إلى المأساة: ظاهرة إطلاق العيارات النارية تهدد حياة المدنيين
● أخبار سورية ١٤ أغسطس ٢٠٢٥

من الفرح إلى المأساة: ظاهرة إطلاق العيارات النارية تهدد حياة المدنيين

في بعض مناطق سوريا، لا تقتصر الأفراح عادةً فقط على أصوات الزغاريد والموسيقى، فباتت ظاهرة إطلاق العيارات النارية تُلقي بظلالها القاتمة على المناسبات السعيدة. هذه العادة، التي أصبحت شائعة خلال سنوات الحرب مع انتشار الأسلحة، تحوّل لحظات البهجة إلى مآسٍ، حيث يُطلق الأهالي الرصاص في الهواء احتفاءً بزواج، خطوبة، نجاح طالب، أو عودة غائب. لكن هذا التعبير "الاحتفالي" يترك وراءه ضحايا وخوفاً يعمّ الجميع.

إصابات ووفيات: الثمن الباهظ للرصاص الطائش
تشير مصادر طبية إلى تكرار وصول حالات إلى أقسام الطوارئ في المشافي السورية جرّاء إصابات الرصاص الطائش. تتراوح هذه الإصابات بين جروح سطحية وخطيرة، وبعضها ينتهي بوفيات مؤلمة. ما يبدأ كاحتفال قد ينتهي بمأتم، مخلفاً جروحاً جسدية وخلافات عائلية تُعمّق الانقسامات الاجتماعية. إذ تحولت هذه العادة من تعبير عن الفرح إلى تهديد مباشر لسلامة المجتمع.

جذور الظاهرة: تقاليد وفوضى أمنية
تعود أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى عوامل متعددة. فمن جهة، تُعتبر إطلاق العيارات النارية تقليداً قديماً في بعض المناطق، يُستخدم للتعبير عن الفرح. ومن جهة أخرى، يُسهم غياب الوعي بمخاطرها، إلى جانب انتشار الأسلحة بعد سنوات النزاع، في تفاقم المشكلة. يرى مراقبون أن البعض يلجأ إلى إطلاق الرصاص لاستعراض القوة أو إثبات النفوذ، في محاولة لجذب الأنظار أو إثارة الرهبة بين الآخرين.

آثار نفسية واجتماعية مدمرة
لا تقتصر تداعيات هذه الظاهرة على الإصابات الجسدية، بل تمتد إلى إحداث اضطرابات نفسية عميقة. يعيش الكثيرون، خاصة الأطفال، في خوف وقلق من حضور المناسبات العامة، خشية التعرض للرصاص الطائش. هذا الواقع يهدد شعور السكان بالأمان في بيئتهم، ويزرع عدم الثقة في المجتمع المحلي.

حلول مقترحة: التوعية والتغيير الثقافي 
يؤكد ناشطون ومطلعون على ضرورة مواجهة هذه الظاهرة عبر حملات توعية مكثفة تُبرز مخاطرها الجسدية والنفسية. يُطالبون بكسر الصورة النمطية التي تربط إطلاق النار بالاحتفال أو الرجولة، وتعزيز ثقافة احترام الحياة. تلعب وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في هذا السياق، من خلال عرض قصص المتضررين، واستضافة خبراء يقدمون حلولاً عملية.

خطوة نحو مجتمع آمن
في الختام، تظل ظاهرة إطلاق العيارات النارية في سوريا تحدياً خطيراً يهدد سلامة المدنيين ويعكس اختلالات اجتماعية وأمنية عميقة. ما يُنظر إليه كوسيلة تعبير قد يُكلف أرواحاً ويُدمر أفراحاً. الحد من هذه الظاهرة يتطلب جهوداً مشتركة بين الأفراد والمجتمع والجهات القانونية، من خلال تعزيز التوعية، وتطبيق قوانين صارمة لضبط انتشار الأسلحة، وبناء ثقافة تحتفي بالحياة بدلاً من العنف. فقط عبر هذا التكامل يمكن تحويل المناسبات السعيدة إلى لحظات فرح حقيقية، خالية من الخوف والخطر.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ