
مع دخولها مرحلة “التنفيذ” .. هل خروج “فتح الشام” من حلب ممكناً .. وهل سيكون سبيلاً لوقف ”الموت”.. !؟
بدأت ملامح خطة مجموعة دعم سوريا المصغرة ، التي اجتمعت في مدينة لوزان السويسرية يوم الجمعة الفائت، بالظهور بشكل كامل ، والتي تتمثل بإخراج جبهة فتح الشام من مدينة حلب يتلوها اتفاق يُعقد لتطبيق وقف إطلاق نار شبه دائم في المدينة التي عانت إبادة كاملة منذ ١٩ أيلول، ودخلت الخطة مرحلة رسم خطوط التنفيذ خلال الاجتماع المتوقع يوم الغد بين المنفذين الفعلين بعد أن أنهى الساسة المهمة بالوصول إلى توافق.
روسيا استبقت اجتماع الخبراء من كل من روسيا و أمريكا و السعودية و قطر و تركيا ، بالاعلان عن وقف اطلاق النار في حلب اعتباراً من الساعة العاشرة من صباح اليوم، كـ”بادرة حسن نية” كما وصفها الكرملين، و لكن وزير الخارجية سيرغي لافروف حدد الهدف من هذه “البادرة” هو تمهيد لفصل “المجموعات الارهابية” عن الفصائل المعتدلة ، و كل ذلك ضمن خطة المبعوث الأممي إلى سوريا استيفان دي مستورا ، القاضية بإخراج جبهة “فتح الشام” من حلب،إذ من غير المعقول معاقبة مدينة بأكملها فيها نحو 300 ألف مدني وتهدم فوق رؤوس ساكنيها بحجة وجود ٩٠٠ مقاتل من جبهة “فتح الشام”، وفق دي مستورا في آخر إعلان له ، و إن كان عاد و عدّل الرقم لأقل من ذلك خلال جلسة مغلقة في مجلس الأمن ، الأمر الذي حظي باستياء المندوب البريطاني بسبب تضخيمه للأرقام.
الأرقام المذبذبة حول عدد مقاتلي “فتح الشام” داخل الأحياء المحررة في مدينة حلب، أثارت حفيظة أيمن محمد ، رئيس تحرير شبكة “بلدي نيوز” ، الذي عبر عن اعتقاده بأن وجود جبهة “فتح الشام” في حلب أمر مبالغ فيه، فوكالة “رويترز” قالت (يوم الجمعة) أن عدد المقاتلين داخل أحياء حلب يبلغ 100 مقاتل في حين أن روسيا والنظام ومعهما دي مستورا يقولون أن عدد المقاتلين يتجاوز الـ900 مقاتل.
خطة دي مستورا التي اعتبرها الصحفي في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام و الباحث يحيى الحاج نعسان ، أنها معاكسة و لاتناسب وضع حلب ، إذ ووفقاً لـ”الحاج نعسان” ، في حديثه مع شبكة “شام” الإخبارية ، أنه إذا كان المبعوث الدولي ومن ورائه الدول الكبرى وفي مقدمتها أميركا وروسيا جادين في حماية المدنيين وتجنيب حلب وأهلها الدمار والقتل، فالأولى بهم وقف القصف وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين أولا ثم يأتي الحديث عن الأمور الأخرى وليس العكس .
الخطاب الروسي - بتعجيل الهدنة يومين بعد أن أعلن أنها ستكون يوم الخميس (في الأمس) عاد و أعلن أنها ستبدأ اليوم- تميز بلكنة المنتصر فقد قال وزير الدفاع اعند الاعلان : "نتوجه إلى الدول ذات التأثير على التشكيلات المسلحة في الجزء الشرقي من حلب لإقناع قادتها بوقف القتال ومغادرة المدينة”، و قد آثر ذكر “التشكيلات المسلحة” بدلاً عن “فتح الشام” كما ذكر لافروف أو “التنظيمات الإرهابية” كما يحب أن يتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بويتن، و لعل في هذا الاختلاف بالمصطلحات هو لترك الباب مفتوح على كل الخيارات.
و رأى الزميل“يحيى الحاج نعسان”في اختيار هذا التوقيت أنّه يأتي في سياق تبرير فشل الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي في الضغط على روسيا وحلفائها بوقف حملتهم العسكرية المستمرة على حلب .
في حين شكك الزميل الآخر “أيمن محمد”، في فائدة خروج “فتح الشام” من حلب من جهة وقف القصف أو القتل، فروسيا (و الكلام لـ”أيمن”) تنظر إلى كافة الفصائل الموجودة في حلب على أنها "إرهابية" وتسعى إلى ضم "حركة أحرار الشام" إلى قائمة المنظمات الإرهابية، مستطرداً بالقول إذاً خروج "فتح الشام" لن يغير في المعادلة شيئاً ما دامت روسيا والنظام وإيران ينظرون إلى كل من يحمل السلاح لإسقاط النظام على أنه "إرهابي”، مشدداً على أن جبهة “فتح الشام” لن تخرج من حلب، ولن تلتزم روسيا ولا نظام الأسد ولا ميليشيات إيران بوقف القصف سواء ببقاء فتح الشام أو خروجها.
الوضع في حلب تختلط فيه نوعين من الصراعات أحدهما “ميداني” معقد مع وجود عشرات المليشيات الشيعية المدعومة من إيران و من روسيا جواً و لوجستياً من بقايا قوات الأسد و مليشياته، و الآخر سياسي لأهمية هذه المدينة في مسيرة الحرب الدائرة في سوريا ، و إن كانت الضربات التي تعرضت لها المدينة منذ انهيار الاتفاق الأمريكي الروسي في ١٩ أيلول ، والذي لم يصمد سوى سبعة أيام، أجبرت ما يسمى بـ”مجموعة أصدقاء سوريا” علي الجلوس إلى جانب حلفاء الأسد في لوزان ، و الخروج بتفاهم يمنع سقوط المدينة بيد روسيا و حلفائها ، هذا التخوف الذي بدا واضحاً من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم أمس عند ما قال “أن سقوط حلب لا يعني نهاية الحرب”.
و لكن لـ”أيمن محمد” رأي آخر ، و المتمثل بأن معركة حلب الكبرى على الأبواب، والتي ستغير المعادلة على الأرض كون أن النظام ومن ورائه روسيا وإيران لا يفهون سوى لغة القوة والقوة فقط، وبالتالي ما هذا الشرط الروسي إلا لوضع العصي في العجلات بغية التمترس والتجهيز عسكريا لاحتلال كامل أحياء حلب المحررة وهذا ما أعلن عنه بشار الأسد في لقاءه الأخير مع وكالة أسوشيتد برس.