مدارس العودة: مبادرات محلية لإحياء التعليم في ريفي إدلب وحماة بعد سقوط الأسد
مدارس العودة: مبادرات محلية لإحياء التعليم في ريفي إدلب وحماة بعد سقوط الأسد
● أخبار سورية ٢ مايو ٢٠٢٥

مدارس العودة: مبادرات محلية لإحياء التعليم في ريفي إدلب وحماة بعد سقوط الأسد

تسبب نظام الأسد في تدمير واسع للمدارس، خاصة في القرى والمدن التي عُرفت بمعارضتها له، حيث استُهدفت بالقصف، وتعرضت بعد نزوح سكانها لعمليات "تعفيش" من قبل قواته، كما تم تحويل عدد منها إلى مقرات عسكرية، قبل أن يُقدم على تدميرها قبيل انسحابه منها. وعندما عاد الأهالي من بلاد النزوح، تفاجأوا بالحال المتردي الذي آلت إليه تلك المدارس، والتي باتت خارجة عن الخدمة، وغير صالحة لمتابعة العملية التعليمية.

الخوف من العودة بسبب غياب التعليم
هذا الواقع دفع كثيراً من الأهالي، الذين طال غيابهم عن قراهم لسنوات، إلى التردد في العودة، لا سيما أولئك الذين لديهم أطفال في سن الدراسة، خوفًا من أن تُعيق العودة مستقبل أبنائهم التعليمي. لكن في المقابل، برزت مبادرات مجتمعية لأشخاص تكاتفوا معاً، وسعوا إلى إيجاد حلول واقعية للعقبات التي تعترض عودتهم، كان في مقدمتها إعادة تأهيل المدارس، خاصة في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي.

التعليم أولاً: أولوية لا تقل عن إعادة الإعمار
ويؤمن معظم النازحين السوريين بأن إعادة الإعمار تبدأ من مقاعد الدراسة، وأن التعليم لا يقل أهمية عن إزالة آثار الحرب أو إعادة بناء المنازل والبنى التحتية، بل هو أساس الاستقرار وأول شروط استعادة الحياة الطبيعية. لذلك، جاء الاهتمام بإصلاح المدارس في طليعة أولويات العائدين، الذين ربطوا بين استقرار العملية التعليمية واستقرارهم الاجتماعي والاقتصادي.

مبادرات شبابية: جهود تطوعية تنهض بالتعليم
في هذا الإطار، أطلق شبان من أبناء القرى مبادرات تطوعية بجهود محلية، حيث جُمعت التبرعات الفردية، وخصص جزء منها لإعادة تأهيل المدارس المتضررة. وشارك في هذه الجهود مدنيون، من بينهم معلمون سابقون ومتطوعون من الشباب، عملوا على إزالة الركام وتنظيف المباني وترميم ما يمكن ترميمه باستخدام أدوات بسيطة وإمكانيات شخصية محدودة.

جهود محلية تثمر: من الركام إلى مقاعد الدراسة
وتفاوت حجم الدمار من مدرسة إلى أخرى، بحسب ما شهدته المنطقة من معارك وقصف، فبعض المدارس كانت بحالة مقبولة، وتم تنظيفها فور وصول الأهالي، بينما سعى السكان إلى تأمين المقاعد واللوازم الأساسية بجهودهم الخاصة، كما حدث في مدرسة سفوهن وغيرها من المدارس التي عادت للعمل بفضل المبادرات المحلية.

دور المؤسسات بعد سقوط النظام
ويُذكر أن أعمال إعادة التأهيل بدأت فعليًا بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، إذ بدأ النازحون في تجهيز أنفسهم للعودة إلى مناطقهم. وفي ريفي إدلب الشرقي والجنوبي، شرعت مديرية الأبنية المدرسية، بالتعاون مع منظمات من المجتمع المدني، في أعمال الترميم مطلع شهر آذار، وشملت مدارس ثانوية وإعدادية في معرشورين، منها ثانوية معرشورين، إعدادية معرشورين، وإعدادية عبد الكريم السرجاوي، إضافة إلى مؤسسات تعليمية أخرى في المنطقة.

مؤشرات أمل: 70 مدرسة أعيد تأهيلها حتى نيسان
وفي بيان رسمي صدر في 21 نيسان/أبريل الماضي، أعلنت وزارة التربية السورية أنها أعادت تأهيل نحو 70 مدرسة منذ سقوط النظام وحتى ذلك التاريخ، وذلك ضمن جهود مستمرة تقودها مديرية الأبنية المدرسية منذ تحرير البلاد.

التعليم هو البداية الحقيقية لإعادة بناء سوريا
رغم كل ما خلفته سنوات الحرب من دمار وانقطاع، أصرّ السوريون العائدون إلى قراهم على أن تكون المدارس أولى محطات الإحياء، وأكدوا من خلال مبادراتهم ومساهماتهم الذاتية أن التعليم ليس ترفاً يمكن تأجيله، بل ضرورة لا تستقيم بدونها الحياة. وبين أنقاض الأبنية المهدّمة، ووسط الإمكانيات الشحيحة، تولد اليوم بيئة تعليمية جديدة، والتي ستكون مميزة بعيدة عن الأسد وشعاراته وتدخلاته.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ