مع تأكيد إلغاء عقد الاستثمار .. مصدر روسي يكشف حصة "شركة قاطرجي" في مرفأ طرطوس
كشف مصدر دبلوماسي روسي، عن أن شركة الروسية "ستروي ترانس غاز" التي تتولى الإشراف على تشغيل ميناء طرطوس، هي شركة "خاصة وليست حكومية"، موضحاً أن أصولها مقسمة بالتساوي بين شركاء روس وسوريين، بذلك، يمتلك الجانب الروسي 50 في المائة من أسهمها بينما تمتلك الـ50 في المائة الأخرى واحدة من شركات "مجموعة القاطرجي" السورية المقربة من النظام السابق.
الكرملين يعلق دون تأكيد
قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن روسيا الاتحادية تواصل الحوار مع القيادة السورية في دمشق حول كافة المسائل الهامة، وأضاف ممثل الكرملين: "نستمر في اتصالاتنا مع القيادة السورية بشأن كافة القضايا الملحة والآنية".
وفي تعليقه على إلغاء الاستثمار الخاص بمرفأ طرطوس، المبرمة مع شركة روسية في عام 2019، دعا بيسكوف إلى توجيه الأسئلة بهذا الشأن إلى وزارتي الدفاع والخارجية.
أسهم لـ "شركة قاطرجي" في مرفأ طرطوس
وأوضح المصدر الروسي لصحفية "الشرق الأوسط"، أن "الإجراء الذي اتخذته القيادة السورية المؤقتة حتمي، وهو سوف ينسحب على كل المشاريع في سوريا التي تم إبرام عقود بشأنها تحت غطاء أنها مشاريع بين الحكومتين السورية (السابقة) والروسية، لكن في الحقيقة تم ترتيبها عن طريق شركات خاصة ورؤوس أموال لمقربين من عائلة الأسد".
ولفت إلى أن الشركة الروسية التي أبرمت اتفاقية مرفأ طرطوس استندت إلى ملكية نصف أسهمها لـ "مجموعة القاطرجي"، وكان يديرها رجل الأعمال محمد براء القاطرجي الذي اغتالته إسرائيل في غارة على موقع قرب الحدود اللبنانية العام الماضي.
ووفقاً للمصدر، فإن القاطرجي كان يدير شركات عدة لصالح بشار الأسد، و"قام الأخير بتقديم تزكية مباشرة للشركة في مجلس الشعب السوري الذي أقرَّ بناءً على هذه التزكية عقد استثمار ميناء طرطوس".
وأكد المصدر أن فسخ الاتفاق الحالي يعدّ تعاملاً منطقياً تجاه شركات خاصة لم تقم بتنفيذ التزاماتها وارتبطت بفساد النظام السابق، ولا يحمل انعكاسات على العلاقات الروسية السورية.
وأضاف أن "روسيا ليس ليس لديها أي مخاوف على مستقبل الاتفاقيات والمشاريع الروسية - السورية المشتركة في سوريا، وغالبية هذه المشاريع في السنوات الأخيرة مشاريع خاصة، والسوريون هم من يجب أن يقرروا مصيرها، لكن واضح أن الكثير من الشركات التي أنشئت لاغتناء رجال الأعمال المقربين أو الشركاء المسيطرين على النظام السابق نشاطها سينتهي، أو سيتم تحويل فوائدها لخدمة المصلحة العامة".
وأكد أن "الكثير من هذه القضايا ستتم مناقشتها بالتأكيد بين الجانبين الروسي والسوري، فوراً، بعد استقرار الوضع والانتقال من الوضع المؤقت إلى الوضع الأكثر استقراراً حسب ما تقرره القيادة الجديدة في سوريا".
ورأى أنه من السابق لأوانه بناء التقديرات كيف سيكون وضع التعاون وشكله في جميع المجالات، لكن "روسيا تؤكد دائماً حرصها على استمرار العلاقات التاريخية بين روسيا وسوريا وتطويرها، والآن في هذه المرحلة المؤقتة لدينا قنوات الاتصال المستمرة حسب متطلبات الوضع الحالي، خصوصاً دبلوماسياً وعسكرياً وأمنياً"، وفق قوله.
وأعرب عن ثقة بأنه "سيتم قريباً البدء في الاتصالات الرسمية وتبادل زيارات الوفود الرسمية الحكومية على المستويات والمجالات كافة، بحسب التقديرات الأولية سيتم ذلك خلال شهرين".
وأشار المصدر إلى أنه "نتيجة بعض القضايا الملحة في العلاقات الروسية - السورية هناك احتمال كبير أن يقوم وفد روسي رفيع المستوى بزيارة دمشق قريباً، وهذه القضية اليوم على طاولة اتخاذ القرار حول الموعد والترتيبات اللازمة".
تأكيد روسي على إلغاء عقود مرفأ طرطوس
في السياق، أكد "أليكسي تشيبا" النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (النواب)، الروسي، إلغاء السلطة الانتقالية في سوريا، اتفاقية الاستثمار مع روسيا في مرفأ طرطوس؛ لافتاً أنه أصبح من الصعب على الشركة الروسية الوفاء بالتزاماتها، مؤكداً أن "هذا الأمر لا علاقة له بأي حال من الأحوال بالقواعد العسكرية الروسية في سوريا".
وأوضح النائب أن انهيار الاتفاق يعود إلى أن روسيا "في وقت ما تحملت مسؤولية الصيانة والصيانة المدنية في الميناء؛ لأننا قدمنا المساعدة، والآن انخفض حضورنا هناك بشكل حاد، ومن الواضح أنه أصبح من الصعب علينا الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها، ولذلك؛ لا ينبغي ربط هذه المعلومات بقواعدنا العسكرية، فهذا أمر مختلف بعض الشيء".
عقد استثمار مرافأ طرطوس
يعود عقد الاستثمار المثير للجدل إلى 19 يناير 2019، حين تم توقيعه بين المديرية العامة للموانئ السورية، ممثلة بالمدير العام أكرم فياض إبراهيم، وبين شركة STG-ENGINEERING الروسية، حيث ينص العقد على استثمار مرفأ طرطوس التجاري لمدة 49 عاماً، وجاء هذا الاتفاق في وقت كانت فيه روسيا تلعب دورًا بارزًا في دعم نظام الأسد في حربه ضد السوريين.
بنود العقد
العقد الموقّع بين الطرفين كان يضمن استمرار السيطرة الروسية على المرفأ التجاري في طرطوس لمدة طويلة تصل إلى 49 سنة، وتضمن بنودًا متعددة تتعلق بتقاسم الأرباح، حيث كانت حصة الجانب الروسي تصل إلى 65% من إجمالي الأرباح، وهو ما جعل العقد مشبوهًا في نظر العديد من المحللين.
كما تضمنت شروط العقد تشكيل مجلس مدراء يتكون من خمسة أعضاء، منهم ثلاثة ممثلين عن الشركة الروسية، وهو ما يعني أن الجانب السوري كان له دور أقل في اتخاذ القرارات الرئيسية المتعلقة بالمرفأ. ووفقًا لبنود العقد، كان من المقرر أن تقوم الشركة الروسية بتمويل استثماراتها من أموالها الخاصة أو عن طريق الأموال المقترضة بمبلغ تقديري قدره "500 مليون دولار أمريكي".
النقد القانوني والدستوري
العقد في جوهره يتناقض مع بنود دستور سوريا التي تنص على أن الثروات الطبيعية والمرافق العامة هي ملكية عامة، وتؤكد على أنه لا يجوز التنازل عن السيطرة عليها لشركات أجنبية، وقد اعتبر العديد من الخبراء أن العقد يعد بمثابة انتهاك لحقوق الشعب السوري، وأنه جاء كخدمة لتلبية مصالح شخصية للنظام السوري من خلال التنازل عن جزء من سيادة الدولة.
ويرى البعض أن هذا الاتفاق شكل "جريمة الخيانة العظمى" نظرًا للتنازل عن جزء حيوي من البنية التحتية السورية لصالح دولة أجنبية مقابل مصالح ضيقة. وكان من الواضح أن العقد يثير تساؤلات قانونية ودستورية بشأن ما إذا كان يمكن استمراره بعد التغييرات السياسية الأخيرة في سوريا.
"الشيباني": الحكومة تخطط لخصخصة القطاعات الحكومية
قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن السلطات الجديدة في سوريا تعتزم اتخاذ خطوات جذرية لتحسين الاقتصاد المحلي، ومنها "خصخصة الموانئ والمصانع الحكومية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي".
وأكد الشيباني أن النظام السابق تحت رئاسة بشار الأسد كان يركز على "القمع"، بينما تسعى الإدارة الحالية إلى "بناء اقتصاد مزدهر"، مضيفًا: "رؤيتنا تركز على التنمية الاقتصادية، ونحن بحاجة إلى قوانين واضحة ورسائل طمأنة للمستثمرين الأجانب والسوريين".
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة الجديدة تعمل على تقييم الأضرار التي خلفها النظام السابق، بما في ذلك "دين خارجي يبلغ 30 مليار دولار لصالح روسيا وإيران"، بالإضافة إلى "غياب الاحتياطات الأجنبية" و"التدهور الكبير في قطاعات الزراعة والصناعة بسبب الفساد".
في هذه الأثناء، ظهرت معلومات تفيد بأن السلطات السورية سمحت بدخول ميناء طرطوس، لسفن شحن روسية كانت في البحر منذ أسابيع عدة تنتظر فتح الميناء، وقد دخلت سفينة النقل البحري «سبارتا 2» بالفعل إلى الميناء، بينما تنتظر السفينة الثانية دورها في البحر، ويبدو أن هذا الدخول سوف يسرع عمليات تحميل المعدات العسكرية التي بدأت روسيا نقلها من قاعدة طرطوس.
عقوبات أميركية جديدة تستهدف القاطرجي لدعمها إيران والحوثيين
في نوفمبر ٢٠٢٤، أعلنت الولايات المتحدة، فرض عقوبات على 26 فردًا وشركة وسفينة مرتبطة بشركة “القاطرجي” السورية، والتي تُعتبر تكتلًا مسؤولًا عن تحقيق إيرادات بمئات الملايين من الدولارات لإيران وجماعة الحوثي اليمنية، وكانت شركة القاطرجي قد خضعت لعقوبات سابقة بسبب دورها في تسهيل تجارة الوقود بين النظام السوري وتنظيم الدولة (داعش).
وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن هذه العقوبات تأتي نتيجة دور الشركة في ضخ إيرادات مالية هائلة لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن العمليات الخارجية، وجماعة الحوثي، عبر بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين.
وبيّن بيان وزارة الخزانة أن الشركة أصبحت قناة رئيسية يجني من خلالها الحرس الثوري الإيراني الإيرادات، ويموّل من خلالها وكلاءه الإقليميين، كما أوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أنه يعمل على توسيع استهداف شبكة القاطرجي وأسطول سفنها لمنع فيلق القدس من الاستفادة من هذه العلاقة المالية.